حققت الواعظات خلال السنوات القليلة الماضية، نجاحًا ملحوظًا ودورًا ملموسًا في مواجهة الفكر المتطرف. وكانت القيادة السياسية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وجه الحكومة والمؤسسات بتميكن المرأة المصرية في كافة القطاعات بالمجتمع. ومؤخرًا أعطى الأزهر الشريف وشيخه الدكتور أحمد الطيب الإمام الأكبر، الضوء لمشاركتهن في واحدة من أهم لجانه وهي لجنة الفتوى الرئيسية، فيما راهنت وزارة الأوقاف، بقيادة محمد مختار جمعة، عليهن في مواجهة نساء الجماعات الإرهابية والإخوان، من خلال تمكينهن لنشر الفكر الوسطي. تقول الدكتورة إلهام شاهين، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية لشئون الواعظات، إن الواعظات يمثلن عنصرًا دعويًا مهمًا، موضحة أن الأزهر الشريف بدء في تعيين الواعظات منذ عام 2015، تنفيذا لاقتراح قدمه وقتها، الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر السابق، ولقي القبول من جانب أحمد الطيب شيخ الأزهر. وأضافت إلهام شاهين، ل«بوابة الأهرام»، أنه يوجد بالفعل الآن 220 واعظة على مستوى الجمهورية، موضحة أن هناك إقبالا كبيرا للغاية من خريجات الأزهر ومن غيرهن لهذا الأمر. وتابعت: «بعد التقديم للانضمام إلى الواعظات، هناك عامان اختبارات متتالية لمن سيشغل منصب الواعظة، وهناك العديد من الدورات التدريبية التي تؤهلن على هذا الأمر وتبدء تطبيقه عمليا مع الجمهور»، مشيرة إلى أنه تم تقديم الطلب على 1000 درجة مالية من الواعظات. وأوضحت أن مجمع البحوث الإسلامية بالتعاون مع أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعاظ وباحثي الفتوى عقد دورة تدريبية لواعظات الأزهر بعنوان: منهجية الرد على الشبهات، شارك فيها 25 واعظة من مختلف مناطق الوعظ عن طريق برنامج تيمز. وبدأت واعظات الأزهر الشريف منذ أيام، أولى مهام عملهن داخل لجنة الفتوى الرئيسة بالجامع الأزهر الشريف، وهو ما يصفه الدكتور نظير عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، بقوله إن الاستعانة بواعظات الأزهر يأتي بعد عدد من البرامج التدريبية التي تلقتها تحت عنوان: «صناعة مُفتية»، والتي عُقِد قسمها النظري بمجمع البحوث الإسلامية، في حين عُقِد قسمها العملي بالجامع الأزهر، إلى جانب ورش عمل لتنمية مهارات الواعظات في مجال الفتوى، كما أن تواجدهن في لجنة الفتوى يأتي لحاجة اللجنة أيضًا إلى العنصر النسائي خاصة فيما يتعلق بالاستماع لبعض الأسئلة التي تستشعر فيها المستفتية أي نوع من الحرج. ومن ناحيتها، أتاحت وزارة الأوقاف بقيادة محمد مختار جمعة، مساحة واسعة لتمكين الواعظات في العمل الدعوي، وهو ما دعمه الوزير بشكل كبير من نحو أربعة سنوات، حين أصدر في فبراير 2017 قرارا كان الأول من نوعه، بتعيين 144 فتاة وسيدة في مهنة الواعظ الديني بالمساجد، وتقديم دروس دينية. وهو المقترح الذي قدمه، قبل أربعة سنوات، الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، ولقي استحسانا وتأييدا من وزير الأوقاف فاعتمدها على الفور. مقترح تمكين الواعظات، دعمه الشيخ جابر، بتوصية أعرب خلالها عن ثقته التامة في قدرة الداعيات والواعظات على الوعظ والخطابة والعمل الدعوي بشكل عام، معتبرا أن وجودهن من شأنه أن يحمي نساء مصر وفتياتها من الوقوع فريسة للسيدات المنتميات للتيارات المتطرفة. ومن جانبه، أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، حرصه على تطوير وتأهيل الواعظات باستمرار، فدعمهن بدورات تدريبية مستمرة في المجالات المختلفة حتى يستطعن أن يكن وجهة مشرفة ويتمكنوا من التعامل مع الناس بما يناسبهم ويلائم فكرهم واحتياجاتهم. وفي سياق متصل، وقعت وزارة الأوقاف، بروتوكولات تعاون مع 19 جامعة لتدريب وتأهيل الأئمة والواعظات والعاملين بالأوقاف، وتم بدء التنفيذ الفعلي في 3 جامعات، كما تم توفير مِنح ماجستير بالتعاون مع معهد الدراسات الإسلامية بالمهندسين لعدد 1062 إمامًا وواعظة وإداريًّا خلال الثلاث سنوات الأخيرة. ووضعت وزارة الأوقاف، عدد من الضوابط الواضحة عند اختيار الواعظات، في مقدمتها أن تكون من خريجات جامعة الأزهر الشريف، وأن تكون المتقدمة من العاملات بالجامعة أو المعاهد الأزهرية أو معاهد القراءات، أو بأي جهة حكومية، مع ضرورة اجتياز الاختبارات التحريرية والشفوية التي تجرى في هذا الشأن، في القرآن الكريم والفقه والسيرة النبوية والثقافة الإسلامية واللغة العربية. كما أجازت الأوقاف، أن تكون الراغبات في الانضمام للواعظات من خريجات مراكز الثقافة الإسلامية، كأن تكون المتقدمة حاصلة على مؤهل عالٍ على الأقل ومن العاملين بالحكومة أو القطاع العام، أو حاصلة على شهادة من أحد مراكز الثقافة الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف بتقدير جيد جدًا أو امتياز، مع ضرورة اجتياز الاختبارات التحريرية والشفوية المقررة في هذا الشأن. النجاح الذي حققته واعظات الأوقاف، وظهر جليا خلال عملهن بالمساجد التي حددتها الوزارة وفي مقدمتها مسجد الإمام الحسين، خلال رمضان عام 2019 كان لها الأثر الأكبر في زيادة تمكينهم والاعتماد عليهن، إذ تم الاعتماد عليهن ولأول مرة في تاريخ الوزارة للمشاركة في بعثة الحج، من خلال الدفع بعدد تسع واعظات منهن لمرافقة بعثة الحج. يقول محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، في تصريحات صحفية سابقة: «نستفيد من عمل الواعظات كل واحدة في المحافظة الخاصة بها؛ حيث يقمن بتكثيف جهودهن خلال رمضان، ووضعت وزارة الأوقاف خطة لتوسيع دائرة عمل العنصر النسائي في الشهر المبارك من خلال الملتقيات والقوافل الدعوية بهدف تطوير فكر النساء والتصدي للأفكار المغلوطة». الدور الذي حققته الواعظات وخاصة في حملات التوعية منذ بدأت جائحة فيروس كورونا، كان كفيلا بإتاحة مساحة أكبر للقيام بدورهن وفي خطوة جادة دفع وزير الأوقاف، بخمس واعظات ضمن قافلة أئمة وواعظات الأوقاف إلى الخرطوم بدولة السودان، والتي انطلقت في 31 يناير 2021، للانضمام إلى أئمة وواعظات السودان ليجوبوا معا عددًا من الأقاليم السودانية يدعون إلى الله، بالحكمة والموعظة الحسنة ويبينون للناس مدى عظمة وسماحة ديننا الحنيف وإيمانه بالتنوع والتعددية، حرصا على مصالح البلاد والعباد، وتأكيدًا على أن مصالح الأوطان لا تنفك عن مقاصد الأديان. ومرة جديدة تواصل واعظات الأوقاف عملهن الدعوي، واصلت قافلة واعظات الأوقاف بمحافظة جنوبسيناء، عملها الدعوي بداية من الخميس الماضي 18 مارس الجاري، حيث زارت وادي سبيته ووادي مندر بمدينة شرم الشيخبجنوبسيناء، والتقت الواعظات بعدد من السيدات والأطفال في عدة محاضرات دعوية تثقيفية، مؤكدين من خلال هذه المحاضرات أن المرأة في الإسلام لها كرامتها، وأن الإسلام قد حافظ عليها وجعلها درة مصونة وجوهرة مكنونة. تمكين الواعظات والاعتماد عليهن إلى جانب الرجل في العمل الدعوي، فكرة وحلم كثيرا ما كافحت من أجله خريجات جامعة الأزهر حتى تحقق الحلم بدعم من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، بإيمان تام بدور المرأة وقدرتها على العمل الدعوة.