تراجع الطلب على اتفاقات إعادة شراء الأوراق المالية الحكومية (ريبو) التي يطرحها البنك المركزي المصري بعدما قفز في يونيو، فيما يشير لاحتمال انحسار الضغوط قصيرة الأجل على النظام المصرفي مع تدفق المزيد من الأموال على البلاد. واستحدثت الحكومة الأداة في مارس من العام الماضي لدعم السيولة في الأسواق المالية المصرية المضطربة بعد شهر من تنحي حسني مبارك، عن رئاسة الجمهورية، في أعقاب انتفاضة شعبية. واضطرت الحكومة بسبب نزوح المستثمرين الأجانب عن مصر بعد الثورة لتمويل العجز المرتفع الذي يبلغ حاليا نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي بالاعتماد على البنوك المحلية التي سريعا ما بلغت الحدود القصوى لقدرتها على الإقراض. وفي يونيو قفز حجم اتفاقات إعادة الشراء القائمة لنحو 38 مليار جنيه (6.23 مليار دولار) أي أكثر من ربع العجز السنوي بالميزانية إلا أنه انخفض منذ ذلك إلى 12 مليار جنيه. وعززت اتفاقات إعادة الشراء السيولة في النظام المصرفي لكنها أدت أيضا لزيادة التكلفة المرتفعة بالفعل لتمويل الحكومة عجزها بالسماح للبنوك ببيع أذون خزانة عائدها 12.75 % أو أكثر للبنك المركزي بفائدة 9.75 بالمئة فحسب. وعلى مدى الشهور القليلة الماضية انحسرت مشاكل السيولة خاصة بعدما تلقت الحكومة قروضا وتعهدات من دول خليجية تتجاوز الخمسة مليارات دولار. وتحسنت السياحة أيضا وانخفضت أسعار النفط. ويقول محللون ومتعاملون إن ذلك خفف فيما يبدو الضغط على البنوك بالرغم من أن أرقام الودائع لهذه الفترة لم تعلن بعد. وقال سايمون كيتشن، المحلل في المجموعة المالية هيرميس "السيولة تتحسن بعض الشيء، هناك بعض الاهتمام الاجنبي بأذون الخزانة المحلية وزيادة طفيفة في السيولة بسوق الأسهم، إلى متى يمكن أن يستمر ذلك لا أدري". وأضاف، "إلى جانب أن الآفاق السياسية أصبحت أكثر وضوحا وهو ما قد يكون شجع أيضا المستثمرين الأجانب على الإقدام". وارتفع حجم صفقات إعادة الشراء إلى ذروته عند 37.9 مليار جنيه في 12 يونيو وظل فوق 30 مليارا في الفترة المتبقية من الشهر، فيما يرجع جزئيا إلى الضغوط على موارد البنوك الحكومية والمملوكة للدولة قبل انتهاء السنة المالية في 30 يونيو. ومع دخول السنة المالية الجديدة بدأت صفقات إعادة الشراء في الانخفاض على الفور لتصل إلى 22.3 مليار جنيه في الثالث من يوليو . وهبطت إلى 12 مليار جنيه هذا الأسبوع. وتحسنت السيولة أيضا بفعل خفض الاحتياطي الإلزامي على الودائع بالعملة المحلية نقطتين مئويتين بدءا من 26 يونيو. وقال رئيس غرفة المعاملات بأحد البنوك، إن البنك المركزي حول نحو 3 مليارات جنيه إلى وزارة المالية بعدما باع أذون خزانة دولارية بقيمة 526 مليون دولار في منتصف يونيو. وربما يكون قد حول مزيدا من الأموال بعدما أودعت قطر 500 مليون دولار لدى المركزي المصري في أغسطس. وحل موعد استحقاق سندات دولية مقومة بالجنيه المصري بما يعادل مليار دولار في يوليو ما ضخ مزيدا من السيولة بالسوق. وقال رئيس غرفة المعاملات، الذي طلب عدم نشر اسمه: إن البنوك المحلية وبالأساس المملوكة للدولة كانت تمتلك 70 بالمائة من السندات. وأضاف، "تعززت السيولة لدى البنوك لذا انحسرت ضغوط الاقتراض"، ويقول متعاملون: إن اتفاقات إعادة الشراء أتاحت لبعض البنوك جني أموال كثيرة بالحصول على أموال رخيصة من مزادات إعادة الشراء التي يطرحها البنك المركزي ثم شراء أذون خزانة بعائد أكبر من السوق الثانوية. وبلغ متوسط العائد على أذون الخزانة لأجل 91 يوما 14.227 بالمائة في مزاد يوم الأحد. ويساوي ذلك 11.4 % عائدا فعليا بعد خصم ضريبة الدخل البالغة 20 %. ويبلغ متوسط العائد الفعلي على أذون الخزانة لأجل 364 يوما 12.75 %. وبالرغم من ترنح الاقتصاد الذي تفيد تقديرات وزارة المالية بنموه اثنين بالمائة فحسب في 2011-2012 فقد أعلنت البنوك المحلية أرباحا قوية للنصف الأول من العام فيما يرجع جزئيا لارتفاع دخل الفوائد. ويقول مصرفيون إن جزءا كبيرا من ذلك يعود إلى الفائدة المرتفعة التي جنتها البنوك على الأدوات المالية الحكومية بما في ذلك اتفاقات إعادة الشراء. لكن البنوك تواجه خطر أن يقلص البنك المركزي حجم الاتفاقات التي يطرحها أسبوعيا وهو ما سيجعل تعرض البنوك مبالغا فيه. وحتى الآن يبدو البنك المركزي قانعا بابقاء الوضع كما هو عليه ربما لتخفيف الضغط عن أسعار الفائدة بين البنوك. وفي العاشر من يوليو توسع البنك في مزادات اتفاقات إعادة الشراء لتشمل مزادات لأجل 28 يوما إلى جانب الاتفاقات لأجل 7 أيام. ويقرض البنك المركزي البنوك لأجل ليلة بفائدة 10.25 بالمائة ويقترض بفائدة 9.25 %. وقال محلل: إن البنك المركزي لو سمح بارتفاع الفائدة على اتفاقات إعادة شراء أذون الخزانة لازالة الفارق بينها وبين أسعار أذون الخزانة فربما يتعين عليه أيضا رفع أسعار الفائدة على القروض والودائع لأجل ليلة. وإذا واصل العائد على أذون الخزانة الارتفاع فسيغري ذلك البنوك باستخدام أموالها لشراء أذون خزانة قصيرة الأجل من السوق الثانوية وهو ما سيقلص الأموال المتاحة بسوق ما بين البنوك. وقال محلل للأوراق المالية في بنك استثمار بالقاهرة مشترطا عدم نشر اسمه لحساسية مناقشة سياسات البنك المركزي: "سجري تداول الأوراق قصيرة الأجل بعائدات أعلى وهو ما سيثني البنوك عن الإقراض فيما بينها".