يعتبر فوز البابا تواضروس الثاني بمنصب البابا رقم 118 في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية نقطة تحول رئيسية في تاريخ الكنيسة، فهو يأتي في بداية عهد جديد في مصر بعد ثورة 25 يناير، كما يأتي في بداية عهد رئيس جديد للبلاد هو الرئيس محمد مرسي أول رئيس مدني لمصر ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى أنه يخلف البابا الراحل شنودة الثالث الذي حظى بحب المصريين جميعا واشتهر باسم بابا مصر والعرب. وتنتظر البابا الجديد عدة ملفات ساخنة سواء داخل الكنيسة أو خارجها، سيكون عليه أن يتعامل معها بحكمة؛ ليقود سفينة الكنيسة كما أدارها سلفه. وتأتي لائحة انتخاب البطريرك على رأس الملفات الداخلية الخاصة بالكنيسة التي يتعين على البابا تواضروس الثاني أن يتعامل معها، إذ وقع المرشحون الثلاثة الذين وصلوا إلى مرحلة القرعة الهيكلية على تعهد بتعديل لائحة انتخاب البطريرك خلال عام من اعتلاء أحدهم للكرسي البابوي. ويطالب الأقباط بتوسيع دائرة الناخبين التي تشمل حاليا 2412 مسيحيا طبقا للائحة انتخاب البطريرك التي وضعت عام 1957، التي تنص المادة الثامنة منها على أن يكون الناخب " قد بلغ من العمر 35 سنة ميلادية على الأقل في تاريخ خلو الكرسي البطريركى، وأن يكون حاصلا على شهادة دراسية عالية أو أن يكون موظفًا حاليًا أو سابقًا في الحكومة المصرية والهيئات ولا يقل مرتبه عن أربعمائة وثمانين جنيها سنويا، أو موظفا بأحد المصارف أو الشركات أو المحال التجارية أو ما يماثلها ولا يقل مرتبه عن ستمائة جنيه سنويا، أو يكون ممن يدفعون ضرائب لا تقل عن مائة جنيه سنويا، ويشترط في الحالة الأخيرة أن يكون الناخب ممن يجيدون القراءة والكتابة، وأن يتم اختياره بمعرفة إحدى الجهات الموكول إليها ذلك في المادة التالية وبالطريقة التي تحددها لجنة الترشيح". ويرى الأقباط أن ذلك النص بحاجة إلى التحديث لأنه معايير عام 1957 لم تعد صالحة للتطبيق حاليا، خاصة أنها تتجاهل فئات كثيرة أبرزها أعضاء النقابات وأساتذة الجامعات والباحثين. كما يطالب البعض بإلغاء القرعة الهيكلية ليكون اختيار البابا الجديد بانتخاب مباشر من المسيحيين المقيدين في جداول الانتخاب داخل البطريركية. كما تثير المادة الثانية الخاصة بالمرشح للكرسي البابوي جدلا في الأوساط الكنيسة، وتنص المادة على أن يكون المرشح " مصريا قبطيا أرثوذكسيا، وأن يكون من طغمة الرهبنة المتبتلين الذين لم يسبق لهم الزواج سواء كان مطرانا أو أسقفا أو راهبا، وأن تتوافر فيه جميع الشروط المقررة فى القوانين والقواعد والتقاليد الكنسية، وأن يكون قد بلغ من العمر أربعين سنة ميلادية على الأقل عند خلو الكرسى البطريركي، وأن يكون قد قضى في الرهبنة عند التاريخ المذكور مدة لا تقل عن 15 عامًا". ويطالب بعض الأقباط بتعديل تلك المادة لحظر ترشح الأساقفة والمطارنة الذين يتولون ايبراشيات أو مطرانيات لأنه بعد رسامتهم على تلك الايبراشيات والمطرانيات لا يمكن رسامتهم على أي منصب آخر حتى لو كان الكرسي البابوي. أما ثاني الملفات الداخلية في الكنيسة التي تواجه البابا الجديد فهي لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية والتي أباحت الطلاق لتسعة أسباب، هي الغياب، والجنون أو المرض المعدي، والاعتداء الجسدي، وإساءة السلوك والانغماس في الرذيلة، وإساءة العشرة واستحكام النفور، وترهبن أحد الزوجين، والزنى، والفرقة، وتغيير الدين، إلا أن البابا الراحل شنودة الثالث ألغاها واعتمد لائحة جديدة عام 2008 تنص على أن يكون الطلاق لعلة الزنى فقط حسب نص الإنجيل. ويمثل هذا الملف صداعا في رأس البابا تواضروس الثاني بسبب تزايد حالات الطلاق المعروضة على المجلس الاكليريكي العام، المعني بالنظر في أحوال الزواج والطلاق وإصدار تصاريح الزواج الثاني للمسيحيين، الذي يرأسه بالإنابة الأنبا بولا أسقف طنطا، المتحدث الرسمي باسم لجنة الانتخابات البابوية. أما الملف الكنسي الثالث الذي سيتعين على البابا الجديد فتحه رغم ما قد يسببه له من حرج هو التحقيق في الطعون التي تم تقديمها ضد بعض المرشحين ال17 الذي تقدموا للترشح على الكرسي البابوي، وتم استبعادهم بسبب تلك الطعون التي تحدثت عن وقائع فساد مالي. وبالنسبة للملفات المهمة خارج الكنيسة، يخص أغلبها علاقة الكنيسة بالدولة، وهي مؤجلة منذ عهد النظام السابق، مثل إقرار مشروع القانون الموحد لبناء دور العبادة، الذي ظل حبيس أدراج البرلمان في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وسيسمح القانون في حال إقراره، للمسيحيين ببناء الكنائس، الأمر الذي قد يقضي على جزء كبير من المشاكل الطائفية التي تحدث بين وقت وآخر، بسبب صلاة المسيحيين في أحد المنازل، بسبب عدم منح السلطات المعنية تصريحًا لهم ببناء كنيسة، خاصة في القرى الريفية وفي الصعيد . وثاني الملفات الخارجية التي من المتوقع أن يهتم بها البابا تواضروس الثاني هي إقرار قانون عدم التمييز الذي ينص على المواطنة الكاملة وعدم التمييز ضد أي شخص بسبب ديانته. والملف الثالث الذي سيتعين على البابا تواضروس الثاني فتحه هو قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين، الذي سيتيح للمسيحيين الاحتكام إلى شرائعهم في قضايا الأحوال الشخصية التي ينظرها القضاء، الذي كثيرا ما يصدر حكما بتطليق زوجين، ولا تعترف به الكنيسة لأنها ترفض الطلاق، وكان البابا الراحل شنودة الثالث دائما ما يقول "من يطلقه القضاء، يزوجه القضاء".