هو نجم المباراة الأول في بطولة الانتخابات البرلمانية علي ملعب السياسة، وأحد أجنحة القضاء، الذي حسم آلاف الطعون في الدوائر الانتخابية المختلفة بحيادية تامة.. إنه مجلس الدولة، هذا الكيان العتيد الذي يعد صمام أمان لملايين القضايا علي مستوي العاصمة. وقد لعبت محكمتا القضاء الإدارى، والإدارية العليا بمجلس الدولة، دورا حيويا في حلبة الانتخابات، فكانتا البطل بلا منازع، حيث نظرت آلاف الدعاوى القضائية والطعون الخاصة بالعملية الانتخابية. المشهد الداخلي للمجلس يكشف عن حركة دءوبة ومتواصلة للقضاة قبل وأثناء وبعد الانتخابات. فالجميع يعمل على قدم وساق لحسم القضايا المعروضة عليه. وفي قراءة لكواليس المجلس خلال العملية الانتخابية نجد أن هيئة مفوضى الدولة رفضت آلاف الدعاوى القضائية الخاصة بالانتخابات، وما زالت تبدى رأيها فى طعون أحالتها إليها محكمتا القضاء الإدارى، والإدارية العليا. ومن أهم الأحكام التاريخية التى أصدرتها الإدارية العليا، هذا الحكم الذى أصدرته برئاسة المستشار مجدى العجاتى، نائب رئيس مجلس الدولة، الذى أقر بوجود شبهة بطلان فى مجلس الشعب الجديد. وذلك بسبب امتناع اللجنة العليا للانتخابات عن تنفيذ أحكام القضاء الإدارى، والإدارية العليا الصادرة سواء بتغيير الصفات، أو أحكام إدراج الناخبين فى الكشوف النهائية للمرشحين، أو أحكام وقف وبطلان الانتخابات فى بعض الدوائر وإعادتها، كأثر مترتب على عدم تنفيذ الأحكام القضائية. وأقرت أيضا بأن مجلس الدولة سيظل مختصا بنظر الطعون الخاصة بالانتخابات، وذلك بسبب الالتباس القانونى حول ما إذا كان مجلس الدولة أم مجلس الشعب هو المختص بالفصل فى الطعون المتعلقة بالانتخابات.. ولذلك أحالت المحكمة 18 طعنا إلى دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فى قانونيتها. وقد أصدرت الإدارية العليا أحكاما، بوقف إعلان نتيجة الانتخابات وما يترتب عليها منِ آثار ببطلان انتخابات الإعادة فى هذه الدوائر بمحافظات: القاهرةوالجيزة، وحلوان، و6 أكتوبر، والدقى، والعجوزة ،وقسم أول الجيزة والهرم، والعمرانية ،وكرداسة، والدائرة الثالثة ب 6 أكتوبر، والجمالية ومنشية ناصر، وشبرا ،ومهمشة، ومنشأة ناصر، والبدرشين، والحوامدية ومزغونة، والمطرية، وعين شمس، وحدائق القبة، وأوسيم. وقد رفضت محكمة القضاء الإدارى الطعون المقدمة ضد ترشيح الدكتور يوسف بطرس غالى، وزير المالية والذى خاض الانتخابات الأخيرة كمرشح عن الحزب الوطنى على مقعد الفئات بدائرة المعهد الفنى بشبرا. وذلك لوجود شبهة فى تورطه في قضية قرارات العلاج على نفقة الدولة، وشغله منصبا فى صندوق النقد الدولى. ومن بين الأحكام القضائية المهمة التى صدرت عقب إجراء انتخابات الجولة الأولى الحكم الذى أصدره المستشار كمال اللمعى، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم القضاء الإدارى بوقف إعلان نتيجة الانتخابات فى دائرة مصر الجديدة ومدينة نصر. وقالت حيثيات الحكم إن الثابت من الأوراق أن المدعى حصل على حكم بمنحه شهادة قيد فى جداول الانتخابات، ولكنه فوجئ فى اليوم السابق للانتخابات البرلمانية بشطب اسمه من جداول المرشحين. وذكرت الحيثيات أن اللجنة العليا للانتخابات تجاهلت أحكام القضاء ولم تنفذها بطريقة تجعل النتائج النهائية التى أعلنتها اللجنة بفوز سامح فهمى وزير البترول بمقعد الفئات عن الحزب الوطنى فى الدائرة، وتوفيق فوزى مرشح الوطنى أيضا على مقعد العمال باطلة. وكذلك الحال بالنسبة لدوائر محافظة 6 أكتوبر والتى قضت المحكمة بإعلان النتائج فيها، وذلك للطعون المقدمة من مرشحى الإخوان المسلمين والمستقلين الذين كشفوا فى الدعاوى التى أقاموها عن أن اللجنة العليا للانتخابات ضربت بأحكام القضاء عرض الحائط، حيث أصدرت المحكمة العديد من الأحكام ضد مرشحي تلك الدوائر خاصة بالصفة الترشيحية دون أن تنفذ. وحتى المحافظات أيضا كان القضاء الإدارى لها بالمرصاد فقد أبطل الانتخابات فى 3 دوائر فى القليوبية، وهى: كفر شكر وطوخ والقناطر، وانتهت المحكمة إلى بطلان النتيجة لوجود تجاوزات ومخالفات صريحة للقانون بهذه الدوائر ورفض انعقاد جولات الإعادة بين المرشحين. وفى المنوفية قضت المحكمة بعدم إعلان النتيجة فى 3 دوائر وإعادة الانتخابات لجميع المرشحين وذلك بعدأن طعن مرشحو الإخوان على النتيجة. ومن الأحكام الشهيرةالتى صدرت خلال الجولتين الأولى والثانية الحكم الصادر لصالح الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة الاجتماعية والتى تم منعها من مباشرة حقها القانونى فى الرقابة على الانتخابات. حيث قضت المحكمة بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى للجنة العليا للانتخابات بمنعها من دخول اللجان. وقالت الحيثيات إن حمدى عبد الحميد صاحب الجمعية، تقدم بأوراقه فى الموعد المحدد بهدف المراقبة بحجة أن جمعيته مقيدة بمديرية الشئون الاجتماعية، ومن نشاطها ممارسة الرقابة على الانتخابات. وقد استوفت كل الطلبات اللازمة للقيام بدورها ولكن اللجنة تعنتت ضدها، ولذلك قررت المحكمة أن تعطى الفرصة للجمعية لمراقبة الاقتراع فى الإعادة. ومن الأحكام المثيرة حكم القضاء الإدارى بعدم اختصاصه نظر الدعوى، التى أقامها مصطفى بكرى المرشح المستقل عن دائرة حلوان ضد الدكتور سيد مشعل، وزير الإنتاج الحربى، الفائز بمقعد الفئات فى الدائرة. وقالت فى أسباب الحكم إن المادة 93 من الدستور، والمادة 72 من قانون مجلس الدولة قد نصتا على أن الفصل فى سلامة القرارات الإدارية الصادرة فى مرحلة الإعداد للعملية الانتخابية من اختصاص مجلس الدولة باعتباره القاضى الشرعى، والمهيمن على كل المنازعات الإدارية ولكن بطلان الانتخابات والتلاعب فى نتائجها فهو من شأن محكمة النقض التى تتولى التحقيق فيه. المستشار عادل فرغلى، رئيس مجلس الدولة السابق علق قائلا إن الوضع فى هذه الدورة البرلمانية يختلف عن سابقتها، وإن مجلس الشعب ليس سيد قراره فى هذه الدورة، لأن بطلان بعض الدوائر، نتج عن عدم احترام أحكام القضاء، وقيام اللجنة العليا بتنفيذها، ولكن المجلس يصبح صاحب القرار الأول فى حالة عدم وجود تلاعب وتزوير فى الصناديق، وهذه قاعدة قانونية معروفة من قديم الأزل. وكشف عن أن زيادة عدد القضايا والأحكام الصادرة من القضاء الإدارى فى هذه الدورة، تعد مؤشرا خطيرا، مما يدل علي ارتفاع معدل الفساد وعدم الاكتراث بالقانون. أضاف أن محكمة القضاء الإدارى تنظر الآن مئات الطعون الانتخابية المقدمة من المرشحين، منها ما هو بسبب عدم منحهم البطاقات الانتخابية، لتقديمها فى أوراق الترشيح، ومنها ما هو ضد الإاحاد العام لنقابات عمال مصر، بسبب رفضه منح بعض المرشحين شهادات تثبت صفتهم العمالية. وقد نظر القضاء الإداري الدعوي التي أقامها الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع ضد كل من وزير الداخلية، والدكتور عبدالعظيم وزير، محافظ القاهرة بصفتهما.. طالب فيها بإصدار حكم قضائي بإلغاء قرار محافظ القاهرة، الذي يقر برفع قيمة رسم التأمين للمرشحين لمجلس الشعب إلي ثلاثة آلاف جنيه، وصدر فيها حكم بتخفيض رسوم الترشيح إلى ألف جنيه فقط. وقد كانت هناك دعوي قضائية أخري أقامها ضد كل من رئيس الوزراء ورئيسي مجلسي الشعب والشوري، ووزير الداخلية بصفاتهم طالبت فيها بوقف انتخابات كوتة المرأة، وإحالة هذه القضية للمحكمة الدستورية للحكم في مدي دستورية المادة الثالثة من القانون 149 لسنة 2009 التي تنص علي تقسم مصر إلي دوائر انتخابية، لانتخاب أربعمائة وأربعة وأربعين عضوا. كما تقسم إلي دوائر أخري لانتخاب أربعة وستين عضوا يقتصر الترشيح فيها علي المرأة ويكون ذلك لفصلين تشريعيين وينتخب من كل دائرة عضوان، يكون أحدهما علي الأقل من العمال والفلاحين. وأكد رفعت أن المرأة ليست في حاجة إلي تشريع يعطي لها مقاعد في البرلمان دون منافسة، بل إنها في حاجة إلي توعية لحقها الدستوري والسياسي، واقتحامها المجالات العامة والحياة السياسية. ونشر سياسة التوعية بين أفراد الشعب بأن المرأة ليست أقل من الرجل، ولكن صدر حكما برفضها. وفي النهاية تبقي الأحكام الصادرة من مجلس الدولة، رسالة واضحة علي وجوده، ومشاركته الفعالة في العمليةالانتخابية.