في ظل تزايد المخلفات الزراعية والحيوانية، لجأ الخبراء إلى تكنولوجيات بديلة كإنتاج البيوجاز باعتباره غير مكلف وصديق للبيئة ويخلص الريف من ملايين أطنان القمامة من أجل الوصول إلى منتجات زراعية نظيفة ذات قدرة تنافسية تعود بالنفع على صحة المواطن والاقتصاد القومي. وتعد المخلفات الحيوانية مصدرا قيما للعناصرالغذائية والطاقة المتجددة، غير أن معظم النفايات التي يتم جمعها وتترك لتتحلل في العراء تشكل خطرا بيئيا كبيرا، خاصة أن الغازات المنبعثة منها تشمل غاز الميثان وأكسيد النيتروز والأمونيا وكبريتيد الهيدروجين والمركبات العضوية المتطايرة، التي يمكن أن تتسبب في مشاكل صحية خطيرة . في الماضي، كانت نفايات الماشية تستخدم "سباخ" في الأراضي الزراعية فقط، حتى توصلت الأبحاث إلى إمكانية الاستفادة من مخلفات الحيوانات بطريقة بيئية اقتصادية سليمة تدر للفلاح البسيط دخلا ثابتا، وتخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بجانب استخراج غاز البيوجاز، بالإضافة إلى سماد عضوي عالي الجودة خالي من الحشائش الضارة والميكروبات، حيث يمكن للفلاح الذي يمتلك 4 رؤوس ماشية الاكتفاء ذاتيا من الغاز؛ لأن مخلفاتهم تنتج ما يوازي أسطوانتي غاز، وسماد عضوي بما يعادل 25 كيلو يوريا و50 كيلو سوبر فوسفات شهريا. ووفقا لآخر الإحصاءات الصادرة عن وزارة الزراعة، فإن مصر بها حوالي 8.5 مليون رأس من الماشية تنتج 93 مليون كيلو جرام من المخلفات العضوية يوميا، وإذا تمت الاستفادة منها، وتحويلها لغاز حيوي ستنتج ما يقرب من 4 ملايين متر مكعب من الغاز الحيوي في اليوم الواحد، والكمية تكفي لإنتاج 43 مليون أسطوانة غاز سنويا، أي 12.5% من إجمالي استهلاك مصر من الغاز سنويا. وقال المهندس أحمد مدحت، مدير مشروع وحدات إنتاج الطاقة الحيوية بوزارة البيئة، إن استهلاكنا من الغاز يبلغ 360 مليون أسطوانة سنويا تحتاج إلى 4.4 مليون طن، موضحا أن مصر تمتلك 8.5 مليون رأس ماشية، منها 7.5 مليون لدى الفلاحين، والناتج من الروث يمكن أن ينتج 3.8 مليون متر مكعب من الغاز الحيوي يوميا؛ بما يساوي 43 مليونا و588 ألف أنبوبة سنويا، والأنبوبة التي تنتجها الحكومة تتكلف 60 جنيها؛ أي أنه سيوفر نحو 2.5 مليار جنيه سنويا. وأضاف مدحت ل"البديل"، أن المشروع بدأ بشكل تجريبي في محافظتي الفيوم وأسيوط، وفي حالة تعميمه على مستوى الجمهورية، سنحتاج إلى 1.2 مليون وحدة إنتاج غاز حيوي، لكن الوصول إلى هذا الرقم الضخم، يحتاج إلى تمويل من جهات دولية مانحة، خاصة أن تكلفة الوحدة تبلغ 5400 جنيه، مؤكدا أن الوحدات التجريبية التي تم تنفيذها بالفعل، بلغت 191 وحدة منزلية، ويستهدف المشروع إنشاء ألف وحدة جديدة خلال العام المقبل. وأوضح الدكتور سيد عبد المطلب، أستاذ الميكروبيولوجي بزراعة كفر الشيخ، أن تكنولوجيا البيوجاز قديمة جدا، والبيوجاز عبارة عن خليط الغازات التي تنتج عن تخمر المواد العضوية عند خلطها بالماء بواسطة أنواع متخصصة من البكتيريا بمعزل عن الهواء، ويتكون الخليط من غاز الميثان بنسبة 60 – 70%، وثاني أكسيد الكربون بنسبة 30 – 40% مع مجموعة أخرى من الغازات مثل كبريتيد الهيدروجين، النيتروجين والهيدروجين قد تصل نسبتها من 5 – 10%، مضيفا: "قد يتغافل البعض عن هذه النسبة أثناء عملية إنتاج البيوجاز، فتظهر مشكلة أخرى، ما يؤدي إلى التأثير في إحداث التغيرات المناخية". وأشار عبد المطلب إلى إمكانية استخدام مخلفات حيوانية مثل "روث الماشية والأغنام والجمال، سماد الدواجن، سبلة الخيول، مخلفات الطيور المنزلية"، والمخلفات النباتية مثل "حطب الذرة والقطن، قش الأرز، عروش الخضر، مخلفات الصوب، ومخلفات الثمار التالفة الموجودة بالثلاجات والأسواق" التي تقدر بأكثر من 20 مليون طن سنويا، في إنتاج البيوجاز، الذي يستخدم في مجالات مختلفة كالطهي، الإنارة، وتدفئة عنابر الدواجن وإدارة ماكينات الري. وأكد أستاذ الميكروبيولوجي ل"البديل"، أن البيوجاز يساهم أيضا في إنتاج الكهرباء باستخدام مولدات تعمل بالبنزين أو بالديزل، ويحتاج كل كيلو وات إلى 0.6 – 0.7 متر مكعب بيوجاز، وهذا يفيد المناطق الريفية، ويمكن استخدامه كمصدر لإنتاج السماد، موضحا أن تكلفة وحدة البيوجاز تتراوح بين 7 -15 ألف جنيه، ومن الممكن لمن يمتلك بقرة واحدة أن يشترك مع جاره ويتقاسما التكلفة، لاسيما أن كل واحد كيلو من تلك المخلفات يمكن تحويله إلى 60 لتر غاز، فالروث الحيواني من رأس ماشية واحدة يكفي لاستهلاك أسرة يوميا من الغاز.