أجواء غير معتادة عاشها المصريون ولأول مرة اليوم، تبدد خلالها ملامح فرحة العيد ، حيث تصدح المساجد بالتكبيرات ويتسارع الجميع لإيجاد مكان بين صفوف المصلين بصلاة تتكرر مرتين فقط كل عام، صلاتي عيد الفطر وعيد الأضحي. ولم يكن أمامهم بديل غير الالتفاف حول شاشات التليفزيون لمتابعة البث المباشر لصلاة عيد الفطر من مسجدي السيدة نفسية رضي الله عنها، ومسجد الفتاح العليم، حيث أقيمت بعدد محدد سلفا ومصرح له من وزارة الأوقاف مع التزامهم بالإجراءات الاحترازية وضوابط التباعد الاجتماعي، فيما حذرت دار الإفتاء من عدم الالتزام بتلك التعليمات التي تضمن سلامة حياة الناس وحماية أرواحهم. في الوقت الذي افتقد الكثيرون سماع تكبيرات العيد وهي تعانق السماء حين خروجها من كل مسجد، إذ كان قرار وزارة الأوقاف السماح فقط بتشغيل مكبرات الصوت بالتكبير المذاع عبر إذاعة القرآن الكريم دون السماح بفتح المسجد أثناء التكبير أو السماح بصلاة العيد داخل المسجد أو خارجه أو التكبير المباشر من الإمام أو العمال أو غيرهم، فقط فتح مكبرات الصوت لإذاعة التكبيرات المذاعة عبر إذاعة القرآن الكريم شأن ما تم في إذاعة قرآن المغرب والفجر خلال شهر رمضان، وذلك فقط ب المساجد التي كانت تقام بها صلاة الجمعة. ثلاثون يوما هي شهر رمضان المبارك، ابتهل خلالها المصريون إلي الله عز وجل، راغبون في رفع بلاء فيروس كورونا المستجد، الذي أفقدهم متعة الصلاة ب المساجد وحرمهم من الطقوس الدينية والروحانية خلال هذا الشهر الكريم، فلا هم نالوا صلاة التراويح جماعة ولا واحدة من صلوات الجمعة الأربع التي مرت بالشهر الكريم ولا نالوا فضل اعتكافهم ب المساجد وصلاة التهجد في العشر الأواخر من الشهر الكريم، فجميع المساجد قد أغلقت وعلقت صلوات الجُمَع والجماعات بقرار من وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، كإجراء احترازي ووقائي ضد انتشار فيروس كورونا المستجد. ويعد "فقه النوازل" هو المصطلح الأكثر ترددا خلال أحاديث المؤسسات الدينية منذ ظهر فيروس كورونا المستجد في مصر، فمن خلاله استمدت تلك المؤسسات إصدار فتواها الخاصة بالتعامل في ظل انتشار العدوي، مقدمة مصلحة الإنسان وسلامة حياتهم والحفاظ على أرواحهم منطلقا من القاعدة الشرعية "درء المفاسد مقدم علي جلب المصالح". وعلي مدار الأسبوع الأخير من شهر رمضان، كانت المؤسسات الدينية وفي مقدمتها هيئة كبار العلماء برئاسه فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قد بدأت في إعداد المسلمين ليس في مصر فقط بل في مشارق الأرض ومغاربها، لصلاة العيد بالمنزل تجنبا لحدوث عدوي فيروس كورونا ، مؤكدين علي أن لها نفس ثواب صلاتها جماعة بالمسجد أو الخلاء كما كان معتادا. وقبل أسبوع من اليوم، كانت هيئة كبار العلماء قد أصدرت بيانًا للمسلمين حول العالم بشأن الأحكام المتعلقة بصلاة العيد في ظل استمرار تفشي فيروس " كورونا المستجد"، انطلاقًا من مسئوليتها الشرعية وواجبها الديني. وقالت الهيئة في بيانها، إنه يجوز أداء صلاة عيد الفطر المبارك في البيوت، بالكيفية التي تُصلى بها صلاة العيد ، وذلك لقيام العذر المانع من إقامتها في المسجد أو الخلاء، ويجوز أيضا أن يُصليها الرجل جماعة بأهل بيته، كما يجوز أن يُؤدِّيها المسلم منفردًا، وذلك انطلاقا من أن أعظم مقاصد شريعة الاسلام حفظ النفوس وحمايتها ووقايتها من كل الأخطار والأضرار. وأوضحت الهيئة، أنه لا تشترط الخطبة لصلاة العيد ، فإن صلى الرجل بأهل بيته فيقتصر على الصلاة دون الخطبة، مؤكدة أنه إذا صلى المسلم صلاة العيد منفردًا أو جماعة بأهله في بيته، فإنه يصليها ركعتين وبالتكبيرات الزوائد، وعدد التكبيرات الزوائد سبع في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام، وخمس في الركعة الثانية بعد تكبيرة القيام إلى الركعة الثانية، مضيفة أن وقت صلاة العيد هو وقت صلاة الضحى، يبدأ من بعد شروق الشمس بثلث ساعة ويمتد إلى قبيل أذان الظهر بثلث ساعة، فإن دخل وقت الظهر فلا تصلى؛ لأن وقتها قد فات. ولم يبقي أمام المسلمين في مواجهة فيروس كورونا المستجد إلا الالتزام بالضوابط الاحترازية والوقائية والدعاء، هكذا دعتهم المؤسسات الدينية كلها، إلى التضرع إلى الله في هذه الأيام المباركة بالدعاء لرفع ما حل بالإنسانية من البلاء، وأن يُسارعوا لفعل الخيرات والإكثار من الصدقات ومساندة المرضى والمعوزين، تخفيفًا لما حل بهم من آثار هذا الوباء، داعين الله أن يرفع البلاء عن الإنسانية كلها، وأن يحفظ بلادنا والناس جميعًا من هذا الوباء، ومن جميع الأمراض والأسقام.