رئيس جامعة بني سويف يلتقي السفير السعودي بالقاهرة لبحث سبل التعاون    أسعار النفط تصعد 2% بعد خفض أسعار الفائدة الأمريكية    السفير التركي بالقاهرة: نتشارك مع مصر وجهة النظر حول الوضع في ليبيا ووحدة واستقلالية الصومال    ليفركوزن يفوز على فينورد الهولندي برباعية في دوري الأبطال    عاجل.. تطور مفاجئ في الانتخابات الأمريكية بسبب العرب.. ماذا يحدث؟    الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها لوقف التهديدات بالشرق الأوسط    فتح باب التقدم ب4 مدارس مصرية يابانية جديدة.. أين موقعها؟    ماذا يحدث في الطقس قبل انتهاء الصيف رسميًا    إصابات النزلات المعوية في أسوان.. بماذا نصحت وزارة الصحة لتجنب الإصابة؟    قاعدة بيانات مركزية للمتاحف.. تفاصيل الشراكة بين مصر وأمريكا لحماية التراث الثقافي المصري    7 أبراج مواليدها هم الأكثر سعادة خلال شهر أكتوبر.. ماذا ينتظرهم؟    خالد الجندي يحكم المثل الشعبي "طلع من المولد بلا حمص"    أمين الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعا وخيانة للأمانة    الكشف على 1629 مواطنًا بقافلة طبية مجانية في قرية بويط بالبحيرة    تعرف على شروط الانضمام للتحالف الوطنى    رئيس الإنجيلية يلتقي محافظ المنيا لتهنئته بتولي مهام المحافظة    موقف إنساني ل هشام ماجد.. يدعم طفلًا مصابًا بمرض نادر    956 شهادة تراخيص لاستغلال المخلفات    تكاليف مواجهة أضرار الفيضانات تعرقل خطة التقشف في التشيك    أول رد فعل من ناصر عبدالرحمن بشأن صورته المتداولة مع صلاح التيجاني    الدكتورة رشا شرف أمينًا عامًا لصندوق تطوير التعليم بجامعة حلوان    جوارديولا يحسم الجدل حول الذهاب إلى الدوري الإيطالي    حكايات| شنوان.. تحارب البطالة ب «المطرقة والسكين»    جيش الاحتلال: مقتل ضابط وجندى فى استهداف بصاروخ مضاد للدروع على الحدود مع لبنان    التحالف الوطني للعمل الأهلي يوقع مع 3 وزارات لإدارة مراكز تنمية الأسرة والطفولة    "مجلس حقوق الإنسان": المجتمع الدولى لا يبذل جهودا لوقف إطلاق النار فى غزة    مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة «التغني بالقرآن»: موجة مسيئة    مباحث الدقي تكشف حيلة عاطل للاستيلاء على مبلغ مالي من مالك مطعم شهير    مستشفى "حروق أهل مصر" يعزز وعي العاملين بالقطاع الصحي ضمن احتفالية اليوم العالمي لسلامة المرضى    مركز الأزهر للفتوى: نحذر من نشر الشذوذ الجنسى بالمحتويات الترفيهية للأطفال    حبيبتي | مادونا | يرقة | نية | بين البينين تنافس بخمسة أفلام قصيرة بمهرجان طرابلس للأفلام بلبنان    مدبولي: الدولة شهدت انفراجة ليست بالقليلة في نوعيات كثيرة من الأدوية    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد المركز التكنولوجي وأعمال تطوير ميدان الزراعيين    بينها التمريض.. الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة معاهد 2024    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    محاكمة القرن.. مانشستر سيتي مهدد بالطرد من جميع مسابقات كرة القدم    عاجل| رئيس الوزراء يكشف تفاصيل حالة مصابي أسوان بنزلة معوية    «المركزي» يصدر تعليمات جديدة للحوكمة والرقابة الداخلية في البنوك    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    أول ظهور لشيرين عبدالوهاب بعد أنباء عن خضوعها للجراحة    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    بنك إنجلترا يبقى على الفائدة عند 5 %    برلماني عن ارتفاع أسعار البوتاجاز: الناس هترجع للحطب والنشارة    لبحث المشروعات الجديدة.. وفد أفريقي يزور ميناء الإسكندرية |صور    عاجل| حزب الله يعلن ارتفاع عدد قتلى عناصره من تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية ل 25    تشكيل أتالانتا المتوقع لمباراة أرسنال في دوري أبطال أوروبا    مركز الأزهر: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس    "ناجحة على النت وراسبة في ملفات المدرسة".. مأساة "سندس" مع نتيجة الثانوية العامة بسوهاج- فيديو وصور    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    الأوبرا تقدم العرض الأول لفيلم "مدرسة أبدية"    وزير التعليم العالي: لدينا 100 جامعة في مصر بفضل الدعم غير المحدود من القيادة السياسية    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    3 شهداء خلال حصار الاحتلال منزلا في قباطية جنوب جنين    إخماد حريق نتيجة انفجار أسطوانة غاز داخل مصنع فى العياط    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    «الأمر صعب ومحتاج شغل كتير».. تعليق مثير من شوبير على تأجيل الأهلي صفقة الأجنبي الخامس    مأساة عروس بحر البقر.. "نورهان" "لبست الكفن ليلة الحنة"    الزمالك يتحرك للتخلص من هذا اللاعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكورونا .. وتحديات زمان قادم


فاروق جويدة يكتب: هوامش حرة
هناك سؤال يدور الآن في كل الأوساط السياسية على مستوى العالم: ما هو مستقبل مناطق النفوذ والقوى العظمى؟ وهل هناك خريطة سياسية جديدة؟ وماذا عن مستقبل القوى العظمى وإلى أين يذهب الغرب بزعامة أمريكا؟ وهل هناك صراع جديد قادم بين القوى الجديدة التي يمكن أن تلعب أدوارًا في مستقبل البشرية؟..
إن أخطر ما ترتب على كارثة كورونا أنها فاجأت العالم كله، وهبطت على الأرض في لحظات، واستطاعت أن تقلب موازين الكون، وأن تكشف مناطق الضعف في هذا الكيان البشري؛ الذي كان يتصور أنه بلغ أعلى مناطق التفوق والتميز.. إن كورونا لم تكشف جانبًا واحدًا من جوانب القصور في تجربة الإنسان في هذا العصر؛ بل إنها كشفت كل الجوانب التي قامت عليها تجربة فاشلة في صنع الحضارة.. لم يكن منطقيًا في سباق الأحداث أن يختفي عشرات الآلاف من البشر ما بين الموت والإصابة، ولم يكن أحد يتصور أن يقف العالم - كل العالم - في حالة فشل وقصور وهو يواجه هذا التحدي؛ ولأن العلاج مازال صعبًا ومستحيلًا ومازال الإنسان في حالة عجز كامل، فإن الكورونا كارثة لم تبدأ بعد..
لا أعتقد أن القوى الكبرى التي تشكلت في ظل هزائم مروعة في الحرب العالمية الثانية، والتي انتهت لأول مرة في التاريخ باستخدام السلاح النووي في هيروشيما وناجازاكي في اليابان وملايين القتلي في أوروبا، هذه القوى سوف تتغير أمام مقاييس أخرى للقوة فرضها فيروس ضعيف..
إن الحرب العالمية الثانية دمرت مدنًا وأخذت من عمر البشرية عدة سنوات، ودمرت تمامًا دولًا وأقامت دولًا أخرى، هذه التجربة الرهيبة قسمت العالم وسقطت فيها إمبراطوريات وظهرت أخرى؛ ولكن العالم الآن يعيش تجربة أخرى تختلف تمامًا عن كل ما جري في الحرب.. إنها معركة سرية لا يظهر فيها العدو؛ إنه كائن ضعيف استطاع أن يتجاوز كل الحدود والمسافات، وأن يقتل البشر ويبقي على المباني والمنشآت والطائرات والسفن، إنه يقتل عقل البشرية التي صنعت كل هذه الانجازات، إنه يؤكد أن مقومات القوى قد تغيرت ولم يعد السلاح النووي الذي يتباهى به البعض هو مصدر القوة الوحيد، الذي تعمل له الدول ألف حساب..
إن فيروس كورونا شبح جديد؛ ولكنه قادر على أن يحقق نتائج في الموت أكبر من كل أنواع الأسلحة الحديثة.. من هنا لن تبقى أمريكا في صدارة المشهد؛ ولكن هناك شعوبًا أخرى وبلادًا أخرى سوف تفرض واقعًا جديدًا في العالم.. لن تبقى الصين الدولة الأكبر سكانًا على هامش الأحداث.. إنها تعد نفسها منذ زمن بعيد لكي تصنع واقعًا جديدًا في كل مجالات الحياة..
إن روسيا التي عاشت محنة سقوط الاتحاد السوفيتي القوة العظمى لن تُضيّع فرصتها في أن تكون طرفًا في اللعبة السياسية، وهي تعد نفسها لدور جديد وواقع جديد صنعته كورونا وغيرت العالم كله..
إن الاتحاد الأوروبي لن يعود كما كان أمام حالة فشل وإحباط أصابت حكوماته قبل شعوبه، كما أن دولًا هامشية مثل إيران وتركيا وربما الهند وإسرائيل سوف يكون لها دور في سوق الغنائم، خاصة أنها كانت تنتظر لحظة تاريخية لكي تظهر على المسرح كما ينبغي..
إن هذا يعني أن العالم سوف يشهد ميلاد قوى جديدة، ولا شك أن حجم الخسائر أمام كورونا سوف يحدد حجم الضحايا وحجم القوى الصاعدة.. لا يستطيع أحد الآن أن يقرر حجم خسائره في البشر والمال والأدوار، ولهذا فإن المزاد لم ينته بعد، وعلي كل طرف أن ينتظر نتائج السباق..
إن الكورونا لم تغير فقط مراكز القوى في العالم ومن يبقى منها ومن يخرج تمامًا، ولكنها سوف تضع قواعد جديدة لقدرات البشر شعوبًا وأفرادًا، في السنوات الماضية استطاع المال أن يفرض سطوته على كل شعوب العالم، وتسيد الموقف تمامًا، وقد فرض بالضرورة جوانب قوته في السلاح والشركات ودرجة التقدم التكنولوجي، واستطاع أن يفرز الشعوب؛ خاصة أن الموارد الطبيعية لعبت دورًا كبيرًا في هذه المعادلة؛ التي افتقدت الكثير من القيم الإنسانية الرفيعة، إن إنسان هذه الحضارة سوف يسأل عن أولويات الحياة في الزمن الجديد القادم، هل يبقى المال سيدًا أم هي الصحة والأمان النفسي والعدالة بين الشعوب؟
لقد سقطت منظومة المال في الفشل أمام فيروس بسيط؛ بل إن هذا الشبح أغلق آلاف المصانع، وحرم ملايين البشر من أعمالهم.. وأغلق الحدود بين الدول، واستطاع أن يفرض على ثلث سكان العالم أن يقبعوا في بيوتهم دون عمل أو أمن أو إنتاج..
وهنا كان السؤال: ماذا عن صحة البشر؟ وماذا عن هذا العالم الذي تلوث كل شيء فيه هواء وماء وأفكارًا وسلوكيات وحوارات وأخلاقًا وأديانًا؟ ماذا بقي في الكرة الأرضية من جذور التكوين الصحيح للإنسان؟.. ديمقراطية كاذبة.. وحكومات فاسدة وعاجزة وفاشلة.. أخلاقيات هبطت بالإنسان إلى أحط أنواع السلوك.. اعتداء صارخ على الأديان واستخدام وحشي لوسائل القتل والدمار..
إن الكورونا كشفت الصورة البشعة لإنسان هذا العصر الذي يدعي الحضارة وقد شوه كل شيء في حياته.. هنا سوف يسأل الكثيرون ماذا فعلت الملايين التي خزنها العالم في البنوك وهو يجمع ضحاياه أمام كورونا ولا يجد أماكن يدفن فيها الأجسام المحترقة.. من كان يصدق أن أكبر عواصم العالم ثراء وغنى سوف تعجز عن توفير مقابر لموتاها..
إن كورونا سوف تضع العالم أمام خيارات لا بديل عنها، هل هو مال مصانع السلاح وتجارب الموت، أم هو المال الذي يحمي الإنسان ويوفر له حياة كريمة في صحته وتعليمه وسكنه وأمانه؟! هل هو الإنسان الذي يدفع حياته ثمنًا في حروب افتقدت كل مقومات الإنسانية أم هو الإنسان الذي يدرك قيمة الأخلاق والسلوك والعقيدة؟!
إن المال الذي لا يوفر للإنسان الحماية لا يمكن أن يبقى سيدًا على الجميع.. ولاشك أن أهم وأخطر ضحايا الكورونا ما كان يسمى ب"الديمقراطية" نحن أمام حكومات شوهت كل شيء تحت هذا الشعار الكاذب؛ لأن الحكومات التي كشفتها كورونا جاءت من انتخابات حرة ونزيهة.. فهل كانت فعلًا نزيهة؟! ولماذا فشلت في حماية شعوبها من الموت أمام فيروس قاتل؟! وأين مشروعاتها نحو التقدم والرفاهية والثراء؟!
إن كورونا لم تترك أحدًا ابتداء بالمسئولين الكبار في سلطة القرار، وانتهاء بأصحاب الملايين من الأثرياء، فأين هؤلاء جميعًا في معركة البقاء؟! هل ينكر هؤلاء أن كورونا تهديد للجنس البشري كله؟! وأين مصادر القوة التي تحدثوا عنها كثيرًا لكي تحمي شعوبهم؟! وأين المليارات التي ضاعت في الحروب والقتل والدمار؟!
هناك خدعة كبرى وقعت فيها شعوب العالم أمام أوهام تدعي الحضارة، وشعارات تتحدث عن الحريات، وشعوب اقتصرت أحلامها على سندوتشات البرجر والجينز والموبايل وأفلام الرعب وبيوت الدعارة وامتهان الإنسان بكل وسائل البطش والاستبداد!!
هل يستطيع العالم المتقدم الآن أن يعلن أرقام ميزانياته الحقيقية؟! وكم أنفق على تجارة السلاح وتجارة الموت واستنباط الأمراض والأدوية ونهب الشعوب الفقيرة؟! هل يمكن أن تعلن كل دولة عن ميزانيات الرعاية الصحية لشعوبها أو ميزانيات البحث العلمي أو برامج التعليم الحقيق؟!
إن البلايين التي ضاعت في الحروب والسلاح والدمار كانت تكفي لإقامة آلاف المقابر لهؤلاء الذين عجزت حكوماتهم عن توفير الحماية لهم موتى وأحياء..
لاشك أن كورونا فضحت الوجه القبيح لأساليب إدارة العالم!! وسوف تفرض على الشعوب أن تعيد النظر في اختياراتها وأولوياتها والشعارات والأكاذيب التي عاشت عليها!! إن الأرض خُلقت لكي يعيش عليها إنسان أكثر إنسانية ورحمة، ولم تُخلق لكي تتحول إلى غابة تسكنها الوحوش تحت شعارات الحضارة..
لقد خرجت على الرأي العام خبيرة في الطب تقول إن الطبيب الذي يتعرض كل يوم للموت يحصل على راتب لا يزيد على 1800 يورو، بينما هناك لاعب كرة القدم الذي يحصل على 20 مليون يورو؛ لأنه أحرز هدفًا!! ولم يكن من الصعب أن تقتحم كورونا كل الحدود لكي تكشف كل أمراض الإنسانية التي غابت عنها الرحمة والعدالة وحقوق الإنسان.
ومن هنا فإن العالم أمام هذا الفيروس - الذي لا يراه أحد - لابد أن يعيد حساباته أمام حكومات فشلت وأموال ضاعت وسياسات افتقدت كل المبادئ التي قامت عليها الحضارة الإنسانية..
لابد أن نعترف أن العالم قد ضحى بأجمل الأشياء فيه.. ابتداء بالطبيعة التي لوثتها تلال الرصاص والدخان وأسلحة الموت.. وانتهاء بالعدالة الغائبة أمام مجتمعات أهدرت كل جوانب الرعاية، وجعلت من الإنسان مجرد آلة تعمل بلا روح أو ضمير.. إن الكورونا كشفت أسوأ الأمراض التي يعاني منها إنسان هذا العصر!! وحين جلس الإنسان في بيته بدأت رحلة المراجعة؛ ليكتشف أنه سقط فريسة مجموعات من المصالح التي باعت كل شيء من أجل مال وسلطة أو دمار!! هناك شعوب أخرى سوف تظهر في زمن قادم هو زمن ما بعد الكورونا..
ويبقى الشعر
مَاذا أخذتَ مِنَ السَّفَرْ..
كُلُّ البلادِ تَشَابَهَتْ في القهْر..
فى الحِرْمانِ..فى قَتْل البَشَرْ..
كُلُّ العيُون تشَابَهتْ في الزَّيفِ.
فى الأحزانِ.. في رَجْم القَمَرْ
كل الوُجوهِ تَشابَهتْ في الخوْفِ
فى الترحَال.. في دَفْن الزَّهَرْ
صَوْتُ الجَمَاجِم في سُجُون اللَّيل
والجَلادُ يَعْصِفُ كالقَدَر..
دَمُ الضَّحَايَا فَوقَ أرْصِفَةِ الشَّوارع
فى البُيوتِ..وفى تجاعيدِ الصَّورْ..
مَاذا أخَذتَ منَ السَّفَر ؟
مَازلتَ تَحلُمُ باللُّيالى البيض
والدِّفْء المعَطّر والسَّهَرْ
تَشْتَاقُ أيامَ الصَّبابَةِ
ضَاعَ عَهْدُ العِشْق وانْتَحَر الوَتَرْ
مَازلتَ عُصفُورًا كسِير القَلْبِ
يشدُو فَوْقَ أشْلاءِ الشَّجَرْ
جَفَّ الرَّبيعُ..
خَزائِنُ الأنَهار خَاصَمَها المَطَرْ
والفَارسُ المِقْدامُ في صَمت
تراجَعَ..وانتحَرْ..
مَاذا أخَذْتَ مِنَ السّفَر ؟
كُلُّ القصَائِدِ في العُيُون السُّودِ
آخرُهَا السَّفَر..
كلُّ الحَكايَا بَعْدَ مَوْتِ الفَجْر
آخرُها السَّفَر..
أطْلالُ حُلمِكَ تَحْتَ أقدام السِّنِين..
وَفى شُقُوقِ العُمْر..
آخُرها السَّفَر..
هَذِى الدُّمُوعُ وإنْ غَدَت
فى الأفقِ أمطَارًا وزَهْرًا
كانَ آخَرُهَا السَّفَر
كُلُّ الأجِنَّةِ في ضَمِير الحُلْم
ماتَتْ قَبْلَ أن تَأتِى
وَكُلُّ رُفَاتِ أحْلامِى سَفَر..
بالرَّغْم مِنْ هَذا تَحنُّ إلى السَّفَر؟!
مَاذا أخذْتَ مِنَ السَّفَر؟
حَاولتَ يومًا أن تَشُقَّ النَّهْر
خَانَتْكَ الإرَادَهْ
حَاوَلتَ أنْ تَبنِى قُصورَ الحُلْم
فى زَمنِ البَلادَهْ
النبضُ في الأعْمَاق يَسقُطً كالشُّموس الغَاربهْ
والعُمْر في بَحْر الضَّياع الآنَ ألقَى رأسَه
فَوقَ الأمَانِى الشَّاحِبهْ..
شَاهَدْتَ أدْوارَ البَراءةِ والنذالةِ والكَذِبْ
قَامْرتَ بالأيام فى»سِيْركٍ»رَخيصٍ للَّعِبْ..
والآنَ جئْتَ تُقيمُ وَسْطَ الحَانَةِ السَّودَاءِ.. كَعْبَهْ
هَذا زَمانٌ تُخْلَعُ الأثوابُ فِيهِ..
وكلُّ أقدار الشُّعوبِ عَلى الَموائِدِ بَعض لُعْبهْ.
هَذا زَمانٌ كالحِذاء..
تَراهُ في قَدَم المقَامِر والمزَيِّفِ والسَّفِيهْ..
هَذا زَمَانٌ يُدْفَنُ الإنسَانُ في أشْلائِه حيّا
ويُقْتلُ..لَيْسَ يَعرفُ قَاتِليهْ..
هَذا زَمانٌ يَخْنُقُ الأقمَارَ..
يَغْتَالُ الشُّمُوسَ
يَغُوصُ..فى دَمِّ الضَّحَايَا..
هَذا زَمَانٌ يَقْطَعُ الأشْجَارَ
يَمْتَهنُ البرَاءَةَ
يَسْتَبيحُ الفَجْرَ..يَسْتَرضى البَغَايَا
هَذا زَمَانٌ يَصلُبُ الطُّهْر الَبرىءَ..
يُقيمُ عِيدًا..للْخَطَايَا..
هَذا زَمَانُ الموْتِ..
كَيْفَ تُقِيمُ فوقَ القَبْر
عُرسًا للصَّبايَا ؟!
عُلبُ القمَامَة زينُوهَا
رُبَّمَا تبْدو أمَامَ النَّاس..بُسْتَانًا نَديّا
بَينَ القمَامَة لنْ ترَى..ثوْبًا نَقِيّا
فالأرْضُ حَوْلكَ..ضَاجَعَتْ كلَّ الخطايَا
كيْفَ تحْلم أنْ تَرى فيهَا.. نَبيّا
كُلُّ الحَكايَا.. كانَ آخرُهَا السَّفَر
وَأنا..تَعِبْت مِنَ السَّفَر..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.