«حب العزيز.. الأربعة بقرش»، أغنية شهيرة قديمة لنبات حب العزيز الذي كان يباع أمام المدارس ؛ ولكنه اختفى فجأة ليقتصر بيعه في مولد السيد البدوي في طنطا وعندما ظهر فجأة في شوارع القاهرة أصبح الأربعة ب20 جنيهًا. الجيل الجديد لا يعرف ما هو "حب العزيز" ولمن لا يعرفه فهو نبات فرعوني استخدم في الدواء لعلاج عدد من الأمراض والعلاج الطبيعي ؛ ووجدت آثار له في مقابر الفراعنة واستدلوا على وجودة من خلال بردية ايبرس الطبية الفرعونية ؛ ويزرع الآن في رشيد ؛ وله فوائد غذائية لا حصر لها ومفيد أيضا لمرضى حساسية الجلوتين ؛ تطلبه ألمانيا الآن لاستيراده ولكن بمواصفات سليمة في زراعته ؛ ورغم تاريخه إلا أن "حب العزيز" أصبح من الذكريات التي لا يعلم عنها أحد. البداية كانت مع سؤال لطفل صغير يمر أمام عربة "حب العزيز" التي ظهرت فجأة بمنطقة وسط البلد بالقاهرة ووقف يشير إلى "حب العزيز" وهو يسأل إيه دا ؟. محمد- بائع حب العزيز- قال إن كثير من المارة سألوه عن حب العزيز ولا يعرفونه ؛ وحاول أن يشرح لهم، ومنهم من اقتنع وقام بشراء الأربعة من حب العزيز ب 20 جنيها ؛ ومنهم من استغربه وتركه وتجاهل الأمر. طبيعي لا يقبل الكيماوي قال طارق وحوح تاجر ومزارع حب العزيز ، إنه يزرع حب العزيز منذ 40 عامًا ويتم زراعته في رشيد بمساحات كبيرة ؛ ولا يزرع حب العزيز إلا في رشيد فقط على مستوى العالم نتيجة لخصوبة الأرض في رشيد ثم يتم تصديره لبعض الدول ؛ وهو مفيد للقولون وعسر الهضم وزيادة الخصوبة . وتابع وحوح ، تبدأ زراعة حب العزيز من 20 مارس حتى 10 مايو ؛ ويتم الحصاد بعد 100 يوم ؛ ويتم زراعته من نفس التقاوي التي تنتجها الزرعه ولا يتم استيرادها ؛ حب العزيز في الأرض يكون عبارة عن عشب شبيه لزراعة الأرز ويتم تقليع الزرعه أثناء حصاده ثم غربلته وتنقيته من الشوائب ثم يتم حفر بركة كبيرة تعزل جدرانها بالمشمع ثم تملأ بالماء وينزل الفلاح إلى هذه الحفرة لغسل حب العزيز فيها ؛ ثم يباع أو يتم تجفيفه وتخزينه في أجولة من الخيش . ولفت وحوح إلى أن حب العزيز محصول لا يقبل استخدام الكيماوي والرش في زراعته ؛ وقد اكتشفوا ذلك من خلال تجارب الأجداد لأنه عندما استخدموا الكيماوي وجدوا أنه فشل مع حب العزيز وتسبب في خسارتهم لنصف المحصول ؛ وهو يزرع في أرض رملية وأرض رشيد لا يصلح أن يزرع فيها إلا حب العزيز فقط ؛ ويروى بمياه النيل الحلوة لأن المياه المالحة تتسبب في تجير الزرع وكأنه باهت . وتابع: حب العزيز نوع واحد فقط الأصفر من الخارج ؛ ولا يوجد نوع ثاني لكن التفسير في وجود حب العزيز الغامق أو تسمى الحبة الحبشية التي قد تظهر في الأسواق نتج بسبب أسلوب خطأ في زراعته ؛ لأنه المفروض لإنتاج محصول جيد هنا تزرع الأرض عام ثم نتوقف العام الذي يليه ؛ لكن الزراعة كل عام متتالية تتسبب في تغيير لون المحصول وانخفاض إنتاجيته ؛ وكانت سوريا تستورده من مصر ولكن أكثر الدول شراء له من مصر هي السعودية والجزائر ؛ وكان سعره العام الماضي الكيلو ب 50جنيها أما السعر الحالي 25 جنيها ؛ والسبب يرجع إلى أن السوق العام الماضي توقفت بسبب كورونا وتم تخزين حب العزيز ولم يباع المحصول القديم ومع إنتاج المحصول الجديد اضطر الفلاح إلى أن يخفض السعر وبالتالي ينخفض على المستهلك ؛ ويصل سعر طن حب العزيز إلى 20 ألف جنيه. التصدير لأوروبا قال يوسف حراز صاحب محل عطارة وخبير أعشاب ، إن "حب العزيز" يوجد في محلات العطارة على شكل حبوب جافة يتم غسلها ثم نقعها في المياه حتى تصبح سهلة التناول في الطعام وهي حبه شبيه للوبيا الجافة ؛ والنَّاس تشتري منه "حب العزيز" لتحسين وظائف الكلى ؛ وزيادة الوزن واعتباره مكملا غذائيا لبناء العضلات ويستخدم لعلاج حالات العقم ؛ ونصح الناس النحيفة أيضا باستخدامه . وأشار حراز إلى أن حب العزيز محصول من الضروري الاهتمام بزراعته لأنه أصبح مطلوبا للتصدير وتطلبه ألمانيا ومعظم الدول الأوروبية؛ حيث قاموا بطلبه في أحد المعارض الخارجية في أوروبا لاستيراده ؛ ولكنهم لم يتمكنوا من تصديره لهم لأن الدول الأخرى تشترط زراعته بمواصفات عالمية محددة، منها عدم وجود متبقيات أو أي نوع من التلوث. وأضاف، أن "حب العزيز" عبارة عن حشائش ولها درنات تشبه شكل البطاطس ولكنها درنات ذات حجم صغير؛ والمزارع يأخذ هذه الدرنات ويقوم بزراعتها. سعرات حرارية أقل قال الدكتور إيهاب عشعوش أستاذ علوم الأغذية وتغذية الإنسان بكلية زراعة عين شمس، تعد ثمار حب العزيز مصدرا جيدا للعديد من الفيتامينات والمعادن الهامة للجسم مثل فيتامين ج ؛ الحديد ؛ الفسفور ؛ الزنك ؛ المغنسيوم ؛ الكالسيوم، كما يحتوي على الدهون والألياف والكربوهيدرات ونسبة قليلة من السعرات الحرارية، وبالتالي فهو لا يؤدي إلى زيادة الوزن. الفوائد ومقاومة التجاعيد وتابع عشعوش، أنه نبات يحتوي على مضادات الأكسدة التي تساهم في الوقاية من الأمراض مثل السرطان وأمراض القلب ؛ وتحسين عملية الهضم لاحتوائه على الألياف الغذائية غير القابلة للذوبان وتقليل حدوث الإمساك ؛ ويعمل على ضبط مستوى السكر في الدم حيث يساعد على تقليل امتصاص السكر في الدم، لاحتوائه على الأحماض الأمينية التي تزيد من إنتاج الأنسولين ؛ كما يساعد على تعزيز الجهاز المناعي ضد الأمراض ؛ وتحسين صحة القلب بتقليل الكولسترول الضار في الجسم وزيادة الكولسترول النافع، وبالتالي يساهم في تقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية و السكتة الدماغي ، كما أن زيت حب العزيز يحافظعلي صحة القلب لاحتوائه على نسبة عالية من الدهون غير المشبعة والتي هي قريبة من زيت الزيتون ؛ كما يساعد علي مقاومة التجاعيد والشيخوخة المبكرة والحفاظ على بشرة صحية لاحتوائه على نسبة عالية من فيتامين E الذي يعد من أقوى مضادات الأكسدة. بردية ايبرس قال المؤرخ خالد الحناوي، إن القدماء المصريين كانوا يستخدمون نبات "حب العزيز" في الدواء والعلاج الطبي ؛ حيث ذكرت "بردية ايبرس" الطبية الفرعونية، التي تعود إلى 1550 ق.م التي اشتراها "جورج ايبرس" من الأقصر (طيبة) في عام "1873-1874" وتوجد حاليا في مكتبة جامعة لايبتزج في ألمانيا والتي تذكر لنا معرفة المصريين القدماء باستخدام حب العزيز في علاج آلام البطن ؛ والتنويم المغناطيسي ويخلص الطفل من آلام البطن ؛ وحب العزيز كان يتم طهيه مع عناصر أخرى لكي يستخدم كمشروب ليوم واحد فقط؛ للمساعدة في إخراج ما في البطن من سموم. وتابع الحناوي : لقد استخدم أيضا القدماء المصريون "نبات حب العزيز" بإدخاله في صناعة حلوى مثلثة الشكل بعد أن طحنوا حباته وصنعوا منها دقيقا مطحونة ؛ولقد تم العثور على جدارية ملونة لمقبرة عمدة طيبة "رخ مى رع" في البر الغربي للأقصر تتضمن منظرا ملونا، يوضح عملية تجميع ثمار حب العزيز وطحنها لتجهيز الدقيق اللازم لصناعة الحلوى. وأوضح أن هذا الدقيق كان خاليا من مادة "الجلوتين" والتي تسبب مشكلات لمن يعانون من حساسية تجاه هذه المادة، مضيفا: "لا يوجد دليل علمي على أن المصريين القدماء عرفوا مرض حساسية الجلوتين، ولكن مخبوزات حب العزيز تلائم من يعانون من هذا المرض". ولفت الحناوي ، إلى أن المصريين القدماء أكلوا ثماره طازجة أيضا، وعُثِر على بقايا ثمار وحبوب في المقابر التي تعود إلى آلاف السنين بمنطقة مقابر البر الغربي ومنطقة نقادة التي ترجع تاريخها إلى 5 عصور حجرية أي قبل التاريخ.