رغم حداثة سنه الذى لم يتعد 25 عاما لم يضع "م" سقفا لطموحه وأحلامه المجنونة وعاش يحلم بيوم يصبح فيه من أصحاب الملايين وزاد تمرده على حاله كلما رأى بعض أقرانه فى قريته وسط مدينة كوم أمبو وهم ينفقون ببذخ. سيطرت الأحلام المجنونة على أفكار فتى القرية الذى كان قد خرج إلى الحياة بعد معاناة أبيه الذى حرم كثيرا من الإنجاب وفى سنواته الأولى من العمر كان الطفل «م» هادئا ومطيعا حتى بلغ السادسة من عمره والتحق بإحدى المدارس القريبة من قريته وما إن تخطى هذه المرحلة ودخل فى سنوات المراهقة تغير سلوكه وصار مصدر قلق لأسرته. دارت عجلة الزمن ودخل «م» مرحلة جديدة من العمر فى العقد الثانى ووجد الشاب فى نفسه صحة وعضلات مفتولة جعلته يغتر بنفسه خاصة بعد أن أصبح محترفا للسهرات مع المارقين وأرباب السوابق وفى هذه السهرات أدمن المخدرات وأصبح مطالبا بتدبير نفقاتها اليومية وفى الوقت نفسه كان يتفجر حسدا وحقدا على أقرانه ندماء السوء من المتيسرين، خاصة وهو يراهم كل يوم ينفقون ببذخ وإسراف على ملذاتهم. وبمرور الأيام لم يجد «م» من يحنو عليه بعد أن عجز على تدبير أحواله ومن جديد داعبته وراودته أحلام الملايين التى كان يحلم بها وبإرادته استقل بعيدا عن أسرته التى عاشت فى هدوء بعد رحيله. بدأ «م» تنفيذ مخططه الشيطانى الذى دفعه إلى اللجوء لتاجر كبير ومعروف داخل إحدى العزب الشهيرة بمركز كوم أمبو ، وعند هذا التاجر كان الخبر اليقين الذى تلقاه الشاب بموافقة الكبير على العمل لديه مقابل نسبة من الترويج ووسط هذا العالم فوجئ «م» بعالم آخر يتناول أساطير تجار السموم البيضاء الذين حلقوا فى سماء عالم الأثرياء بالحرام لتنعش هذه الروايات أحلامه من جديد وهو يمنى نفسه بأن يكون ذات يوم واحدا من هؤلاء الأساطير. قضى «م» ثلاث سنوات فى خدمة التاجر الكبيروبعدما سال المال الحرام بين يديه بشكل لم يكن يتوقعه استأذن معلمه فى العمل منفردا. تمكن «م» وفى فترة وجيزة من عقد العديد من الصفقات وخلال عام واحد اقترب من تحقيق حلمه بالوصول إلى خانة الأصفار الستة وتزوج الشاب بعيدا عن أهله الذين تبرأوا من أفعاله الإجرامية وبعد سنة أخرى ظهرت معالم الثراء عليه مما جعل أقرانه يتعجبون من هذا التغير الذى طرأ عليه خلال عامين. ومن خلال تتبع رجال مباحث مركز كوم أمبو برئاسة المقدم عمرو علام لنشاط الخارجين على القانون وتجار السموم البيضاء حيث وردت معلومات لرجال الشرطة السريين حول نشاط «م» الذى تلاحظ عليه علامات الثراء الفاحش من خلال حصده الأموال الحرام عن طريق ترويج السموم البيضاء. وعلى الفور وجه رئيس المباحث كلا من النقيبين حسين أيمن وعمرو أبو النصر اللذين أجريا تحرياتهما حول نشاطه ودلت المعلومات على أنه يقيم بإحدى مناطق المدينة بعيدا عن قريته وأنه يقوم بترويج السموم البيضاء على عملائه من خلال الهاتف المحمول وبعض معاونيه من الصبية والناضورجية. بتكثيف التحريات تم تحديد بؤرة «م» وعقب استكمال كافة المعلومات تم إخطار اللواء مدير المباحث الجنائية الذى وجه على الفور بتقنين الإجراءات وسرعة ضبط المتهم تنفيذا لتوجيهات اللواء عصام عثمان مساعد وزير الداخلية ومدير الأمن. عقب تقنين كل الإجراءات تم تشكيل فريق من رجال المباحث قاده المقدم عمرو علام رئيس مباحث مركز كوم أمبو حيث كان الفريق على موعد مع ضبط «م» فى الساعات الأولى من فجر أحد الأيام الذى سقط متلبسا بكمية من مخدر الحشيش، بالإضافة إلى حيازته لبندقية آلية ومن بؤرته إلى ديوان المركز تم اقتياده لتحرير المحضر اللازم قبل عرضه على النيابة العامة التى أمرت بحبسه وتحريز المضبوطات مع سرعة تقديمه لمحاكمة عاجلة.