د. أحمد مختار قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية ثم إيطاليا بتجميد صفقات أسلحة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ثم قرار الاتحاد الأوروبى بفرض قيود على صادرات لقاح كورونا إلى خارج الاتحاد الأوروبى يؤديان إلى نتيجة واحدة وحقيقة يجب الانتباه إليها وهي أن استسلام دول العالم النامي لاستمرار الفجوة العلمية الشاسعة بينها وبين دول العالم المتقدم، بمثابة صك ضمنى لاستمرار تحكم الدول الكبرى فى مقدرات ومستقبل الدول النامية.
الصراع المحموم الذى يشهده العالم حاليًا بين دول الاتحاد الأوروبى وبريطانيا وإحدى شركات الأدوية العالمية والخاص بالقيود المفروضة على تصدير لقاح كورونا خارج دول الاتحاد الأوروبى يكشف دون مواربة أن القيم الأخلاقية التي تتحدث عنها منظمة الصحة العالمية هى مجرد شعارات بعيدة عن أرض الواقع، فوفقًا لما صدر عن منظمة الصحة العالمية نفسها فإن 20 دولة كبرى فقط استحوذت على حوالي 90% مما تم إنتاجه من لقاح كورونا حتى الآن، هذا الوضع الذى يثير العديد من علامات التعجب كون أن ما تحققه الدول المتقدمة من التحكم فى مسار الإنسانية اعتمد بدرجة ليست قليلة على أموال وعقول وخامات الدول النامية، الوضع السابق وبعيدًا عن الجدل المرتبط بالقيم الأخلاقية المفترض احترامها، إضافة إلى أن أغلبية هذه الدول لم تحرك ساكنًا للخروج من هذه الدائرة الجهنمية فلا هي حاولت وضع الملف أمام الهيئات الدولية لحقوق الإنسان ولا هذه الهيئات صدر عنها مثل ما يصدر عندما يحاكم شخص من الجهات المرتبطة بها على خرقه للقانون والنظام، ولَم لا؟ وهذه المنظمات الحقوقية مخالب قط لهذه الدول المتقدمة، ومن ثم فإن حياة مئات الملايين بالدول النامية أو الفقيرة لا تستحق ولو مجرد مساءلة من يضعون القيود على تصدير لقاحات كورونا خارج دول الاتحاد الأوروبى أو حتى عقد اجتماع لبحث هذا الانتهاك للقيم والأخلاق التى ترتبط بالحق فى الحياة درة تاج حقوق الإنسان.
بكل تأكيد المناداة بموقف موحد من الدول التى أصابها الغبن من صراع لقاحات كورونا تجاه هذه الممارسات غير الأخلاقية يعتبر من المستحيلات لأن الواقع يكشف عن ضعف معظم هذه الدول لأنها لا تنتج دواءها أو سلاحها باستثناء عدد قليل من الدول منها مصر انتبهت مبكرًا لأهمية وضع سيناريوهات مختلفة للتعامل مع لقاحات هذه الجائحة بالسير فى إجراءات الحصول على حصتها العادلة من اللقاح، ومن مصادر متعددة والمشاركة فى التجارب الخاصة بمدى فاعلية هذه اللقاحات والعمل على تصنيعها محليًا؛ حيث قام وفد من منظمة الصحة العالمية يضم خبراء واستشاريين فى مجال تصنيع اللقاحات، بإجراء زيارة لتقييم ومراجعة القدرة الإنتاجية لخطوط الإنتاج بالشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات «فاكسيرا»، وتقييم قدرة مصر على إنتاج اللقاح من حيث الجودة والإمكانية، وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية، ومن المتوقع أن تعلن مصر قريبًا عن بدء تصنيع اللقاح بالتعاون مع إحدى الشركات العالمية الكبرى لتوفير احتياجاتها والتصدير إلى الدول الإفريقية.
لقاح كورونا هو مجرد بداية وما تشهده ساحته حاليًا سوف يتكرر عندما يتم التوصل إلى علاج فعال للمرض كما أنه سوف يحدث فى مجالات وسنوات أخرى فإما أن يظل موقف الدول النامية والفقيرة كما هو لا يستفيدون من دروس التاريخ وإما أن ينتبهوا ويتحركوا ليتحرروا تدريجيًا من قيود التبعية العلمية والتكنولوجية ولو نسبيًا. وكيل الهيئة الوطنية للصحافة