بعد 18 عاما في الحكم وبعد انحسار طفرة الاقتصاد وتصاعد أزمته، يمكن أن يخسر حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان السيطرة على مجالس بعض المدن الكبيرة في انتخابات البلدية التي ستجرى في تركيا يوم 31 مارس المقبل. وبينما سيواصل أردوغان تمتعه بسلطات تنفيذية كاسحة يخولها له منصبه الرئاسي فإن أداء ضعيفا لحزب العدالة والتنمية سيكون بمثابة ضربة رمزية له وسيبين كيف أن الإحباط الناجم عن الاقتصاد أضر بسياسي ظل الناس ينظرون إليه لفترة طويلة باعتباره لا يُقهر. وقال مصدران في الحزب لرويترز إن اثنين من استطلاعاته الداخلية أظهرا أن التأييد الشعبي تراجع إلى ما بين 32 و35 في المئة قبل حساب نسبة الثلاثين بالمئة من الناخبين الذين لم يحسموا إلى الآن لمن سيصوتون. وفي الانتخابات البلدية التي أجريت عام 2014 حصل حزب العدالة والتنمية على 43 في المئة من الأصوات متقدما بفارق كبير على أقرب منافس له وهو حزب الشعب الجمهوري العلماني الذي حصل على أقل من 25 في المئة من الأصوات. وقال المصدران إن من الممكن الآن أن يخسر حزب العدالة والتنمية العاصمة أنقرة، كما يواجه منافسة شرسة في اسطنبول. وسيطر حزب العدالة والتنمية أو سلفه (حزب الرفاه الإسلامي) على المدينتين وعلى معظم المجالس البلدية الكبيرة في تركيا لمدة زادت على 20 عاما. وكان أردوغان قد برز في الساحة السياسية التركية، وهو في منصب رئيس بلدية اسطنبول. ومعروف عنه أنه يولي أهمية خاصة لانتخابات البلديات ويعتبرها أساسية في موقف الناخبين من الحكومة. ورغم أنه ليس مرشحا في الانتخابات البلدية فإن نتيجتها تعد استفتاءً على حكمه. ومن شأن تراجع حاد في شعبية حزب العدالة والتنمية أن يسبب إزعاجا شديدا لأن شريكه في الائتلاف الحاكم وهو حزب الحركة القومية اليميني لن يطرح مرشحين في بعض المجالس البلدية. وقال جاريث جينكينز وهو محلل مخضرم للشئؤون التركية "بالنسبة لأردوغان الأمر مسألة هيبة أيضا. كان عليه أن يشكل ائتلافين في المناسبتين الانتخابيتين الماضيتين، وهو ما لم يكن في حاجة إليه فيما مضى. "إذا خسر أنقرة أو اسطنبول هذه المرة رغم التحالف، فسيعني ذلك أن مستقبله يتراجع. من الممكن أن يكون التراجع طويلا وبطيئا لكنه تراجع في نهاية المطاف". في الوقت الحالي يطبق حزب العدالة والتنمية إجراءات تحفيز تستهدف الناخبين الفقراء - رفع الحد الأدنى للأجور، وخفض بعض الضرائب على الواردات، وإعادة هيكلة ديون بطاقات الائتمان، لكن يبدو أن أثر ذلك محدود وأن الاقتصاد في طريقه إلى الركود. وقال مسئول كبير في حزب العدالة والتنمية "التأييد لحزبنا بين 32 و35 في المئة.. من الواضح أنه أقل من توقعاتنا. لكننا ما زلنا في بداية الحملة الانتخابية، وسنعمل في اتجاه إقناع من لم يحسموا موقفهم بعد". وأضاف "الوضع في أنقرة ليس مريحا. قد نواجه تحديات مماثلة في مدن كبيرة أخرى". وتابع أنه يعتقد أن الوضع طيب نسبيا في اسطنبول، وهي أكبر مدينة تركية والعاصمة الاقتصادية للبلاد. وأقر مسئول آخر في حزب العدالة والتنمية بأن شعبية الحزب لا تزيد على 35 في المئة، وهي أقل بكثير من نسبة الأصوات التي حصل عليها أردوغان في انتخابات الرئاسة في يونيو والتي بلغت 52.59 في المئة.