العمل كسفير لتمثيل بلدى كان حلمي منذ الصغر إفريقيا تستطيع الدفاع عن نفسها بأبنائها سعدت بتولي أول سيدة إفريقية إدارة "التجارة العالمية" نسعى للحصول على حصة عادلة من لقاحات "كورونا" السفيرة الدكتورة نميرة نجم المستشار القانونى للاتحاد الإفريقى، نموذج مشرف للمرأة المصرية الجادة الطموحة، اجتازت العديد من العقبات والعراقيل فى ظروف بالغة الصعوبة، تشهد فيها القارة الشابة تغيرات اقتصادية وسياسية متلاحقة، تسدد فيها بنات جنسها فواتير الحروب والصراعات والتطرف والإرهاب، كسرت حاجز الخوف واقتحمت بعلمها وخبراتها القانونية الدولية المتراكمة، الاتحاد الإفريقي، حتى أصبحت مصدر إلهام للجيل القادم من النساء، وواحدة من أهم السيدات اللاتى غيرن وجه القارة السمراء. وبالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمى للمرأة، تسلط "الأهرام العربى" الضوء على السفيرة الدكتورة نميرة نجم، بعد أن نجحت عبر الدبلوماسية الإفريقية بشكل عام، ممثلة فى الهيئة القانونية التى قادتها فى خوض معركة من إحدى المعارك الضارية، بشأن إثبات أحقية موريشيوس فى إقليم جزر "تشاجوس" ضد الاستعمار البريطانى، محققة بذلك نصرا إستراتيجيا جديدا يثبت جدارة المرأة المصرية فى الريادة عالمياً، لاسيما وأنها سارت على خطى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذى كافح من أجل استقلال إفريقيا ومناهضة الاستعمار بكل صوره.. وإلى تفاصيل الحوار. من الشخصيات التى تأثرتِ بها فى مسار حياتك؟ المنزل هو بداية تكوين الشخصية، وأدين بالفضل لوالدى نبيل نجم ووالدتى نادية دياب، اللذين كانا يعملان فى مجال المحاماة، والدى تقدمى الفكر ويؤمن بدور المرأة فى المجتمع، ووالدتى أيضا التى كانت أول وأصغر سيدة تولت رئاسة قطاع قانونى فى شركات النقل بالقطاع العام، جاءت من أسرة التعليم بها ركن أساسى، فجدتى "فاطمة فتح الله فتحى" من أول 12 امرأة مصرية يحصلن على شهادة جامعية من لندن، قبل أن يسمح للمرأة بالتعليم الجامعى، وهى أول سيدة مصرية تتخصص فى علم النبات وكانت وكيل وزارة المعارف، وكذلك والد والدتى الدكتور محمود دياب من أول 7 أطباء تخصصوا فى مجال طب الأنف والأذن والحنجرة، وقد قضيت فترة كبيرة من نشأتى معهم، ولهم الأُثر الكبير فى تعليمى اللغة العربية الفصحى والإنجليزية. وهناك بعض الشخصيات التى كان لها أثر علمى فى مسار حياتى، وأثناء دراستى بكلية الحقوق كنت شغوفة بالتخصص فى مجال دراسة استخدام الطاقة النووية فى القانون الدولى للأغراض السلمية وغير السلمية، ومن ضمن الشخصيات التى دفعتنى لذلك، الراحل الدكتور فوزى حماد رئيس هيئة الطاقة النووية المصرية السابق، والذى يعد صديقا للأسرة، وقبل تخرجى فى الجامعة جمعتنى به جلسة خلال أشهر الصيف، وتبادلنا الحديث حول ضرورة الحصول على درجتى الماجستير والدكتوراه، فاقترح على الدراسة فى مجال القانون النووى الدولي، فجاءت رسالتى للدكتوراه حول "نقل التكنولوجيا النووية فى ظل القانون الدولى: دراسة حالة العراق وإيران وإسرائيل" من جامعة لندن. ما الصعوبات التى واجهتك عند التحاقك بالعمل الدبلوماسى؟ كان طموحى منذ أن كان عمرى 12 عاماً، أن أعمل دبلوماسية لتمثيل بلدى، ليس لدينا فى العائلة من سبقنى فى تولى منصب دبلوماسى، وكما سردت أنى نشأت فى أسرة سياسية قانونية مشتركة، زاد طموحى حينما التحقت بالعمل فى القطاع القانونى بوزارة الخارجية، لأن أقوم بتمثيل بلدى على خير وجه، وكان ينتابنى شعور بين الزهو والفخر، حينما أقوم بتمثيل الدولة المصرية فى أى محفل، فهى مسئولية عظيمة تمنيت دائما أن أكون على قدرها، واجهنى فى الحقيقة العديد من الصعوبات، حينما كنت أشارك فى حضور الاجتماعات لتمثيل الخارجية المصرية مع جهات لها ثقل والتعامل مع شخصيات أكبر منى سناً، فكان لدى تحدٍ أن أثبت ذاتى فى عملي، وهناك جانب آخر مرتبط بكونى سيدة تحتاج لبعض الأحيان بذل جهد مضاعف عن الأقران الرجال لإثبات كفاءتها، لكن التجربة خير طريق للتعلم، والتحديات تختلف من بيئة لأخرى، وفى مجال عملنا أحياناً نواجه صعوبات إدارية، أو فى التعامل مع الجانب الأجنبى عند التفاوض معه فى القضايا المشتركة. طبيعة عمل المستشار القانونى للاتحاد الإفريقى فى غاية الصعوبة.. كيف تعاملتِ مع ذلك؟ توليت هذا المنصب عبر اجتياز العديد من الاختبارات والتقييمات، وهو أعلى منصب قانونى فى المنظمة، محامى المنظمة داخليا وخارجياً بكل أجهزتها فى القارة، كما أمثل الاتحاد فى المحفل الدولي، وكذلك يقوم مكتبى بتقديم الاستشارات القانونية سواء للإدارات الأخرى داخل الاتحاد، أم للدول الأعضاء، وأى اتفاقية يكون الاتحاد أحد أطرفها سواء بين الدول الأعضاء أم الشركاء، لابد من موافقتنا من الناحية القانونية عليها. واستطعت من خلال عملى أن أروج للقوانين الخاصة بالاتحاد الإفريقى على الساحة الدولية، ليصبح فرعا مستقلًا فى دراسات القانون الدولى على غرار قوانين الاتحاد الأوروبي، هذه إحدى أهم أولوياتي، بالإضافة إلى أن جزءا أساسيا من سياستى الإدارية، أنه حينما أحتاج إلى هيئة دفاع خارجية عن المكتب أتجه إلى الأفارقة، نحن لدينا القدرات والخبرات داخل القارة وخارجها ممن يحملون الجنسية الإفريقية، لذا دائماً أتجه إليهم، وخير مثال قضية "تشاجوس" أمام محكمة العدل الدولية، حيث لعبت دورا مهما لإبراز للعالم أن إفريقيا تستطيع الدفاع عن نفسها بأبنائها. ما تقييمك لحراك المرأة فى صناعة مستقبل القارة الإفريقية؟ على الرغم من تولى المرأة قيادة الدولة الفرعونية منذ فجر التاريخ، فإنه مع التطور تدهور مركز المرأة فمنذ 20 أو 30 عاما، كان حلما بعيد المنال أن تتولى سيدة منصب رئيس الجمهورية أو رئيس وزراء، لكن بالاجتهاد والعمل الحثيث، أثبتت جدارتها برغم أنف المجتمعات التى كانت تنظر لها نظرة مختلفة نظراً للتقاليد المتوارثة، واكتسبت حقوقها فى المساواة وعدم التمييز بسبب الجنس، وأحاول أن أعطى رسالة من خلال عملي، مفادها أنه يجب على الحكومات أن تعطى المساحة للفتيات داخل القارة فى الحصول على المناصب القيادية طالما هى أهل لها، والحقيقة أن مصر كانت إحدى الدول الرائدة فى إفريقيا فى مجال عمل تولى المرأة مناصب قيادية، لذلك نصيحتى دائماً أن النجاح يتولد حينما نتجاوز العراقيل، وأن الإحباط يفقد الرغبة فى التطور والوصول لأهداف جديدة يمكن أن تتحقق بالإصرار على التنفيذ. أغلب القوانين الإفريقية، تمنح حق المساواة بين الرجل والمرأة، حيث تمنح السيدة حقوقا متوازية مع الرجل فى ذات العمل مثل الأجر والترقيات، على الرغم من أن هناك دولا مثل أمريكا تختلف فى ذلك، حتى الآن المرأة تأخذ 75سنتا مقابل دولار واحد للرجل فى الوظائف العامة، وعلى سبيل المثال هناك برنامج تدريب لدينا فى المكتب أجد من خلاله، أن الفتيات يعملن بجلد أكثر من غيرهن، وذلك يفسر أن الظروف التى تحيط بهن تجعلهن يبذلن أقصى ما لديهن لإثبات أنفسهن فى مكان العمل، أنا لست متحيزة لطرف أكثر من الآخر، لكن كل ما يهمنى هو الناتج العملي، لذلك أنا متجاوزة لفكرة التمييز بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة، ولا أضعها عائقا أمام أى إنسان، وأعتبرها مؤشرا يوحى بالأمل تجاه مستقبل عمل المرأة وتوليها مناصب قيادية، الاتحاد الإفريقى فى إصلاحاته المؤسسية الأخيرة يساوى بين الرجل والمرأة فى تولى جميع مناصبه، كما يدفع بالشباب إلى وظائفه. كيف استقبلتِ خبر تولى النيجيرية نغوزى أوكونجو- إيويلا كأول امرأة وأول إفريقية على رأس منظمة التجارة العالمية؟ تلقيت الخبر بسعادة بالغة، لأنها أول سيدة إفريقية تتولى المنصب، وكذلك لأن منظمة التجارة العالمية لها تأثير كبير جدا على الدول النامية، خصوصا فيما يتعلق بتجارة المواد التى تتعلق مباشرة بحياة الإنسان كالدواء، وفى ظل أزمة كورونا نأمل أن يسهم وجودها فى المنظمة فى تعزيز مساعى الاتحاد الإفريقى بضرورة التوزيع العادل للقاح ضد الفيروس، ليصل للمواطن الإفريقى فى نفس التوقيت، الذى يصل فيه إلى مواطنى الدول الأكثر ثراء، وعلى الدول المتقدمة توفير المساعدة فى تمويل الدول الفقيرة فى القارة لسد احتياجاتها من اللقاحات، فإن فى ذلك التزاما أخلاقيا وإنسانيا وضروريا من الناحية العملية، لأننا فى قارب وعالم واحد. من أبرز تحديات القمة الإفريقية ال34 الحصول على حصة عادلة من لقاحات "كورونا".. كيف سيتم ذلك من وجهة نظرك؟ كل اللقاحات الموجودة حاليا ليست من اختراع المؤسسات الطبية فى القارة، وبالتالى تنتظر الدول الإفريقية دورها فى عملية الاستيراد، وهو ما يمكن أن يعطل ويعرقل وصول الدواء للمواطن الإفريقى بشكل سريع، هذا بالإضافة إلى التمويل، لأن القارة تحتاج لكم هائل من اللقاح من أجل الوصول إلى العدد الآمن، أى عدد المواطنين المطلوب تحصينهم لضمان سلامة باقى المجتمع من الإصابة بالفيروس، وتحدد هذه النسب منظمة الصحة العالمية. مشكلة اللقاحات ليست فقط مرتبطة بمحدودية الإنتاج، لكن تسييس الأمر على الرغم من ارتباطه بالصحة، فلأسباب سياسية نجد بلدانا، ترفض الحصول على اللقاح من دول بعينها، وبالتالى يعرقل ذلك وصول اللقاح بشكل أسرع للمواطنين، ويؤدى إلى زيادة عدد الإصابات فى العالم، فى ضوء أن الفيروس يطور نفسه داخل جسم الإنسان ليصبح أكثر قدرة على الانتشار، ومقاومة الأجسام المضادة التى تساعد الجسم على طرد الفيروس، بالإضافة إلى عوامل أخرى منها مثلا أن هناك لقاحا يحتاج إلى نوعية من التبريد يصل إلى سالب 70 درجة مئوية للحفاظ على فاعلية اللقاح، وربما لا تتوافر هذه الأدوات فى التبريد فى كثير من دول القارة، علاوة على الحاجة إلى الكشف الطبى على المريض قبل إعطاء اللقاح، مما يستدعى وجود فرق طبية مدربة على تطعيم المواطنين باللقاح. لكل هذه الأسباب تقوم حاليا رئاسة الاتحاد الإفريقى مع مكتب القمة، ببذل جهد كبير للتواصل مع قيادات الدول من خارج القارة للتشاور حول تطور المرض فى إفريقيا، وحشد الدعم لمساعى الاتحاد الإفريقى للحصول على الحصة العادلة المطلوبة من اللقاحات.