د. وحيد عبدالمجيد اجتهادات عندما هُزم حزب الرئيس إيمانويل ماكرون الجمهورية إلى الأمام فى الجولة الثانية للانتخابات البلدية الفرنسية قبل أسبوعين، أعلن رغبته فى إعادة ابتكار نفسه. وتفرض إعادة الابتكار مراجعة أوجه القصور، وإيجاد سبل للتجديد لا تنطوى على تغيير كامل ولكنها لا تُبقى الوضع على حاله. إعادة الابتكار, إذن، لا تعنى مراجعة جذرية تؤدى إلى جديد كلى، ولا إعادة إنتاج تُبقى ما كان. غير أنه بعد مرور أسبوعين على الهزيمة الثقيلة التى مُنى بها الحزب الحاكم فى فرنسا، ليس هناك ما يدل على اتجاه إلى إعادة الابتكار التى تحدث عنها مؤسسه. فلا تغيير بعد فى السياسات، ولا تصور لكيفية تفعيل المقترحات المتعلقة بالإصلاح البيئى التى أعلن ماكرون أنه سيتبناها. وربما يرى بعضنا أن الوقت الذى مر قصير، وأن أمام ماكرون ما يقرب من عامين قبل انتخابات الرئاسة المقبلة عام 2022. غير أن لكل نتيجة مقدمات تدل عليها أو تشير إليها. والحال أننا لا نجد مقدمات من هذا النوع فى أهم خطوة كان مفترضا أن نرى فيها ما يدل على تجديد قادم فى السياسة الفرنسية ، وهى تشكيل حكومة جديدة برئاسة جان كاستكى بعد استقالة سلفه إدوارد فيليب. الحكومة الجديدة أكثر يمينية من سابقتها، فى الوقت الذى تفيد نتائج الانتخابات البلدية أن الاستياء من سياسات ماكرون وحزبه وحكومته يعود إلى أسباب اجتماعية وبيئية فى المقام الأول. أضاف ماكرون وزراء يمينيين بامتياز إلى الحكومة الجديدة، وفى مقدمتهم روزلين باشلو وزيرة الثقافة . كما نقل وزراء يمينيين إلى مواقع أكثر أهمية فى هذه الحكومة، مثل جيرالد دارمانين الذى أصبح وزيرا للداخلية. كما أبقى وزراء يمينيين فى مواقع محورية فى الحكومة الجديدة، مثل برونو لومير وزير الاقتصاد. وربما لم يبق فى الحكومة الجديدة وزراء غير يمينيين فى مواقع مهمة إلا وزير الخارجية جان لودريان، ووزيرة البيئة باربرا بونبيلى. ويبدو أن الرئيس الفرنسى يريد أن يضمن دعم قاعدته الانتخابية الأساسية قبل كل شىء. وإذا كان الأمر كذلك، فلا مجال لإعادة ابتكار، بل لإعادة إنتاج بعض سياساته فى شكل جديد. نقلا عن صحيفة الأهرام