شهدت جولة البابا فرنسيس في المدن العراقية كثيرًا من المحطات المهمة، حيث كانت للمرة الأولى منذ سنوات. وأظهرت الزيارة، العراقيين للعالم بصورة جديدة، حيث مظاهر الفرحة من الدبكة والرقص بالشوارع، ما أثبت أن الفرح ممكن في بلاد الرافدين، بعد أن اعتادت وسائل الإعلام على نقل صور الموت والدمار والتفجيرات والدماء. ورغم محاولة الوقاية الصحية كان الناس في الشوارع يندفعون لملاقاة بعضهم ويقتربون من البابا، وكأن العالم بأسره كان يحتاج مشاهد اللقاء والتواصل بعد عام من العزلة والتباعد. وفي أربيل، جمع البابا في صلاة القداس الآلاف داخل مدرج مفتوح، في تجمع نادر للمصلين بعد انتشار وباء كورونا الذي تسبب في وقف معظم الطقوس الدينية. وفي حديثه للصحفيين على طائرة العودة إلى روما، قال البابا فرنسيس إن لقاءاته وزياراته لدول العالم والشخصيات المختلفة لا تأتي من أهواء شخصية بل بعد تفكير ونقاش، مشددًا على أهمية الحوار بين الأديان ومفاهيم الأخوة والتعايش بشكل ينسجم مع إيمانهم. وأثبتت الزيارة سياسة الفاتيكان ببناء أسس متينة للحوار مستقبلًا والابتعاد عن سياسة العزلة ورفض الآخر وأهمية المغفرة ونبذ الانتقام. وتحدث البابا فرنسيس عن أن إفراغ العراق من مواطنيه المسيحيين ضرر جسيم ليس عليهم فقط، بل على النسيج الاجتماعي بكامله. ومن خلال لقائه الشخصيات السياسية العراقية، منح البابا دفعة معنوية للقيادات الكنسية العراقية التي سعت منذ سنوات لتحقيق حلم زيارته لبلادها. وجاءت زيارة البابا لتؤكد أن المسيحيين في العراق من مكوناته القديمة، وأن حمايتهم يجب أن تكون أولوية، حيث كان كافياً أن يُعيد أسقف روما تكريس تمثال لمريم العذراء لكي يشعروا برد الاعتبار. وتزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، اطلع البابا فرنسيس قبل الزيارة على تقارير حول كيفية المتاجرة بالنساء أثناء سيطرة «داعش» ما أثّر فيه كثيرًا، وكان من أهم الدوافع الأساسية لقرار الزيارة، لذلك خصص جزء من كلمته بكنيسة الطاهرة للحديث عنهن، وقال «أود أن أشكر كل الأمهات والنساء الشجاعات اللواتي يواصلن إعطاء الحياة فلنحترم النساء وليمنحن الحماية والاهتمام». وقال البابا فرنسيس إنه قد يزور لبنان تلبية لدعوة من البطريرك الراعي، والأرجنتين والأوروجواي والبرازيل عندما ستتاح الفرصة، كما عبر عن قربه من سوريا الجريحة التي يحملها في قلبه.