تتباين مظاهر الاحتفال فى شهر رمضان الكريم من محافظة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر حسب طبيعة قاطنيه وموروثهم الثقافى الذى لا يزالون يحافظون عليه وطبيعتهم والبيئة التى يعيشون فيها. وفى محافظة جنوبسيناء يقول أحمد فرج شيخ قبيلة الجبالية بسانت كاترين إنه يظل المقعد البدوى فى المناطق التى تم تعميرها والخيمة البدوية فى الصحراء سمة مميزة للمجتمعات البدوية خلال شهر رمضان الكريم ولايزال البدو يحافظون عليها كعادة متوارثة عبر الأجيال. ولفت إلى أنه قديماً كان المقعد البدوى عبارة عن بيت شعر أو المعروف لدى العامة بالخيمة البدوية والذى يصنع من شعر الماعز لما له من فوائد جمة، حيث يقى قاطنيه حرارة الشمس فى فصل الصيف، ويمنع تسرب مياه الأمطار إلى داخل الخيمة فى فصل الشتاء. وأضاف أنه عادة ما كانت الخيمة البدوية تقام على بعد أمتار من خيام ساكنى التجمع البدوي، ولا يجرؤ الضيف أياَ كان منصبه الاقتراب من بيت الشعر إلا على بعد 100 متر، حيث يتم قياسها بالخطوة، وهى 100 خطوة حتى يستأذن ويسمح له بالدخول إليها، مشيرا إلى أن ذلك هو المتعارف عليه بين البدو حتى لا يكشف من بداخل البيت، ومن يقترب منها يعرض نفسه لجلسة قضاء عرفى يحكم عليه القاضى خلالها بما يراه مناسبا لردعه وحتى لا تسول للأخرين أنفسهم اقتحام الخيمة أو بيت الشعر إلا بعد السماح له من أصحابه. وتابع « أما اليوم فقد أصبح المقعد البدوى أو دار المناسبات مبنياً من الطوب ومفروشاً من الداخل بالرمال الصفراء ذهبية اللون، ومشيرا إلى أنه يتم تجهيزه قبل شهر رمضان بمستلزمات استقبال الضيوف، ومنها الدقيق لصناعة «الفراشيح»، وهو بديل الخبز، فضلا عن شجر السيال الذى يصنع منه الحطب لتجهيز الشاى والقهوة البدوى من البن الأخضر الذى يقوم أهل البادية بتحميصه وطحنه يدوياً، بالإضافة إلى القمح المجروش الذى تقوم السيدات البدويات بطحنه على الرحايا لتصنع منه شوربة القمح أو ما يطلق عليها داخل البادية «الجريشة». وأكد فرج أن أهل البادية لايزلون يحرصون على فرش المقعد البدوى بالكليم البدوى متعدد الألوان « الجولج «، بالإضافة إلى الوسائد التى توضع على الرمال، وفى منتصف المقعد توضع «راكية» النار وعليها «بكرج» الشاى والقهوة. وأشار إلى أنه عادة ما يتم تناول وجبة الإفطار الرئيسية والسحور أيضاً داخل المقعد البدوي، وتتكون من «فتة العفيج» المطهوة ب «السمن الشيحي»، وهى عبارة عن «فراشيح» يتم تقطيعها وتوضع فى إناء كبير ويضاف إليها السمن التى تصنع فى فصل الربيع من ألبان الماعز الذى يضاف إليه عشب الشيح ليعطيها لوناً أصفر مميزاً ورائحة رائعة، بالإضافة إلى «العفيج» وهو لبن الماعز الذى يتم تجفيفه. ويتناول أهل البادية خلال الإفطار فى شهر رمضان فتة اللحم المسلوق بالفراشيح والأرز والسلطة، والتى يطلق عليها العرب فى دول الخليج والسعودية «المنسف» ويرجع هذا الاسم نسبة لقيام أهل البادية بتناوله كاملاً أو نسفه على حد تعبيرهم حيث تطهى اللحوم وتوضع فوق الأرز المطهو بشوربة اللحم ويوضع عليها الفراشيح وتقدم ساخنة. ويقدم التمر قبل الإفطار وبعده حلوي، ويتم اعداده من العام إلى العام لتناوله فى رمضان، حيث يوضع فى «السعن» أو «الجفير»، وهو عبارة عن سعف النخيل الذى يصنع كأنه وعاء ويضاف للبلح الجمعى عشب الحبق ليعطيه نكهة مميزة.