على الرغم من أنه لا يتبقى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سوى 13 يومًا في السلطة، إلا أن واشنطن شهدت عاصفة من الانتقادات وجهت للرئيس الأمريكي الذي تسبب في إحداث فوضى بالبلاد، لاسيما بعد ليلة من الفوضى خلفها مؤيدوه بعد اقتحام مبني الكونجرس مخلفًا قتلى في مشهد قيل أنه اغتال "ديمقراطية أمريكا". وهو ما انعكس على تصريحات مسئولين أمريكيين الخميس، وظهر جليًا في مطالب عديدة من الجمهوريين والديمقراطيين بضرورة عزله. وكان ترامب تعهد في بيان في الصباح الباكر "بانتقال سلس" للسلطة قبل تنصيب بايدن، في إعلان يرجع في جانب منه إلى رغبته في منع مزيد من أعضاء فريقه من الاستقالة، غير أن ترامب واصل تكرار مزاعمه الزائفة بسرقة الانتخابات منه. ولم يندد كذلك بالعنف الذي تفجر بعدما حث أنصاره أمس الأربعاء إلى الزحف نحو مبنى الكونجرس خلافا لمناشدات أعضاء كبار في إدارته. فخرج الخميس، دعوات عدة بإقصاء «ترامب» من المنصب إحداها لزعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ وأخرى لعضو جمهوري بمجلس النواب، تلتها استقالات عدة بين أعضاء فريقه بالبيت الأبيض. فيما بحث عدد من أعضاء إدارة الرئيس الجمهوري وحلفائه تفعيل مادة في الدستور الأمريكي لعزله من منصبه. جاءت البداية بدعوة من زعيم الديمقراطيين بمجلس الشيوخ تشاك شومر نائب الرئيس مايك بنس إلى عزل ترامب بموجب التعديل الخامس والعشرين من الدستور الأمريكي، الذي يسمح لأعضاء الإدارة بإقصاء الرئيس إذا بات غير أهل للمنصب. ودعا عضو جمهوري واحد على الأقل و19 ديمقراطيا في مجلس النواب إلى اتخاذ نفس الإجراء. وقال شومر في بيان "ما حدث في مبنى الكونجرس الأمريكي أمس، هو تمرد ضد الولاياتالمتحدة بتحريض من الرئيس..لا ينبغي للرئيس البقاء في السلطة ليوم واحد بعد ذلك". كما دعا العضو الجمهوري بمجلس النواب آدم كينزنجر إلى تفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور لإقصاء ترامب من السلطة. وقال كينزنجر في مقطع مصور على تويتر "كل المؤشرات تدل على أن الرئيس أصبح منفصلًا، ليس فقط عن مهام منصبه أو حتى عن القسم الذي أداه، وإنما عن الواقع ذاته". أما عضو مجلس الشيوخ الديمقراطية إيمي كلوبوشار فقالت إنه ينبغي لإدارة ترامب أن تكون مستعدة للتحرك، إذ من المحتمل أن يثير ترامب مزيدًا من القلاقل فيما تبقى من فترته. وقالت كلوبوشار لشبكة (سي.بي.إس) "من الأفضل أن يكونوا مستعدين للقيام بذلك إذا استمر (في السلطة) لأنه لا يمكن أن يكون لديك رئيس يقود تمردًا ضد حكومة بلدنا". وناشد تشاد وولف القائم بأعمال وزير الأمن الداخلي، الرئيس وجميع المسئولين المنتخبين التنديد بالعنف الذي وقع أمس، فيما ذكر كين كوسينيلي، نائب وولف، لفوكس نيوز أن العمل جار على إقامة سياج جديد حول مبنى الكونجرس بحيث يكون جاهزا قبل تنصيب بايدن. وانضم مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق جون برينان للأصوات المطالبة بالعزل، ودعا الجمهوريين ومجلس الشيوخ للتحرك الفوري لإقالة ترامب. وأعرب لاري هوجان، حاكم ولاية ميريلاند الأمريكية عن تأييده لعزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من منصبه بعد أن اقتحم مئات من أنصار الرئيس المنتهية ولايته مبنى الكونجرس (كابيتول) مساء أمس الأربعاء. وقال السياسي الجمهوري اليوم الخميس:" أعتقد أنه مما لا شك في أن أمريكا ستكون في حال أفضل إذا استقال الرئيس أو تم إبعاده من منصبه". فيما اتهم الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن الخميس، ترامب بتحريضه على العنف الذي شهده مبنى الكونجرس أمس الأربعاء، واصفًا ما حدث بأنه أحد أحلك الأيام في تاريخ البلاد وهجوم على الديمقراطية. ووصف بايدن، الذي كان يتحدث في ولاية ديلاوير، مؤيدي ترامب الذين اقتحموا مبنى الكونجرس بأنهم "إرهابيون محليون". وقال بايدن: "لا أجرؤ على وصفهم بالمحتجين، إنهم غوغاء مثيرون للشغب، متمردون وإرهابيون محليون". وأضاف الرئيس الأمريكي المنتخب: "شاهدنا في الأعوام الأربعة الماضية رئيسًا جعل احتقاره لديمقراطيتنا ودستورنا وحكم القانون أمرًا واضحًا في كل شيء فعله". وحلت الفوضى بمبنى الكونجرس عندما اقتحم مؤيدون لترامب المبنى الذي يضم مجلسي الشيوخ والنواب بعدما ظل ترامب طوال أسابيع يوجه لأنصاره مزاعم زائفة بأن انتخابات الثالث من نوفمبر قد سرقت منه. وطالبت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، بإقصاء ترامب من السلطة، واصفة إياه ب"الشخصية الخطيرة". وقالت بيلوسي، إن ما فعله الرئيس ترامب هو محاولة لتقويض الانتخابات. وتابعت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، أن الديمقراطيين يضغطون من أجل مساءلة ترامب. وعبر السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام، عن شعوره بالقلق إزاء الأيام ال 14 المقبلة، مؤكدًا أن إنجازات ترامب، تشوهت بما جرى أمس، وما طلبه من مايك بنس لم يكن دستوريًا، وبايدن فاز برئاسة الولاياتالمتحدة، والانتخابات الأمريكية كانت شرعية. ورفض جراهام، تفعيل التعديل ال 25 من الدستور وكل الخيارات مطروحة، وسنسعى لاستعادة مجلس الشيوخ في انتخابات 2022. وكان مجلس النواب الذي يقوده الديمقراطيون قد سأل ترامب في ديسمبر 2019 بشأن اتهامات بإساءة استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونجرس بعدما ضغط الرئيس على أوكرانيا للتحقيق مع بايدن، لكن مجلس الشيوخ الذي كان يقوده الجمهوريون صوت في فبراير 2020 لصالح إبقائه في المنصب. وطالب مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) من المواطنين تقديم معلومات عمن شاركوا في الفوضى التي قتل فيها أربعة أفراد. وجاء العنف في اليوم نفسه الذي فاز فيه رفاق بايدن الديمقراطيون بأغلبية بسيطة في مجلس الشيوخ بعد اقتناصهم مقعدي ولاية جورجيا في انتخابات الإعادة التي جرت يوم الثلاثاء. ورفض حلفاء قدامى لترامب مثل بنس وزعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل مناشدات الرئيس بالتدخل وصادقا بدلا من ذلك على فوز بايدن. ورفض الشيوخ والنواب اعتراضين على أعمال فرز الأصوات وصادقا على نتيجة التصويت النهائي للمجمع الانتخابي بفوز بايدن بواقع 306 أصوات مقابل 232 صوتًا لترامب. وقال بنس في معرض الإعلان عن إجمالي الأصوات إن هذا "سيُعتبر إعلانًا كافيًا عن الرئيس المنتخب للولايات المتحدة ونائب الرئيس". ووبخ مكونيل، الذي ظل صامتًا لفترة طويلة بينما كان ترامب يسعى لإلغاء نتائج الانتخابات، الجمهوريين الآخرين الذين أوقفوا التصديق. ووصف الاقتحام بأنه "تمرد فاشل". وقال مكونيل في مجلس الشيوخ: "لقد حاولوا تعطيل ديمقراطيتنا... فشلوا". وألانت صدمة الهجوم على ما يبدو من عزيمة بعض الجمهوريين الذين دعموا جهود ترامب لقلب خسارته في الانتخابات، فقد غير العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين قالوا إنهم سيقدمون اعتراضات على فرز أصوات المجمع الانتخابي رأيهم عندما عادوا إلى المجلس. وجرى التصويت على اعتراضين على عدد الأصوات في أريزونا وبنسلفانيا في كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ. وقال السناتور لينزي جراهام، أحد أقوى حلفاء ترامب في الكونجرس، في قاعة مجلس الشيوخ "كل ما يمكنني قوله هو استبعدوني (من التصويت). هذا يكفي". وقال مسئولو الانتخابات من كلا الحزبين والمراقبون المستقلون إنه لم يكن هناك تزوير واسع النطاق في الانتخابات، وحصل بايدن على سبعة ملايين صوت أكثر من ترامب في التصويت الشعبي على مستوى البلاد.