انطلقت اليوم الجمعة مليونيتان في آن واحد، الأولى من أمام المنصة بمدينة نصر، دعا إليه توفيق عكاشة تحت مسمي " الفرصة الأخيرة "، لمناصرة الجيش وتأكيد استمرار حملة عمل توكيلات لوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي لإدارة شئون البلاد، بمشاركة: ائتلاف العسكريين المتقاعدين، والأغلبية الصامتة، وثوار المنصة، وائتلاف مصر فوق الجميع، وأحزاب تيار الاستقلال. والثانية أمام قصر القبة، دعت إليها عدد من القوى الثورية تحت عنوان " قبة الرحيل " للتنديد بممارسات وعنف الداخلية والمطالبة برحيل النظام السياسي. بخلاف الأولى تنوي الثانية الاعتصام أمام القصر حتى رحيل الرئيس. ويشارك فيها ائتلافات شباب الثورة، والحزب السلام الديمقراطي، وائتلاف شباب من أجل مصر، وائتلاف شباب 25. والدعوة للتظاهر حملت رسالة للنظام: لن نرحل ولن نمل، طفح بنا الكيل، ويجب إسقاط مرسى وجماعته. وبخلاف مليونية المنصة التي دعت للتحرك المباشر لمكان التجمع، حددت مليونية اعتصام القبة، مسارات رئيسة التحرك للقصر تنطلق بعد صرة الجمعة، فهناك مسيرة من مسجد النور، وثانية من أمام مسجد مصطفى محمود، وثالثة سراي القبة ورابعة من ميدان الأميرية، بالإضافة لمسيرات تنطلق من مسجد الشيخ كشك والمطرية والوايلى ومسيرة والزاوية الحمراء وشبرا ومسجد السيدة زينب. ويبدو أن عوامل الأجواء السياسية التي باتت على وشك الانفراجة السياسية ومن بعدها المناخية المتقبلة اليوم، كانت لهما تأثيرهما الكبيرة عن معدل المشاركة بهاتين المليونيتين، فحتى الظهر لم يظهر سوى العشرات أمام المنصة، والحال كان أقل بكثير أمام قصر القبة. ما جعلنا نتساءل هل فقدت المليونية سلاحها الضاغط على السلطة..؟ ثم هل فقد أطياف المجتمع حماسة المشاركة بسبب تداعياتها من عنف وضحايا..؟ والشعارات التي رفعتها التظاهرة الأولى، أكدت على أن مصر فوق الجميع إنهم شاركوا فيها دعمًا للجيش لمواجهة الإخوان ورفض التدخل في شئونه، مطالبين إياه بحماية الشرعية وهى الشعب فقط، مؤكدين أن تلك المليونية لن تكون الأخيرة لدعم القوات المسلحة ضد محاولات الأخونة، والتصدي لمحاولات توغل حركة حماس على الحدود. حيث قال مدحت الحداد من ائتلاف العسكريين المتقاعدين أن المظاهرة أتت من اجل إرسال رسالة إلى الرئيس مرسى من أجل الاستماع لصوت الشعب والإحساس بحاله الاحتقان التي تمر بها البلاد. كما أكد على مطالب المظاهرة الأخرى التي تتمثل في مطالبة الرئيس إقالة وزير الداخلية ورئيس الوزراء والقصاص لشهداء إلى جانب تأييد ودعم الجيش لضغط على مؤسسة الرئاسة لتحقيق المطالب التي يطالب بها أهالي بور سعيد وحل مشاكلهم موضحا رفضهم لمبادرات التيار الإسلامي بتكوين لجان شعبية، لكونها مبادرة تقود مصر لحرب أهلية وإلغاء ما يسمى بالضبطية القضائية للمواطنين وأضاف أننا نريد من الجيش تأمين البلاد وليس الحكم. فيما قال سمير راغب من الائتلاف العام للعسكريين المتقاعدين أننا مع مدنية الدولة وليس مع عودة القوات المسلحة للحكم، لكونه تلك العودة تعنى الرجوع إلى نقطة الصفر، موضحا أن أساس الديمقراطية تكوين مؤسسات مدنية يناط بها صنع القرار السياسي والتعبير عن الإرادة العامة للمجتمع، وأن الهدف من التظاهرة اليوم دعم الجيش للحفاظ على الدولة المدنية وعدم تحويلها إلى دولة إخوانية. فيما كشفت سامية زين العابدين المتحدثة باسم ائتلاف الأغلبية الصامتة عن جانب آخر من المطلب يتمثل في والوقوف لجوار رجال الشرطة في تنفيذ مطالب أفرادها المشروعة، والمطالبة بوقف "أخونة" مؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء. وأكدت أن الأغلبية الصامتة ستشارك بقوة من أجل التأكيد على شرعية رجال الداخلية ورفض محاولات تكوين "مليشيات إخوانية" تهدد الأمن القومي المصري ومساندة الجيش في هدم الأنفاق بين مصر وقطاع غزة التي لا تأتي إلا بالشر، حسب زعمها، وشددت على أن الائتلاف يحترم شرعية الرئيس مرسي ولكنه يتضامن مع مطالب الشعب من عدالة اجتماعية، والتنديد بتكوين وزارة داخلية موازية وظهور حركات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، باعتبارها تؤدي إلى الاقتتال والحرب الأهلية بين المواطنين. إلا أن العديد من الحركات الثورية، أعلنت معارضتها المشاركة في مليونية المنصة، فقد أكد تامر القاضي، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد شباب الثورة.. " لن نشارك في المظاهرات أمام المنصة لدعم الجيش وإسقاط الرئيس مرسي، خاصة أن هذا القرار لا يأتي منفردًا ولكن بالتنسيق مع القوى الثورية الوطنية، مشيرًا إلى أن اتحاد شباب الثورة يؤيد إسقاط نظام الرئيس مرسى وجماعته باعتباره نظامًا مستبدًا، ولكننا لا نؤيد عودة الجيش إلى السلطة، مؤكدًا أن اتحاد شباب الثورة يستعد لعدد من الفعاليات سيقوم بطرحها خلال الفترة المقبلة بالتنسيق مع تكتل القوى الثورية الوطنية وسيتم الإعلان عنها بشكل رسمي خلال أيام". كما أكد تلك المعارضة أيضاً، اتحاد شباب الثورة، حيث قال متحدثها الرسمي حمادة الكاشف.." لسنا في حاجة لدعم الجيش فهو لم يتخذ موقفا إيجابيا حتى الآن ". إلا أنه أشار بالوقت ذاته، لسعى القوى الثورية والوطنية، من خلال التنسيق بينها، العمل على أرض الواقع من أجل إسقاط "الحكم الإخواني"، حسب وصفه، دون استدعاء الجيش. كما رفضها أيضاً أحمد قشطة العضو المؤسس لشباب حزب الدستور، مؤكدا أنه لا نية لشباب الحزب للمشاركة في مليونية دعم الجيش. وقال إن شباب الثورة لن يتقبلوا أبداً فكرة عودة الحكم العسكري، كما أن الثوار لن ينسوا مساويء الحكم العسكري، رافضا أن يكون الجيش هو البديل للنظام الحالي.. وأشار إلى أن البديل المقترح، حال سقوط النظام، هو تولى المحكمة الدستورية تشكيل مجلس رئاسي من خمسة أشخاص يتم اختيارهم بالانتخاب أو بالتعيين، وفقاً لرؤية المحكمة، ثم البدء في صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية. كما رفضت العديد من القوى الإسلامية المشاركة أيضاً، وصف علاء أبو النصر، الأمين العام لحزب البناء والتنمية، المظاهرة ب" الرخيصة"، مؤكدا أنها لن تلقى أي قبول من الشعب مثل سابقتها التي لم يحضرها أكثر من 150 مواطنا فقط، مشيرا إلى أن مطالب هذه المليونية بعيدة عن أرض الواقع تماما. واعتبر أبو النصر المطالبة بإسقاط الرئيس واسترجاع الجيش إلى الحكم مرة أخرى نوعا من الاعتداء على الشرعية المرفوض تماما، والذي ينذر بسقوط الدولة وسقوط أي رئيس مقبل مهما كان انتماؤه السياسي، لافتا إلى أن فترة حكم الجيش عانى خلالها الشعب أكثر من الوقت الراهن. وأشار إلى أنه "برغم حالة الانفلات الأمني لكن هناك نجاحات على أرض الواقع، فلدينا دستور تم اختياره من قبل الشعب ولدينا مجلس شورى ونستعد لمجلس النواب ". من جانبه، أكد علي فراج عضو الهيئة العليا للحزب الإسلامي، رفضه أي تجمعات للمواطنين في ظل الانفلات الأمني المتزايد بالشارع المصري، مما يعرض المواطنين لاحتمال عدوان مسلح من أطراف معينة، مشيرا إلى أن الرجوع إلى الدولة العسكرية مستحيل والجيش له دوره الأمني والدفاعي عن الحدود. وأشار إلى أن الداعين لهذه المليونية كانوا من أكثر المطالبين بالدولة المدنية وسرعة وجود رئيس منتخب للبلاد، معتبرًا أن دعوتهم جاءت على خلفية بغضهم لجماعة الإخوان وحكمهم.