يرجع تشييد معبد دندرة بمحافظة قنا، والمخصص لعبادة الإلهة حاتحور آلهة الحب والجمال عند قدماء المصريين، لأزمنة قديمة حيث استمر بناؤه كما يؤكد الأثريون لمدة 200 سنة وقد تم استكمال بنائه فى العصر اليوناني الروماني في عصر الملك بطليموس الثالث من الحجر الرملي، وهو من أروع المعابد المصرية على الإطلاق. وأعلنت وزارة السياحة والآثار مساء أمس الأربعاء الانتهاء من أعمال المرحلة الثانية من مشروع ترميم وتطوير معبد دندرة بقنا، وقال الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار فى تصريحات إعلامية ، إن الترميم والتطوير شمل صالة الأعمدة الكبرى وصالة الإشراق "التجلي الثانية"، وتطوير نظم الإضاءة الداخلية والخارجية للمعبد، مشيرا إلى أن الأعمال مازالت مستمرة داخل الحجرات الجانبية المحيطة بصالة التجلي الثانية تمهيدًا لافتتاحها قريبا ، مؤكدا أن المعبد يتميز بفن معماري فريد وغني باللوحات والنقوش، كما زينت جدرانه وأعمدته بكتابات هيروغليفية وتماثيل محفورة بالغة الدقة والجمال. كانت تعانى صالة معبد دندرة من مظاهر التلف المختلفة، ويوضح عبدالحكيم الصغير مدير معبد دندرة بقنا فى تصريحات ل"بوابة الأهرام " أن فريق الترميم المصري نجح فى إزالة السناج، كما تمت أعمال الصيانة والترميم والتنظيف، مؤكدا أن الخبراء المصريون فى الترميم نجحوا منذ سنوات فى صنع تركيبة كيمائية خاصة كان لها القدرة الفائقة فى إزالة السناج الناتج من تصاعد الأدخنة فى المعابد المصرية بالصعيد، حيث كانت بعض المعابد ومنها معبد دندرة سكنا للأهالي فى فترة سابقة. وأوضح الصغير أنه تم استخدام الفرش الناعمة والطلمبة الهوائية لإزالة الأتربة والعوالق السطحية، كما تم عمل كمادة من مناديل الورق كلانكس ومحلول مكون من كربونات الأمونيا، بالإضافة لمحلول الأديتا الصوديوم لإزالة السناج المتراكم كما تم تقوية بقايا الألوان المتواجدة باستخدام البالوريد وغيرها من الترميمات الميكانيكية ،التى أعادت النقوش لحالتها ،حيث تم تثبيت الألوان واستكمال الفجوات المتواجدة بالجدران والأسقف واستبدال الاستكمالات القديمة، مما أدى إلى وضوح المناظر والنصوص، مضيفا أن أعمال الترميم مستمرة للانتهاء منها في الوقت المحدد. وانتهت الوزارة فى وقت سابق من أعمال المرحلة الأولى والتي شملت ترميم الماميزي "بيت الولادة الروماني"، وبوابة المعبد الرئيسية في الجهة الشمالية وإظهار الألوان الموجودة بعتب وسقف البوابة، وتنظيف سلم النزول المستقيم بالمعبد وصالة الأعمدة الكبرى، وثلاثة سراديب وسطح المعبد. ويوضح مدير معبد دندرة، أن المعبد، كان مخصصا للإلهة حتحور آلهة الحب والجمال، ولروعته فقد زاره عدد كبير من الشخصيات التاريخية، منها الملكة أوجينى فى وقت افتتاح قناةالسويس، فى عهد الخديو إسماعيل ،حيث تم إعداد مائدة طعام لها ،وغيرها من الشخصيات العالمية، مؤكدا أن المعبد يضم بيت الولادة. وأكد أن المصريين القدماء كانوا أول شعوب العالم التى تعرف نوع الجنين عند المرأة الحامل، وكان عن طريق فحص البول كما تدل الكتب الأثرية بل أظهرت البرديات المكتشفة الموروثات والتقاليد الطبية والشعبية التي كانت تمارسها المرأة الفرعونية لمعرفة نوع الجنين ذكراً أم أنثي، وهل المرأة مصابة بالعقم أم لا أيضا. وأوضح أن الطريقة الشعبية القديمة التى كانت متبعة عند القدماء كالآتى : إنه إذا نما الشعير من خلال بول المرأة الحامل خلال بضعة أيام كان الجنين ذكرا بينما إذا نما القمح كان الجنين أنثي وإذا لم ينمو القمح والشعير كان الحمل كاذبا وأنها ليست حاملا، مضيفاً أن الطريقة لفحص البول كان يتم تجريبها فى الأسابيع الأولى من الحمل. ويضيف عبدالحكيم الصغير أن القدماء المصريين لتقدمهم فى علوم الطب، وبوجود مدارس علمية كانوا يعرفون نوع الجنين فى أيامه الأولى ذكرا أو أنثي، وهذا مالم يستطع علماء العصر الحديث التوصل إليه فى معرفة الجنين إلا بعد شهور عديدة من الحمل، وهذا يدل على تفرد وقوة الحضارة المصرية القديمة فى العلوم كافة ومن بينها الطب. يتميز معبد دندرة بمناظره الفلكية التى تزين أسقفه التى تعتبر تحفة إبداعية ، كما توجد نقوش بديعة للملوك والملكات من بينها الملكة كليوباترا السابعة وهى تقوم بإرضاع ابنها ويتصدر واجهة المعبد أعمدة ضخمة رائعة أعلاها متوج برسومات لروؤس الإله حتحور "الأوجه الحتحورية"، وكذلك معبد الولادة الإلهية الثاني الذي شيد في عهد أغسطس والذي يحتوي على نقش بارز يجسد بوابة وهمية تصل إلى العالم الآخر، يعلوها ثلاث أقراص للشمس المجنحة، ثم صفًا من أفاعي الكوبرا المتوجة بأقراص الشمس ويبلغ عدد الأعمدة التي تحمل سقف قاعة المعبد 24 عمودًا، بالإضافة إلى عدد كبير في باقي المعابد من الداخل وتحاط هذه الأعمدة بمجموعة من الغرف لتقديم القرابين. وأكد عبد الحكيم الصغير أن المجلس الأعلى للآثار بدأ مشروع أعمال ترميم وصيانة المعبد منذ عام 2005 ثم توقفت عام 2011 ثم استأنفت عام 2017، بعد الانتهاء من الدراسات العلمية والأثرية اللازمة، بالإضافة إلي الدراسات التجريبية المتأنية باستخدام أفضل الأساليب والتقنيات الحديثة مؤكدا أنه لأول مرة يتم طبع كتاب لطلاب المدارس عن معبد دندرة يصطحب الزائر في رحلة استكشاف داخل المعبد يتعرف فيها على معلومات عن المعبد وتاريخ إنشائه، وتكوينه المعماري الفريد، ويعتمد الكتيب على تقديم المعلومات بشكل مبسط عن طريق بعض الأسئلة والأنشطة التفاعلية التي ينفذها الطفل داخل المعبد بصحبة أسرته أو أصدقائه.