50 عامًا من النجاح والتفرد تمثل المسيرة الفنية للنجم الكبير عادل إمام وهي تجربة ما يضاهيها محليًا وعربيًا وعالميًا أي تجربة. فقد عاش سنوات عمره مخلصًا للفن ولجمهوره وانحاز للناس وقضياهم وأحلامهم؛ فأفلامه وأعماله وثائق للتاريخ، ولهذا أحبه الجمهور ومنحه لقب "الزعيم". دائمًا يؤكد أن الفن المصري هو القادر على الاختراق والانتشار.. وأنه من قلاع المصريين الحضارية وأنه "لا خوف على مصر والمصريين" يرددها "الزعيم" بأريحية واطمئنان. لم يغب أبدًا عادل إمام عن قضايا أمته ولا قلوب الملايين من محبيه في الوطن العربي.. فعندما يذكر اسمه تجد نفسك متلبسًا بالابتسامة والبهجة.. التقيته قبل أيام في جلسة مطولة وجدته كعادته في كامل لياقته الصحية نقيًا عفيًا.. ذاكرة من حديد.. اعتزاز لا يلين بكل مشهد قدمه.. بشوشًا مبتسمًا يحتضنك بملء عينيه.. راحة ضمير تامة بأنه عمل بإخلاص ويقول "احترمت لقمة العيش". في حضرة الزعيم هناك ثوابت راسخة لا تغيب ولا تتغير؛ سواء في أفلامه أو حواراته، وحتى في الجلسات الودية ألا وهي الوطن والناس، دائمًا مصر حاضرة في تفكيره بتاريخها ومستقبلها.. لا يمل من السؤال عن الأحوال في ربوع البلاد والعباد.. يفاجئك بالحديث عن مواضيع تخشى طرحها فيحدثك عن الزمن ويقول "الزمن هو الشيء الوحيد الذي يخيف الإنسان ولا يمكن الوقوف أمامه". ما قدمه عادل إمام من أعمال ونجاحات لم تأت صدفة، وإنما أتت من اختياراته التي انحازت للناس، كما تفرد بما يسمى قوة الرفض؛ لأنها التي تعطي القيمة وتصنع التاريخ. ويقول: اعتذرت عن أفلام لم أجد نفسي فيها في وقت كنت احتاج فيه لجنيه واحد، وينتقل بك سريعًا إلى حلم يراوده، ويفاجئك بقوله: "نفسي اعمل فيلم أغير فيه شكلي إللي الناس اتعودت عليه". حكايات الزعيم في تلك الليلة كانت عامرة بالثقافة والفكر وتذكر كبار المبدعين، وتأكد أن ما يحمله من تاريخ هو نتاج ثقافة وفكر، فوسط حالة البهجة التي تلف المكان تجده يتحدث عن تاريخ قدماء المصريين، ويطلب مشاهدة أحد الأفلام عن تاريخ مصر القديم، وبناء الأهرام والتطوير والمتحف الجديد. عادل إمام الذي حمل على عاتقه مهمة إسعاد الشعوب ومواطن بهجتها القائمة على تأليف القلوب، من خلال أعمال فنية عبرت كثيرًا عن همومنا وأحلامنا وآهاتنا أيضًا، فتسيد النجم الكبير دولة الكوميديا، وتصدر المشهد الفني العربي سينمائيًا ومسرحيًا وتليفزيونيًا، فالرجل تاريخه يشهد أنه الفنان العربي الوحيد الذي يملك أعلى رصيد جماهيري من المحيط إلى الخليج، كما أن قامته الكبيرة تستند إلى تاريخ عريق التأثير والوطنية، وربما ما حصل عليه من نجاح كان بسبب انحيازه إلي الشعوب، ومن ثم انحازت له ملايين المصريين والعرب. عادل إمام الذي أسعدنا كثيرًا يستحق من وطنه التتويج وتوسميه بأعلى الأوسمة، وكلنا يقين بأن الدولة تدرك قيمته وتأثيره، وأن منحه أعلى وسام مثلما منحته وكرمته دول شقيقة يعطي الأمل، ويؤكد تقدير الدولة للفنون وكبار النجوم.