أكد الدكتور ناصر مصطفى العشماوى رئيس بحوث بمعهد بحوث الهندسة الزراعية، أن تكنولوجيا البيوجاز ذات أهمية كبيرة من خلال التنمية المستدامة مصر 2030، من خلال إنتاج الطاقة النظيفة وسماد البيوجاز الغنى بالعناصر الغذائية، والمحافظة على البيئة بالإضافة لمردود اقتصادى لمتبقيات ومخلفات زراعية، ومن هنا أتى دور معهد بحوث الهندسة الزراعية، والذى تبنى من زمن تطوير تكنولوجيا البيوجاز، من خلال إقامة المخمرات المنتجة ومعمل بحثى لتطوير هذه التكنولوجيا، حيث يساهم معمل البيوجاز المقام بمحطة أبحاث واختبار الجرارات والآلات الزراعية بالإسكندرية – معهد بحوث الهندسة الزراعية فى تطوير هذه التكنولوجيا، من خلال التجارب البحثية فى رفع كفاءة الإنتاج، وتنقية الغاز الناتج ورفع كفاءة السماد الناتج، من حيث الجودة ورفع العناصر السمادية والجدوى الاقتصادية، كما يساهم المعهد من خلال الفريق البحثى فى نشر هذه التكنولوجيا على مستوى المزارعين والمستثمرين، بمدهم بالمواصفات الهندسية والبيئية والتكنولوجية لإقامة مشاريع إنتاج البيوجاز على مستوى الجمهورية، وترجع أهمية تكنولوجيا البيوجاز لعوامل عديدة، عوامل بيئية واقتصادية وزراعية وإنتاج طاقة نظيفة. فالعامل البيئى يتلخص فى التخلص من المتبقيات الزراعية بطريقة صحية وآمنة وذات عائد اقتصادى، حيث أشارت الإحصائيات إلى أن مقدار ما يتخلف من البقايا الزراعية يقدر بأكثر من 40 مليون طن سنوياً، ممثلة فى حطب القطن والذرة وعرش بعض المحاصيل، مثل: البطاطس والطماطم ويمثل قش الأرز وحده أكثر من 4 ملايين طن، وهذا بالإضافة إلى مخلفات الخضر والفاكهة ومخلفات الأسواق والتصنيع ومخلفات المنازل، ويقوم المزارعون بالتخلص من هذه المخلفات عن طريق الحرق، أو إلقائها على حواف الطرق والترع والمصارف، كما تقدر المخلفات الحيوانية مثل الروث وخلافه بأكثر من 50 مليون طن سنوياً، مستغلاً 17 % منها فقط كسماد عضوى، والباقى مصيره مصير المخلفات النباتية، مما يسبب ضرراً بيئياً كبيراً وتلوثاً بيئياً، وانتشار بعض الأمراض، كما تعتبر هذه المخلفات إذا أحسن استغلالها ذات عائد اقتصادى كبير، ومن التكنولوجيات المهمة للاستفادة من المخلفات الزراعية والحيوانية هى تكنولوجيا البيوجاز، حيث تساهم هذه التكنولوجيا فى تحويل المخلفات الزراعية والحيوانية إلى منتجيْن بعائد اقتصادى كبير، وهما الغاز الحيوى (غاز البيوجاز) وسماد البيوجاز بفعل التخمر اللاهوائى للمخلفات. فالغاز الحيوى (غاز البيوجاز) الناتج يحتوى على 60-70 % من الميثان ومن 30 – 40 % من ثانى أكسيد الكربون، كما أنه يحتوى على غازات أخرى مثل الهيدروجين وكبريتيد الهيدروجين (H2S)، ومجموعة أخرى متنوعة من الغازات بنسب منخفضة نحو 1 - 5 %، الهدف الرئيسى من إنتاج الغاز الحيوى هو الاستفادة من متبقيات الكتل الحيوية المحتوية على نسبة عالية من الكربون والأكسجين العضوى والكيميائى، واستخدامه كمصدر متجدد للطاقة، وقد ساهم الباحثون بمعهد بحوث الهندسة الزراعية فى رفع كفاءة إنتاج المخمرات، برفع الإنتاجية من 0.2 م3 غاز/ م3 من حجم المخمر يوم إلى 0.5 م3 غاز / م3 من حجم المخمر، وذلك عند نسبة مادة صلبة من 10 – 12 %، وذلك بتطوير المخمرات والتدفئة باستخدام الطاقة الشمسية للمخمرات، كما تمكن الباحثون بالمعهد من تنقية الغاز من ثانى أكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين؛ لرفع القيمة الحرارية للغاز الناتج والتخلص من الغازات الضارة للآلات التى تعمل بالغاز الحيوى، حيث وجود كبريتيد الهيدروجين مع الغاز يعمل على تآكل المعدة وقصر عمرها الافتراضى، وقد ارتفعت نسبة الميثان بعد التنقية من نسبة 60 % إلى 83.7 %، مع التخلص الكامل من كبريتيد الهيدروجين، كما طور الفريق البحثى بالمعهد مولد كهرباء للعمل بالغاز بدلاً من الجازولين، بتصميم وحدة خلط باستخدام مواد محلية وطرق ذات تكلفة بسيطة. أما المنتج الثانى وهو سماد البيوجاز، هو ناتج بعد عملية التخمر اللاهوائى وهو سماد سائل يحتوى على نسبة مادة صلبة من 8 – 10 %، وهذا السماد يمكن أن يستخدم سائلاً أو يتم تجفيفه وتخزينه لميعاد الموسم التالى، ويتميز هذا السماد بارتفاع المادة العضوية والعناصر السمادية، حيث يتراوح متوسط محتوى سماد البيوجاز: مادة عضوية 53 %، نيتروجين 1.5%، فوسفور 1.4%، بوتاسيوم 0.72 %، ويعمل فريق من الباحثين الآن على تطوير آلة تستخدم لتجفيف السماد وفلترة المياه؛ لإعادة استخدامها وفضل المواد العضوية العالقة للاستفادة منها فى التسميد أو المزارع السمكية. وقد أوضحت التجارب الحقلية زيادة فى إنتاجية المحاصيل المسمدة بسماد البيوجاز عن تلك المسمدة بالأسمدة البلدية والكيماوية، حيث بلغت الزيادة فى محصول الذرة الشامية 35.7 %، القمح 12.5 % للحبوب، التبن 20 %، وزيادة محصول الأرز بنسبة 5.9 %، والفول البلدى بنسبة 6.6 %، القطن 27.5 % والخضر مابين 14.1 - 20.6 %، وكان للأثر المتبقى لسماد البيوجاز بعد جنى المحصول الأول دوراً فى زيادة إنتاجية المحصول التالى فى الدورة الزراعية، حيث بلغت الزيادة فى محصول القمح غير المسمد بعد الأرز الذى تم تسميده بسماد البيوجاز 11.4 %، وكانت الزيادة للفول البلدى بعد القطن 22.7 %. ولذلك فنشر هذه التكنولوجيا لها مردود كبير ودور مهم فى التنمية المستدامة مصر 2030، فلها عائد اقتصادى واجتماعى وبيئى كما يلى: العائد الاقتصادى • يحتوى المتر المكعب من الغاز الحيوى النقى على طاقة حرارية تتراوح بين 30 - 34 ميجاجول وهى تعادل 0.90 م3. غاز طبيعى، 0.96 لتر بنزين، 0.92 لتر سولار، و0.7 كجم بوتجاز. • توفير محركات ديزل وبنزين معدلة تعمل بالغاز الحيوى كمصدر للطاقة المتجددة، ستسهم فى ترشيد استهلاك الوقود البترولى. • الغاز الحيوى المعالج (النقى) يمكن استخدامه لتشغيل مولدات الكهرباء العملاقة (1 ميجا واط ساعة) وبالتالى يمكن توصيلها بالشبكة العامة للكهرباء، وهذ يتطلب عمل مشروع قومى لإنشاء مخمرات عملاقة (1000 م3) فى القرى والمدن، وبالتالى نستطيع الاستفادة من جميع أنواع المخلفات العضوية فى المدن والريف، ومخلفات مصانع التصنيع الغذائى فى إنتاج طاقة نظيفة بديلة للطاقة التقليدية، وهذه المخمرات تنتج سماداً بيولوجياً غنياً بالمادة العضوية (53%)، وغنى بالعناصر السمادية الصغرى والكبرى، مما يسهم فى الحد من استخدام الأسمدة الكيماوية، التى تسببت فى التلوث البيئى وأثرت على الصحة العامة للإنسان والحيوان. العائد الاجتماعى • عمل مشروعات قومية لإنتاج البيوجاز من المخلفات، سيؤدى إلى توفير فرص عمل للشباب لإقامة مشروعات متنوعة، والحفاظ على الصحة العامة للمرأة، ورفع مستوى المعيشة فى المناطق الريفية والحضرية. العائد بيئى الحد من انبعاث غازات أول وثانى أكسيد الكربون، وكذلك الأكاسيد الكبريتية الناتجة من عوادم احتراق الوقود البترولى، مما يؤدى إلى الحد من التلوث البيئى فى الريف، حيث يؤدى استخدام البيوجاز كوقود إلى خفض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 25%، مقارنة بالبنزين والكيروسين، وخفض انبعاثات أول أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 72%، وأكاسيد الكبريت بنسبة تصل إلى 100%.