دفعت جائحة كورونا التي ضربت العالم على جميع المستويات "صحيًا واقتصاديًا وتعليميًا"، إلى تغيير معتقدات كان يسير عليها قبل ظهور الفيروس، شملتها النظرة للتعليم في زمن "كوفيد 19".. حيث فرضت الجائحة واقعا جديدا للتعليم بالاعتماد على نظام "التعليم عن بُعد" خلال فترات تعليق الدراسة الذي كان بمثابة طوق النجاة للطلاب للحفاظ على عامهم الدراسي. لم يكتف التغيير الذي أحدثه فيروس كورونا ، بالاعتماد على التعليم الإلكتروني كمرحلة ثابتة للعملية التعليمية، بل بدأ التفكير في مشتق جديد من النظم التعليمية وهو " التعليم الهجين "، الذي يمزج بين الحضور بعض الأيام خلال الأسبوع للمنشأة الدراسية بجانب " التعليم أون لاين " . مصر بدأت تطبيق فكرة التعليم الإلكتروني مبكرا، بتوزيع " التابلت " على طلاب الثانوية العامة "أولى وثانية"، في إطار توجه الدولة بتطبيق التعليم الإلكتروني ومواكبة العمليات التطويرية التي تشهدها المؤسسات العالمية، وهو ما دفع المجلس الأعلى للجامعات إلى اتخاذ الخطوات في تطبيق "التعليم عن بُعد" ثم التفكير واعتماد النظام الجديد " التعليم الهجين ". خلال السطور التالية.. "بوابة الأهرام"، استطلعت آراء عدد من المهتمين بالشأن الجامعي للحديث حول تطبيق نظام " التعليم الهجين " بالجامعات: ضرورة حتمية استخدام نمط " التعليم الهجين " بات ضرورة حتمية كأحد النظم التعليمية الحديثة، وهو الاتجاه الأنسب الأن لتوفير بيئة تعليمية تفاعلية تناسب احتياجات المتعلمين في حالات الطوارئ فى ظل التوجه العالمى إلى اعتماد الأدوات الرقمية في التعليم العالي في جميع أنحاء العالم. اعتبر الدكتور ماجد القمرى الأستاذ بمعهد علوم وتكنولوجىا النانو بجامعة كفر الشيخ ورئيس الجامعة السابق، أن رقمنة التعليم فى مصر يحظى باهتمام بالغ من الرئيس عبدالفتاح السيسى، نظرا للدور الذي يقوم به التعليم في تحقيق التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن التعليم الهجين ، نمط أو بيئة تعلم يتم فيها دمج التقنيات الحديثة فى العملية التعليمية التقليدية مع الالتزام أو عدم الالتزام بوقت معين أو مكان محدد، ويعتبر نمط يجمع كل من التعليم التقليدى من خلال استخدام الفصول الدراسية التقليدية والتعليم عن بعد من خلال التعامل مع التقنيات الحديثة والتفاعل بين المعلم و المتعلم، أى أن هذا النمط التعليمى يتصف بالمرونة لتحقيق التزامن من خلال التواصل الفعلى "التعلم فى نفس الوقت والمكان" أو التواصل غير المتزامن القائم على مبدأ التعلم فى أى وقت ومكان من خلال توظيف وسائل التقنية المساعدة فى التعليم مثل أجهزة الحواسب والهواتف الذكية وخدمة الواى فاى وغيرها من الوسائل. " التعليم الهجين " يعزز توظيف الوسائل التكنولوجية المساعدة للتواصل الفعلى بين المعلم والطالب والمحتوى التعليمى، سواء فى فصول تقليدية متعددة داخل نفس المؤسسة لتقليل الكثافة الطلابية أو فى فصول افتراضية فى نفس الوقت دون الإرتباط بالمكان الجغرافى.. وأكد رئيس جامعة كفر الشيخ السابق، أن هذا النمط التعليمى يتيح للمتعلمين الوصول إلى المصادر التعليمية بسهولة على اختلاف أماكن تواجدهم جغرافيا ودون الارتباط بوجود المعلم والمتعلم في وقت واحد من خلال منصات تعليمية إلكترونية تفاعلية متعددة المهام وذات وسائط إلكترونية متعددة، وتقنيات حديثة تتيح التفاعل بين المعلم والطلاب والمحتوى التعليمي بطريقة تفاعلية لتعزيز مستوى الأداء، وتحسين نوعية التعليم، وزيادة الدافعية في التعلم من خلال وسائل الحوار والنقاش والمحادثات المختلفة المتزامنة وغير المتزامنة، إضافة إلى وسائل تقويم الطلبة والمتابعة والتغذية الراجعة والتقارير وبعض الخدمات لإدارة البيانات وحفظها وفهرستها والوصول إليها. يري القمري، أن التحدي الأكبر لهذا التحول نحو التعليم الهجين ، هو إعداد وتصميم المحتوى التعليمي الرقمي للمقررات الدراسية للتوافق مع البيئة التعليمية الجديدة، مشددا على أهمية تدريب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والمؤسسات التعليمية وإكسابهم مهارات وخصائص وسمات المعلم الرقمى والتى تركز على توظيف التقنية بفاعلية في المحتوى الدراسي للمقررات الإلكترونية والتقويم الإلكترونى بدلا من التركيز على التقنية في حد ذاتها لتحقيق قفزة اجتماعية ومكانة علمية واقتصادية متميّزة، إضافة إلى تنمية شخصيّة الطالب المتكاملة في جوانبها وأبعادها المختلفة: العقليّة والبدنيّة والنفسيّة والروحيّة والاجتماعيّة والجماليّة.. فنحن فى حاجة إلى تعليم يبتعد عن أساليب إيداع المعلومة ثم استدعائها فى ورقة إجابة الامتحان عن طريق الحفظ والتلقين، تعليم يهتم بإكساب الطلاب المهارات الأساسيّة، وتنمية التفكير الإبداعي والابتكاري والنقد، وإكساب الطالب مهارات التعلّم الذاتيّ. دمج نظامى التعلم "وجها لوجه" مع "التعلم عن بعد" " التعليم الهجين " يقصد بها دمج نظامى التعلم "وجها لوجه" مع "التعلم عن بعد".. حيث يرى الدكتور عبدالباسط صديق، الأستاذ بجامعة الإسكندرية، أن هذا النظام من التعليم، يتطلب وضع خطة واضحة تمكن الطالب من الحصول على الجوانب المعرفية وبعض المهارات من خلال التعلم عن بعد، وتطبيق هذا الأمر يساعد فى تقليل الكثافة الطلابية فى قاعات المحاضرات، إلى جانب تحقيق الاستفادة من الأدوات والبرامج التكنولوجية التعليمية الحديثة مع خبرة أعضاء هيئة التدريس . تتضمن خطة تطبيق النظام الجديد للتعليم الجامعي، 3 عمليات هى: التعلم، والتقييم، والأنشطة والخدمات.. ويشير صديق، إلى أنه فى مرحلة التعلم سيتم تقسيم الطلبة إلى مجموعات تدريسية صغيرة، مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية وتطهير المدرجات وقاعات التدريس يومياً، وتعقيم وتطهير المعامل قبل كل معمل أو حصص عملية، إلى جانب التشديد على ارتداء الكمامات الواقية وذلك للطلاب و أعضاء هيئة التدريس والعاملين، لافتا إلى أنه يمكن تنظيم سير الدراسة فى الجامعات عند استخدام نظام " التعليم الهجين " عن احتساب نسبة من مشاركة الطلاب بالحضور المباشر لعدد محدد من المحاضرات المباشرة يتناسب مع طبيعة المقرر ومتابعة و"التعلم عن بُعد" فى باقى اجزاء المقرر، ولكل مقرر فى " التعليم الهجين " يتم تحديد المحتوى المعرفى والمهارى المطلوب تحقيقه فى لكل مقرر دراسى حسب كل تخصص، ويتطلب ضرورة استخدام تقنيات وعناصر التعلم الإلكترونى مع وضع آليات مرنة للجامعات يتم خلالها التنسيق مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فيما يتعلق بالبنية التحتية، كما يستلزم ذلك تدريب أعضاء هيئة التدريس التدريس والتقييم عن بعد مع تقديم كل أنواع الدعم المستمر للطالب على كل من المستوى العلمى، والتقنى، والإرشاد الأكاديمى. " التعليم الهجين ".. نظام تعليمي يستلزم استخدام وسائل التعلم عن بعد المتعددة والمختلفة من خلال إتاحة منصة تعليم الإلكترونية بكل جامعة، مع إنتاج المقررات الإلكترونية بكل جامعة واستخدام المقررات الإلكترونية المتاحة على نظام إدارة التعلم بالمركز القومى للتعليم الإلكترونى بالمجلس الأعلى للجامعات مجانا، الذى يحتوى على عدد كبير من المقررات . ووضع الأستاذ بجامعة الإسكندرية، طرقا لنجاحه، بمراعاة الاحتياجات والمتطلبات لتنفيذه ، منها توفير البنية التحتية اللازمة والبرمجيات والنظم الإلكترونية، وعملية تأهيل المنظومة بما يشمل الطلاب و أعضاء هيئة التدريس والإداريين، إلى جانب المحتوى التعليمى. مقومات التطوير اعتبر الدكتور وائل كامل، عضو هيئة التدريس بجامعة حلوان، أن الدمج بين التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني قد يصلح في التخصصات النظرية ويثبت نتائج جيدة ولكنه لن يصلح في التخصصات العملية التي تتطلب أجهزة ومختبرات ومعامل وتجارب وتدريب، مشيرا إلى ضرورة الاهتمام بتطوير البنية التحتية للمعامل والسرفرات ومواقع الإنترنت ومنصاتها التعليمية مع توفير مجموعة من البرامج التدريبية لكل العاملين بقطاع التعليم من أساتذة لهيئة معاونة لإدارات المؤسسات وحتى لصغار الموظفين، مع الاتفاق مع وزارة الاتصالات على تقديم خدمة إنترنت غير محددة سعات التحميل والرفع للطلاب و أعضاء هيئة التدريس ، وتفادي السلبيات التي أظهرتها التجربة خلال فترة تعليق الدراسة.