الترقب واللهفة فى انتظار عودة الغائب.. مشاعر تبددت سريعا وتحولات إلي سراب لدي أسر وعائلات ضباط الجيش المعتقلين على خلفية تضامنهم مع الثورة والثوار، خصوصًا بعد نفى الرئاسة لخبر العفو عنهم وتأكيدها على أن قضيتهم مازالت محل دراسة وأن العفو سيأتى قريبا دون تحديد موعد لذلك. انطلقت مناشدات تلك الأسر للمطالبة بالعفو عن أبنائهم صاحبها حملات تضامن واسعة من عدد من الحركات الثورية التى أعلنت عن مليونية ومسيرات اليوم بالمحافظات للمطالبة بالإفراج الفورى عنهم، تواصلت "بوابة الأهرام" مع بعض تلك الأسر التى خصت البوابة بإرسال مناشدات عاجلة للرئيس محمد مرسي، والفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، للإفراج الفورى والعفو الشامل عن أبنائهم. أكدت السيدة منى زوجة الرائد أحمد شومان أن الثورة نفسها حدث استثنائي فى حياة الشعوب له قوانينه الخاصة، نظرا لكونها فعل غير قانونى، وأن المرحلة التى سبقت 30 يونيو 2012 هى مرحلة النضال الشعبي والثورى قبل تسليم السلطة إلى رئيس منتخب لتبدأ مرحلة إعادة بناء الدولة والاستقرار، لذا لا يجب أن تتم بمحاسبة الثوار بقوانين ما قبل 30 يونيو، مؤكدة على أن زوجها وغيره من الضباط ساندوا الشعب المصرى وثورته ولم يرتكبوا جرما فى حق هذا الوطن، كى تتم محاكمتهم بتلك الطريقة، وأن الثورة لا يجب أن تكون حكرا على أحد أو فئة بعينها لأن الضابط هو مواطن مصرى فى النهاية. وأوضحت فى تصريح خاص ل"بوابة الأهرام" أن الرائد شومان انضم للمتظاهرين مرتين كانت الأولى بالزى العسكرى فى وقت حرج قبل التنحى مضحيا بنفسه ومستقبله بسبب إيمانه بالثورة وضرورة نجاحها، وليبعث برسالة طمأنة للمتظاهرين بالميدان كتطبيق حى على شعار "الجيش والشعب إيد واحدة"، ليؤكد للجميع أن ضباط الجيش يقفون مع الشعب فى مطالبه وأنهم لن يوجهوا سلاحهم ضد أى من أبنائه، معتبرة أن ذلك لعب دورا فى سرعة صدور قرار التنحى. ولفتت إلى أن المرة الثانية كانت وقت أحداث محمد محمود احتجاجا منه على وثيقة السلمى وللمطالبة بتحديد موعد محدد لتسليم السلطة، مشيرة إلى أن الفترة التى سبقت أحداث محمد محمود شهدت مليونيات كثيرة للمطالبة بتحديد موعد تسليم السلطة، موضحة أن نزول شومان وزملائه وقتها ساهم فى تحريك المياة الراكدة ودفع المشير ليخرج بنفسه على شاشة التليفزيون المصرى فى 22 نوفمبر الماضى ليحدد موعد تسليم السلطة بشكل نهائي، بسبب انضمام هؤلاء الضباط للميدان مما أعطى رسالة للقوات المسلحة بأن الضباط لن يقبلوا باستمرار الوضع كما كان عليه ويجب على الجيش العودة لثكناته. أضافت فى ألم: "لقد تواصل معنا عدد كبير من الشخصيات العامة والمسئولين الذين أكدوا لنا أن قرار العفو عن الضباط على مكتب الرئيس، وأنه فى انتظار عودته من رحلتى الصين وإيران، وفوجئنا الإثنين الماضي بالأنباء الخاصة بالعفو عنهم واستعدينا نفسيا لاستقبالهم وعودتهم، إلا أن الإحباط والألم كان نصيبنا فى النهاية بعد إعلان الرئاسة أن الأمر مازال قيد البحث، وقد استمعت لتصريح للمخرج خالد يوسف فى لقاءه على قناة النهار أمس الخميس وهو يقول إنه طالب الرئيس مرسي خلال اجتماعه بالفنانين بالعفو عن الضباط، ونقل على لسان الرئيس أنه أبلغهم أنه سيتم الإفراج عنهم قريبا جدا، وأنهم سيعودوا لعملهم". تابعت قائلة: "نحن فى انتظار تنفيذ وعد الرئيس ونناشده هو والفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع، أن يتم الإفراج عنهم فى أقرب وقت فهم فى النهاية ضباط بالجيش مواقفهم واضحة ومعروفة ولا تستدعى كل هذا البحث والتحرى". واستكملت بصوت باكى: "أولاده مش بيناموا تقريبا وكل شوية بيسألوا بابا هييجى إمتى إحنا هنفضل مستنيين كدة كتير، وكنا بنتعذب فى الزيارات لأنهم كانوا بيستخبوا منى فى الاستراحة عشان يفضلوا معاه ويعيطوا ويمسكوا فيه ويقولوا له كفاية شغل كدة بقى يا بابا وتعالى معانا، لأنه كان بيبقى لابس الأفرول وهو فى السجن، إحنا كنا منتظرين تولى الدكتور مرسي بفارغ الصبر عشان كنا معتقدين إن أول قرار هياخده هو العفو والإفراج عن كل المعتقلين، ومنهم الضباط، خصوصًا إنه قرار اتخاذه أسهل كتير من قرارات أصدرها زى إلغاء الدستورى المكمل وتغيير قيادات الجيش..بجد مش فاهمين هم ليه فى السجن لحد دلوقتى". مشاعر الألم والأسي نفسها شاركتها فيها الدكتورة أميمة السيد أحمد والدة النقيب طبيب عمرو المتولى التى يواجه ابنها حكما بالسجن لسبع سنوات لانضمامه للمتظاهرين خلال أحداث محمد محمود، التى قالت للبوابة مستنكرة بألم: "إحنا تعبنا طلعونا سابع سما بخبر العفو عنهم ونزلونا لسابع أرض لما تراجعوا، وليه ده كله هم عملوا إيه أكتر من إنهم وفوا باليمين اللى حلفوه فى الكلية بالمحافظة على البلد..أنا مش عارفة هل هم كانوا مع إسرائيل ضد مصر ولا كانوا مع الشعب وثورة مصر؟". أوضحت أن ابنها صعب عليه بشدة ما يتعرض له الثوار من قمع وإهانة للآدمية خلال أحداث محمد محمود لكونه طبيب وجندى مصرى شارك فى مهمة رسمية من قبل بمداوة جراح المصابين فى المستشفيات الميدانية كمنتدب من الجيش خلال الأيام الأولى للثورة قبل التنحى، فاعتبر نفسه فى مهمة غير رسمية وانضم للميدان معلنا اعتصامه هو وزملاؤه حتى يتوقف القمع ويعود آخر ثائر سالما لبيته، وحاول قاداته إثناؤه عن ذلك وطالبوا والده الضابط السابق بالمخابرات الحربية بإقناعه، إلا أنهم فشلوا جميعا، فتم القبض عليه وزملاؤه، لافتة إلى أنه مصاب ب 6 طلقات مطاطية فى قدمه ويرفض تلقى العلاج قبل أن تتم معالجة كافة المصابين. تابعت متألمة بصوت يخالطه البكاء: "إبنى مكنش محتاج أى حاجة عنده مرتبه وعربيته ومعندوش أى مشكلة عشان يضحى كدة، إلا لما صعب عليه اللى بيحصل فى ولاد بلده.. نفسي حد يجاوبنى ليه ابنى يعامل كسجين وأسير زى أى جاسوس وهو ساند بلده وإزاى ضباط الشرطة اللى قتلوا الشهداء وأصابوا المتظاهرين يتحاكموا وياخدوا براءة ويرجعوا شغلهم وتزيد مرتباتهم مكافأة ليهم والضباط اللى ساندوا الثورة والمتظاهرين يتهانوا ويتحبسوا بالشكل ده.. فين العدل؟". وأضافت أن المرة الأولى التى صوتت فيها فى الانتخابات كانت الانتخابات الأخيرة، التى صوتت فيها للدكتور مرسي، لأنها لم تثق بمنظومة الانتخابات من قبل، وأنها صوتت له حتى يحل مشاكل مصر واستبشرت به خيرا، معتقدة أن أول قرار سيتخذه فى بدء حكمه هو العفو عن هؤلاء الضباط وكل المعتقلين واسترداد حقوق الشهداء والمصابين، مؤكدة أنه لولا تضحيات ومخاطرة هؤلاء ما وصل الدكتور مرسي إلى حكم مصر، متسائلة ب "ألم يأن الآوان للاعتراف بهذا الجميل؟"، مناشدة الرئيس بالعفو الشامل العاجل عنهم، ومناشدة وزير الدفاع بفتح صفحة جديدة مع مؤسسته وضباطه. لم تبتعد كثيرا السيدة سمية عبدالمتعال، وكيل وزارة المالية السابق، ووالدة الرائد تامر بدر التى أكدت أن ابنها انضم للمتظاهرين فى أحداث محمد محمود، بعد صدمته مما يحدث للثوار والمتظاهرين من قمع وإصابات بالعيون وإلقاء الجثث فى صناديق القمامة، فانضم لهم للدفاع عنهم فتم القبض عليه وحكم عليه بأربع سنوات قضي منها 10 شهور. أضافت بأسي أنها تقدمت بالكثير من الالتماسات تطالب فيها الإفراج عنه، لكن للأسف لم تتم الاستجابة لها، مناشدة الرئيس ووزير الدفاع أن يتم النظر بعين الرأفة والاعتبار لهؤلاء الضباط ويتم الإفراج عنهم بعفو شامل، مشيرة إلى أن العقاب يكون دائما على قدر الخطأ وأن ما ارتكبوه من خطأ من وجهة نظر قياداتهم لا يستوجب حبسهم لأكثر من ذلك، مضيفة بصوت حزين: "أكثر من كدة ظلم وحرام لأن لولا مساندتهم للثوار والثورة مكنش الرئيس مرسي وصل للحكم، والرئيس إنسان متدين وميرضاش إن مظلوم يبات فى الحبس فى عهده، خصوصًا إنه جرب الظلم ده وجرب معاناة المظلوم فى حبسه".