ارتبطت الاحتفالات بقدوم شهر رمضان الكريم بالفانوس، وبغناء الأطفال فى الشوارع سواء فى المدن، أوالقرى والنجوع، وكان لكل مكان نوع من الأغنيات فما يتغنى به الأطفال فى القرى يختلف عما يتغنى به أقرانهم فى المدن. وقد تكون أغنية "وحوي يا وحوي" هى الأشهر فى تاريخ الغناء لشهر رمضان وترجع أصول هذه الأغنية فى تفسيرات كثيرة إلى الفراعنة بمعني ذهب أو رحل، و"أيوح" تعنى القمر وكانت الأغنية تحية للقمر كلما هل ثم استغلها الفاطميون للاحتفال بقدوم شهر رمضان. وكان للموسيقار عمار الشريعى تفسير آخر إذ ردها لأصولها فى اللغة العربية و هو "احوى أو امتلك"، وفى الأغنية أحوى يا أحوى إياها بمعنى امتلكها وقيل إنه كان يقصد بها "بنت السلطان". وتعد فترة حكم الفاطميين لمصر هى أكثر الفترات احتفاء بشهر رمضان وقد يرجع ظهور مفردات الاحتفالات التى ما زالت موجودة حتى اليوم إلى الفاطميين، بداية من مدفع الإفطار وحتى استغلالهم لعبارة وحوي يا وحوي وتطويعها ليتغنى بها الأطفال ليلة استطلاع هلال رمضان وما يطلق عليه "ليلة الرؤية". ولم تأخذ الاحتفالات بشهر رمضان شكلها المعاصر إلا مع الدولة الفاطمية التى عرفت الاحتفالات ليس فقط بشهر رمضان، بل بمناح كثيرة فى الحياة المصرية كالمولد النبوى وعاشوراء وليلة النصف من شعبان. وتعد ليلة الرؤية هي الأهم فى الاحتفالت، وقيل أن أول من أعطاها شكلا المتعارف عليه هو الخليفة الفاطمي حيث كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه لينيروا له الطريق، وكان كل طفل يحمل فانوسه ويقوم الأطفال معاً بغناء بعض الأغاني الجميلة تعبيراً عن سعادتهم باستقبال شهر رمضان. وقيل إن أحد الخلفاء الفاطميين أراد أن يضئ شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها عن طريق شموع توضع بداخلها. وتناول المؤرخون رواية ثالثة وهى أنه خلال العصر الفاطمي، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا في شهر رمضان وكان يسبقهن طفلا يحمل فانوساً لتنبيه الرجال بوجود سيدة في الطريق لكي يبتعدوا. بهذا الشكل كانت النساء يستمتعن بالخروج وفى نفس الوقت لا يراهن الرجال. وبعد أن أصبح للسيدات حرية الخروج في أي وقت، ظل الناس متمسكين بتقليد الفانوس حيث يحمل الأطفال الفوانيس ويمشون في الشوارع ويغنون. ومع نشأة الإذاعة فى عام 1934 ثم تمصيرها عام 1947بعد إلغاء عقد شركة ماركونى ، ظهرت الاحتفالات بقدوم شهر رمضان ومن ثم تم بث أغنيات عن شهر رمضان . وتعد أغنية "وحوي يا وحوي" من أوائل الأغنيات التى بثتها الإذاعة وهى الأغنية الأشهر بصوت المطرب الراحل أحمد عبد القادر، وهو أشهر من غنوا هذه الأغنية، وكثيرون لا يعرفونه رغم أنهم يرددونها وراءه، وهو من مواليد 1916 بمحافظة الشرقية، وحصل علي دبلوم المعهد العالي للموسيقي عام 1939 ودخل مجال الغناء وعمره 6 سنوات في حلقات "الذكر" مع والده، وعندما بلغ سن الثانية عشرة من عمره كان يغني بعض الألحان لكوكب الشرق أم كلثوم، والموسيقار محمد عبد الوهاب. وانطلق صوته من الإذاعة الأهلية سنة 1926، وعندما افتتحت الإذاعة عام 1934 كان من أوائل المطربين الذين شاركوا بالغناء في برامجها منذ الأسبوع الأول، و من أشهر أغانيه "وحوي يا وحوي" التي تم تسجيلها للإذاعات الأهلية بمطلع الثلاثينيات من ألحان الموسيقار محمود الشريف . وبعدها توالت الأغنيات فقدم المطرب محمد فوزى أغنية "هاتو الفوانيس يا أولاد " وغنى محمد عبد المطلب "مرحب شهر الصوم مرحب "وأغنية الثلاثى "اهو جه يا اولاد " و محمد قنديل "والله بعودة يا رمضان وله أيضا فى وداعه أغنية "والله لسة بدرى " ثم أغنية الثلاثى أيضا "سبحة رمضان لولى ومرجان" وهدى سلطان "شوفو رمضان" ووغنت له صباح أغنية "الراجل ده هيجننى "مع فؤاد المهندس وأغنية شويكار "الصيام مش كدة "وهناك عشرات المحاولات لمطربين معاصرين لكنها لم ترسخ فى الأذهان كتلك التى قدمها القدامى حيث غنى إيهاب توفيق هلال رمضان، كماغنى عمرو دياب وجنات . ومع ظهور أجهزة التليفون المحمول تحولت أغنيات رمضان إلى رنات للموبايل، وكانت فى البداية تستخدمها شركات خاصة فى جمع الأموال من خلال الأرقام المختصرة، ولكن تحميل هذه الرنات على مواقع الانترنت فوت الفرص على هذه الشركات من أن تستمر فى بيزنس رنات أغنيات رمإان. ويرى كثيرون أن أغنيات رمضان تكاد تفقد هى الأخرى بريقها مثلما فقد فانوس رمضان الكثير من بريقه فمن فانوس الشمعة إلى لمبة البطارية وحتى فانوس إضاءة الكهرباء .