لم يكن فوز الأهلي بلقب دوري أبطال إفريقيا، وكل من العداء الجزائري توفيق مخلوفي والسباح التونسي أسامة الملولي بميدالية ذهبية في دورة الألعاب الأوليمبية (لندن 2012) سوى مسحة من السعادة، في مواجهة أحزان وإخفاقات عديدة على ساحة الرياضة العربية في عام 2012. وتلقت الرياضة العربية العديد من اللطمات على مدار هذا العام ولم يكسر حدة الحزن سوى تحسن الحصاد العربي في أوليمبياد لندن عنه في أوليمبياد بكين 2008 من ناحية والإنجاز، الذي حققه الأهلي برغم الأزمة الكبيرة التي تعيشها كرة القدم المصرية منذ شهور. وبعد أربع دورات متتالية كان فيها لقب كأس الأمم الإفريقية من نصيب الكرة العربية، خلت المباراة النهائية لكأس إفريقيا 2012 في غينيا الاستوائية والجابون من ممثلي الكرة العربية حيث فشل المنتخب المصري الفائز باللقب أعوام 2006 و2008 و2010 في التأهل للنهائيات والدفاع عن لقبه. كما خرج المنتخبان الليبي والمغربي من الدور الأول وسقط المنتخبان السوداني والتونسي، الفائز بلقب البطولة عام 2004، في دور الثمانية لينحصر الصراع في المربع الذهبي خارج نظاق المنطقة العربية. وتوالت سقطات الكرة العربية في الشهور التالية وكان أبرزها خروج المنتخب المصري صفر اليدين من تصفيات كأس إفريقيا 2013 التي تستضيفها جنوب إفريقيا ليغيب أحفاد الفراعنة أصحاب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب (سبع مرات) عن النهائيات لمرتين متتاليتين وهو ما لم يحدث من قبل على مدار تاريخ البطولة. وعلى الجانب الآسيوي، لم يكن حظ العرب أفضل حالا منه في الشق الإفريقي، حيث ودعت منتخبات السعودية والبحرين والكويت التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2014 من الدور الثالث وفشلت في بلوغ المرحلة النهائية من التصفيات. وهذه هي المرة الثانية على التوالي التي يغيب فيها المنتخب السعودي عن النهائيات بعد أربع مشاركات متتالية في أعوام 1994 و1998 و2002 و2006. وعلى مدار النصف الأول من المرحلة النهائية للتصفيات الأسيوية، لم تقدم المنتخبات العربية الأخرى الباقية ما يشير إلى وجود فرص كبيرة لها نحو التأهل إلى النهائيات، حيث ابتعدت جميعها عن المركزين الأول والثاني في كل من المجموعتين بهذه المرحلة من التصفيات وتحتاج إلى طفرة حقيقية فيما تبقى من مسيرتها بهذه المرحلة إذا أرادت المنافسة على بطاقات التأهل التي ضمن المنتخب الياباني إحداها بشكل عملي وإن كان لم يحسمها بشكل رسمي حتى الآن. لكن اللطمة الكبرى للكرة العربية وللرياضة العربية بشكل عام كانت على ضفاف المستطيل الأخضر حيث شهدت مباراة الأهلي مع المصري البورسعيدي في الدوري المصري لكرة القدم مجزرة مروعة بعد تلاحم جماهير الناديين في المدرجات، مما أسفر عن مقتل أكثر من 70 من مشجعي الأهلي وإصابة المئات. وتسببت هذه المجزرة في توقف النشاط الرياضي في مصر ثم إلغاء مسابقة الدوري في الموسم الماضي إضافة لعدم وضوح الرؤية بالنسبة للمسابقة في موسمها الجديد الذي لم ينطلق حتى الآن وذلك ضمن العديد من التبعات التي خلفتها هذه الكارثة. ورغم هذه الصورة القاتمة التي عاشها الأهلي وجماهيره في عام 2012 أعلن فريق "الشياطين الحمر" عن تحديهم للظروف وشقوا طريقهم بنجاح ليرسموا صورة الأمل من جديد من خلال انتصاراتهم الأفريقية بقيادة مديرهم الفني الوطني حسام البدري. وارتدى البدري عباءة الإجادة مع لاعبي الفريق ولم يلتفت للمقارنات التي حاول البعض عقدها بينه وبين المدرب البرتغالي مانويل جوزيه الذي ترك الفريق بعد سنوات من النجاحات والإنجازات. وتغلب البدري وفريق الأهلي على مشكلة نقص الاحتكاك الرسمي في ظل توقف النشاط الكروي وواصل الفريق انطلاقته حتى نهائي دوري أبطال إفريقيا، الذي ضمن لقبا عربيا خالصا، حيث التقى فيه الأهلي الترجي التونسي حامل اللقب، وكان الفوز والتتويج من نصيب الأهلي برغم التعادل 1/1 في القاهرة ذهابا قبل الرد القوي والفوز 2/1 في تونس إيابا. وكان وصول الأهلي والترجي للنهائي من البسمات القليلة التي شهدتها ساحة الرياضة العربية في عام 2012 وأتبعها الأهلي بعروض جيدة ومقنعة في كأس العالم للأندية باليابان والتي شارك فيها الأهلي للمرة الرابعة. واجتاز الأهلي عقبة هيروشيما الياباني في عقر دار الأخير بالدور الثاني ولكنه سقط في فخ الهزيمة صفر/1 أمام كورينثيانز البرازيلي بالمربع الذهبي برغم الفرص العديدة التي صنعها الأهلي وأضاعها لسوء الحظ، وأحرز الأهلي المركز الرابع في البطولة بعد هزيمته أمام مونتيري المكسيكي في مباراة تحديد المركز الثالث ولكنه قدم عرضا جيدا أيضا في معظم فترات المباراة. وحملت الأيام الأخيرة من العام ابتسامة أخرى للرياضة العربية عن طريق الأهلي، حيث فاز النادي بلقب أفضل ناد في القارة السمراء في استفتاء الاتحاد الإفريقي للعبة (كاف) وفاز لاعبه محمد أبو تريكة بلقب أفضل لاعب داخل القارة، بخلاف فوز مواطنه محمد صلاح نجم بازل السويسري بلقب أفضل لاعب صاعد في نفس الاستفتاء. وعلى الجانب الآسيوي، كانت الكرة العربية في طريقها إلى تحقيق إنجاز مماثل بعدما بلغ الأهلي والاتحاد السعوديان المربع الذهبي لدوري أبطال آسيا ولكنهما التقيا سويا في المربع الذهبي ليتأهل الأهلي إلى النهائي قبل أن يسقط في فخ الهزيمة أمام أولسان هيونداي الكوري الجنوبي. كما فقدت الكرة العربية في 2012 واحدا من أبرز رموزها برحيل محمود الجوهري المدير الفني السابق لمنتخبي مصري والأردن والعديد من الفرق والمنتخبات وصاحب إنجاز التأهل بالمنتخب المصري إلى نهائيات كأس العالم 1990 بإيطاليا. ولم يتردد الكاف في تكريم الجوهري خلال حفل الجوائز الذي أقيم في وقت سابق من الشهر الحالي حيث منحه جائزة الأسطورة وهي جائزة استحقها "جنرال" الكرة المصرية. وعلى مستوى الألعاب الجماعية الأخرى ، كان الأهلي هو صاحب الإنجاز الوحيد أيضا حيث توج بلقب كأس الأندية الإفريقية لكرة اليد بعد الفوز على الزمالك في النهائي علما بأن المربع الذهبي للبطولة كان عربيا خالصا بوجود كسكادا الجزائري والترجي التونسي اللذين خسرا في الدور قبل النهائي أمام القطبين المصريين. ولكن منتخبات الألعاب الجماعية بما فيها منتخبا مصر والإمارات لكرة القدم لم تحقق أي إنجاز ملموس في فعاليات دورة الألعاب الأولمبية (لندن 2012). وبينما اشتعل سباق الذهب بين البعثتين الصينية والأمريكية وكذلك بعثات روسيا وبريطانيا وكوريا الجنوبية وألمانيا، اقتصر إنجاز الرياضة العربية في أوليمبياد لندن على 12 ميدالية متنوعة منها ذهبيتين فقط إضافة إلى ثلاث فضيات وسبع ميداليات برونزية. وربما تحسن الحصاد العربي عما كان عليه في أوليمبياد بكين 2008 بفارق أربع ميداليات متنوعة ولكنه ظل بعيدا عما يليق بممثلي أكثر من 20 دولة عربية، كما كان أقل كما من حصاد العرب في أولمبياد سيدني 2000 والذي بلغ 14 ميدالية متنوعة وأقل كيفا من حصادهم في أولمبياد أثينا 2004 والذي بلغ عشر ميداليات متنوعة منها أربع ذهبيات. وكان الذهب هذه المرة من نصيب السباح التونسي أسامة الملولي في سباق عشرة كيلو مترات في المياه المفتوحة لتكون الدورة الأوليمبية الثانية التي يحرز فيها الملولي ذهبا، حيث سبق وأن توج بذهبية سباق 1500 متر في أوليمبياد بكين قبل أن يحرز برونزية هذا السباق أيضا في أوليمبياد لندن. أما الذهبية الثانية للعرب في لندن فجاءت في سباق 1500 متر عدو عن طريق العداء الجزائري توفيق مخلوفي الذي أعاد ذكريات مواطنه نور الدين مرسلي الذي أحرز ذهبية نفس السباق في أوليمبياد أتلانتا 1996. وكان مخلوفي مهددا بعدم إحراز هذه الميدالية بعد استبعاده من الدورة بدعوى عدم الجدية في سباق 800 متر ولكنه قدم تظلما أكد فيه أن الأمر لم يكن لعدم الجدية وإنما للإصابة ليعود إلى الدورة وينتزع الذهبية. وفاز عبد العاطي إيكيدر ببرونزية نفس السباق لينقذ ألعاب القوى المغربية صاحبة الصولات والجولات من الخروج صفر اليدين برغم استبعاد مواطنيه أمين لعلو ومريم العلوي وسط اتهامات حاصرت البعثة المغربية بتعاطي المنشطات. وفي مجال ألعاب القوى أيضا فازت البحرينية مريم جمال ببرونزية 1500 متر لتصبح أول فتاة خليجية تفوز بميدالية أوليمبية كما فازت التونسية حبيبة لغريبي بفضية سباق ثلاثة آلاف متر موانع وفاز القطري معتز برشم ببرونزية مسابقة الوثب العالي. بينما جاءت باقي الميداليات العربية عن طريق القطري ناصر العطية (برونزية مسابقة الاسكيت في الرماية) والكويتي فهيد الديحاني (في مسابقة الحفرة بالرماية) والمصري كرم جابر (فضية وزن 84 كيلو جراما بالمصارعة الرومانية) ومواطنه علاء الدين أبو القاسم (فضية سلاح الشيش في المبارزة) والمنتخب السعودي (برونزية الفرق لقفز الحواجز في الفروسية). وبقدر ما منحت هذه الميداليات بعض السعادة والأمل للرياضة العربية في عام حافل بالأحزان على مستوى كرة القدم، كان استمرار الحصيلة الهزيلة للرياضة العربية في الدورات الأوليمبية حلقة جديدة في سلسلة الإخفاقات.