حذر خبراء مصرفيون واقتصاديون من موجة ارتفاع للأسعار بسبب الصعود المتتالي لقيمة الدولار الأمريكي، أمام الجنيه المصري، الأمر الذي يزيد من تكلفة فتح الاعتمادات المستندية للاستيراد وقيمة الواردات المصرية من الخارج. كان الدولار الأمريكي قد واصل ارتفاعه أمام الجنيه المصري، بسوق الصرافة المحلية، الأسبوع الماضي، متأثرًا بالتطورات السياسية التي تشهدها مصر، واستمرار الجدل حول الدستور الجديد، المزمع طرحه للاستفتاء في 10 محافظات بالجمهورية غدًا السبت، على أن يطرح بباقي المحافظات السبت بعد القادم. وقال الخبير المصرفي أحمد آدم إن ارتفاع الدولار سيؤدي إلى زيادة فاتورة الاستيراد وموجة من اشتعال الأسعار خصوصًا بالمواد الغذائية ومستلزمات الإنتاج، الأمر الذي سيلقي أعباءً كبيرة على المواطنين لاسيما مع ثبات المرتبات، موضحًا أن معدلات التضخم التي يتم الإعلان عنها من قبل البنك المركزي وجهاز التعبئة والإحصاء لاتعبر بصورة حقيقية عن الواقع. كان البنك المركزي، قد أكد الإثنين الماضي، أن معدل التضخم الأساسي سجل معدلاً شهريًا سالبًا قدره 0.25% خلال نوفمبر مقابل 1.18% خلال أكتوبر السابق عليه، فيما قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن معدل التضخم الشهري تراجع بنسبة 1.5% مقارنة بأكتوبر السابق عليه ليسجل 126.6 نقطة. ويقول آدم إن أغلب الطلب على الدولار بالسوق المصرية، يتوجه إلى فتح الاعتمادات المستندية كالاستيراد، مشيراً إلى أن البنوك لاتقوم بفتح الاعتمادات خلال الفترة الأخيرة في ظل عدم وجود سيولة كافية حيث قامكت بتوجيهها لشراء أذون الخزانة الدولارية التي تطرحها وزارة المالية، متوقعًا عودة "الدولرة" أو استخدام العملية الأمريكية كمخزون للقيمة، والذي كان قد انتهى بتحرير سعر الصرف في 2003. ويقول الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بتجارة الأزهر، إن مصر تستورد 60% من احتياجاتها من الخارج لاسيما السلع الغذائية والأساسية، موضحًا أن صعود الدولار يدفع بأسعار تلك المواد للارتفاع وسيتحمل المستهلك النهائي التكلفة نظرًا لأن المستورد أو المنتج المحلي سيحمل فارق السعر له حتى لو تراجع الدولار في المستبقل القريب، لافتًا إلى أن الارتفاع يأتي في ظل تراجع إيرادات مصر الدولارية من السياحة والتصدير واعتمادها على قناة السويس كمصدر لتوفير العملة الأجنبية. وسجلت واردات مصر من السلع والخدمات ارتفاعًا خلال العام المالي "2012/2011 بنسبة 10.8% مقارنة بارتفاع 8.4% خلال العام المالى السابق، بينما تقدر الدراسات ما أنفقته مصر 10.2 مليار دولار على شراء المواد الغذائية خلال عام 2011 من ضمنها 34% تم توجيهها لاستيراد الحبوب. ويضيف فاروق العشري، الخبير الاقتصادي، أن ارتفاع العملة الامريكية سينعكس على جميع السلع صسواء أكانت غذائية أم صناعية أم وسيطة مما يسبب موجة من الغلاء، متوقعاً أن يستمر الجنيه الماضي في التراجع، أمام الدولار في الفترة القادمة في ظل معدلات تراجعه اليومية حاليًا وارتفاع اسعار الخامات والنقل عالمًيا. وأشار إلى أن المشكلة تتعقد مع انخفاض احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلى 15 مليار دولار لاتغطي سوى شهرين ونصف الشهر من احتياجات السوق والاستيراد، مبينًا أن ارتفاع الدولار سيؤثر على الموازنة العامة للدولة حيث سيزيد عبء سداد فوائد وأقساط الديون الخارجية لاسيما مع الارتباط الوثيق بين العملتين المصرية والأمريكية. ووفقًا لبيانات وزارة المالية عن شهر نوفمبر الماضي، بلغ رصيد الدين الخارجى 34.4 مليار دولار فى نهاية يونيو 2012 مقابل 34.9 مليار دولار فى نهاية يونيو من العام السابق، إلا أنه لم تصدر بيانات من وزارة المالية توضح الدين الخارجى عن الفترة المنتهية فى سبتمبر 2012.