أحسنت لجنة الخطة والموازنة ب البرلمان عندما طالبت بإعادة النظر في وزارة التعليم العالي؛ نظرًا لأن الجامعات مستقلة ماليًا وإداريًا، وهناك المجلس الأعلى للجامعات هو من يضع السياسات التعليمية، ويشرف عليها، وهو ما يفتح الأبواب لإعادة النظر في الوزارات الزائدة، ومن المعروف أن مصر ثانى دولة فى العالم من حيث عدد الوزراء، 34 حقيبة، بعد إندونيسيا التى تمتلك 37، فى حين أن أمريكا تملك 14 وزارة فيدرالية، ومعظم دول أوروبا تتراوح بين 20 و22 وزارة فقط، والسبب أننا نستحدث أحيانًا الوزارة من أجل منحها مكافأة لشخص، ثم نبحث لها عن اختصاصات وهيكل مالي وإداري ومكان». ولا بد من عدم التسرع فى إجراءات تنفيذ الدمج قبل وجود رؤية حقيقية للدولة فى كل المجالات، يضعها خبراء متخصصون، بالإضافة لاختيار الأشخاص القادرين على تنفيذ هذه الرؤية؛ لإن «مشكلة مصر لم ولن تكون فى تغيير الأشخاص؛ بل فى الأهداف والرؤى والسياسات، وحبذا لو كان الاختيار على معايير سياسية وليست تكنوقراطية الكوتة ومجاملات ومكافآت نهاية الخدمة. ولهذا فإن معظم الدراسات - التي تناولت التشكيلات الوزارية - ترى أن يكون التقليص إلى 22 وزارة لتخفيف العبء على الحكومة، ومنع الصراعات والتضارب فى الاختصاصات وتنفيذ الإجراءات تجاه الخدمات التى تتطلب رؤية متكاملة للدولة، وتعاون مشترك لإنجاز العمل بتكلفة قليلة، وفى وقت أسرع. ثم إن دمج الوزارات التى تتشابه مع وزارات أخرى يوفر فى ميزانية الدولة، ويسهم فى الابتعاد عن البيروقراطية ، فى إطار إصلاح شامل يبدأ باختيار الكفاءات والاختصاصات، لصالح رفع مستوى الإدارة، وتحسين الحالة الاقتصادية للبلاد، وتفادي توسع الهيكل الإدارى الذى يصاحبه ارتفاع التكاليف، من خلال الدمج، ويسهم فى اتخاذ القرارات بشكل أسرع دون حدوث أى نوع من أنواع الخلاف والتعارض، وهو ما تتبعه إدارات الدول الكبرى، التى لا يتعدى عدد حقائبها الوزارية 14 وزارة، وربما يكون بإلغاء وزارة التنمية المحلية، في المقدمة؛ لعدم وجود فروع لها بالمحافظات؛ الأمر الذي أفقد وزيرها السلطة على المحافظين، وعودة بعض الوزارات لأهميتها، وعلى رأسها وزارة العشوائيات؛ خاصة أن عدد المناطق العشوائية يتجاوز ال1800 منطقة، والمهم أن يكون الدمج من خلال دراسة جادة والاقتصاد حالياً يتولاه عدة وزارات، هى التخطيط والمالية والصناعة والتجارة والاستثمار والتعاون الدولى وقطاع الأعمال العام والبنك المركزى، بالإضافة إلى بعض الوزارات الأخرى المرتبطة بالاقتصاد؛ مثل الزراعة والتجارة والتموين والنقل والاتصالات والسياحة والآثار، وأيضاً بعض الهيئات، مثل جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهذاربما، يشتت الجهود والمسئولية. والحل وجود وزارة للاقتصاد تحمل نفس الاسم ويتولاها وزير بدرجة نائب رئيس وزراء، مهمته التنسيق بين كل الهيئات والجهات والمجالس العليا، ويكون بمثابة (مايسترو) للاقتصاد القومي؛ خاصة مع اقتراب انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية، فهذا هو التوقيت المناسب للدمج والإلغاء؛ فمثلاً يمكن دمج الثقافة مع السياحة والآثار فى وزارة واحدة، والنقل مع الطيران والاتصالات، والتنمية المحلية مع الزراعة تحت مسمى الزراعة والتنمية الريفية، والتعليم العالي مع التربية والتعليم تحت مسمى «التعليم»، والهجرة مع الخارجية، والاستثمار مع الصناعة والتجارة وقطاع الأعمال تحت مسمى «الاقتصاد»، والتعاون الدولى مع التخطيط، والبيئة مع الصحة، والتموين مع التضامن، والكهرباء والطاقة والبترول والثروة المعدنية فى وزارة واحدة تحت مسمى «الطاقة» مع إلغاء القوى العاملة، وتحويل الشباب إلى جهاز تابع لمجلس الوزراء، وضم جهاز المشروعات الصغيرة لوزارة الاقتصاد؛ خاصة أن رؤية مصر 2030 كانت تستهدف ذلك؛ لأن تخفيض عدد الوزارات يرشد الإنفاق ويضاعف الجهود، ويقضى على البيروقراطية و الفساد و الروتين ويسهّل دورة العمل الوظيفى، وأيضاً يمنع تنازع الاختصاصات وشيوع المسئولية، كما أن الحكومة تتجه بقوة نحو التحول الإلكترونى والرقمى، وبالتالى ليست هناك ضرورة إلى هذا العدد الهائل من الوزراء والمسئولين والموظفين.