لاتزال منظومة توريد القمح لفروع "التنمية والاتئمان الزراعي" تواجه العديد من المشكلات التي قد تعوق الحكومة من تحقيق مستهدفها الخاص بالحصول على ثلاثة ملايين طن قمح من المزارعين، فعلي الرغم رفع أسعار التسليم بنسبة 40% عن الأسعار العالمية، إلا أن الفلاحين يفضلون البيع للتجار والأهالي للحصول على مستحقاتهم بصورة فورية. وكشفت التقارير الصادرة عن مديريات وزارة الزراعة أن حجم التوريد في الأيام الأولى لموسم الحصاد الحالي، أقل من الفترة ذاتها خلال الموسم السابق ب 276 ألفًا و899 إردبًّا، حيث بلغ حجم التوريد 466 ألفًا و756 إردبًّا، مقابل 743 ألفًا و655 إردبًّا خلال الفترة المقارنة. في البداية، يقول صلاح عطية، مزارع، إن بنك "التنمية والائتمان الزراعي"لا يمنح الفلاحين قيمة القمح الذي يقومون بتسليمه بصورة فورية، مما يدفع المزارعين للبيع للأهالي أو التجار، الذين يدفعون مقدما للشراء ويدفعون الباقي عند التسليم، مما يمكن الفلاح من سداد المبالغ المالية المتأخرة عليه، وتمويل مستلزمات المحصول القادم من بذور وأسمدة. وأضاف محمد موسى، مزارع، أن الأسعار التي أعلنها "البنك التنمية والائتمان" أقل من العام الماضي وإن كانت اعلى من الأسعار العالمية فإنها لاتتناسب مع ارتفاع تكلفة الإنتاج من بذور وتجهيز للأرض وري وأسمدة وحصاد، مطالبًا الحكومة بدعم الفلاحين عبر رفع سعر أسعار توريد القمح، مشيراً إلى أن الأهالي يشترون من المزراعين بمبالغ تتراوح بين 400 و410 جنيهات للإردب مقابل 380 جنيهًا يدفعها البنك الزراعي. وقال عبد المجيد الخولي، رئيس اتحاد الفلاحين، إن المنظومة المتعلقة بعمليات التسليم لاتزال كما هي دون تغيير بعد ثورة 25 يناير، موضحًا أن البنوك تفضل الاستلام من التجار وليس الفلاحين، رغم أن التجار يقومون بتخزين الكميات التي يشترونها من الفلاحين في شون مفتوحة وعلى التربة الزراعية مباشرة دون مراعاة للقواعد التي يجب توافرها، مما يزيد من نسبة الأتربة بالأقماح الموردة عن الحدود المسموح بها عالميًا بعشرات الأضعاف، كما يزيد من وزن الكميات الموردة وبتالتالي يحققون مكاسب غير شرعية. وأشار إلى سوء عمليات التخزين من قبل التجار وحتى شون البنك الزراعي يعرض كميات القمح للظروف الجوية وارتفاع درجات الحرارة الأمر الذي يقلل من جودت وكميات الدقيق المستخرجة منه، مشيراً إلى وجود مافيا تسيطر على تجارة القمح في مصر يقوم عيها 10 رجال أعمال، رافضًا الإفصاح عن أسمائهم. وطالب بتغيير المنظومة القائمة على توريد الأقماح لزيادة دور الجمعيات الزراعية، التي يجب أن تتولي عمليات التسليم والشراء لصالح الدولة، مع قصر دور بنك التنمية والائتمان على دفع المستحقات المالية، بجانب تفعيل رقابة المجتمع المدني على عمليات التخزين. وكشف عن قيام بعض التجار بخلط الأقماح المحلية بالمستوردة مستغلين انخفاض أسعار الأخيرة عن أسعار المحلية التي يتم توريدها من قبل الفلاحين، بنسبة 40%، لافتًا إلى وجود محاباة من قبل بعض فروع بنك التنمية والائتمان، حيث تعطيهم أعلى مقابل للقمح مقابل منح القيم الأقل. واضاف أن الأقماح خلال العامين الحالي والماضي تمتاز بالجودة بسبب اعتدال درجات الحرارة، حيث توجد 5 عوامل تؤثر على جودة الإنتاج، تتمثل في جودة الأرض والفلاح والبذور والتسيد والعوامل الجوية, مشيراً إلى أنه وزير التمويل بتغيير المنظومة القائمة على التوريد أكثر من مرة. وقال عبد الغفار السلاموني، رئيس شعبة المطاحن باتحاد الصناعات، إن الفلاحين يفضلون البيع للتجار عن بنك التنمية والائتمان الزراعي، نظرًا لأن الأخير يؤخر مستحقاتهم نظرًا لطول الإجراءات المتعلقة بعمليات التسليم من محاضر وفرز وشيكات وغيرها، فيفضل الفلاح البيع للتاجر الذي يدفع له الثمن مقدمًا أو فور التسليم، حتى لو كان ذلك الثمن أقل من سعر البنك. وأضاف أن البنوك تفضل أيضًا التعامل مع التجار، نظرًا لأن الكميات التي يوردونها كبيرة في المرة الواحدة مما يمكنها من تحقيق مستهدفاتها بسرعة، على عكس المزارع الذي يدخر جزءاً من المحصول لاحتياجاته ثم يقوم توريد كميات قليلة، مما يتطلب مجهودًا ووقتًا أكبر في عمليات التفريغ، ومشيراً إلى أن كميات التوريد أقل من العام الماضي، كما أن بعض الفلاحين يقومون بتورد كميات من القمح القديم، ويخزنون بدلاً منه كميات جديدة من جانبه، نفى مصدر مسئول ببنك التنمية والائتمان الزراعي تفضيل الأخير التعامل مع التجار، مشيراً إلى أن جميع فروعه مفتوحة أمام الفلاحين لتوريد القمح بأسعار تتراوح بين 275 و385 جنيهاً للأردب، بما يزيد عن المبلغ العالمي بنحو 24 جنيهًا، مشيراً إلى أن المبالغ يتلقاها الفلاحون خلال يومين فقط من عملية التوريد مشيرًا إلى أن البنك يبذل قصاري جهده لنجاح موسم التوريد بما يزيد علي مليونيّ طن لمساعدة الفلاحين وعدم تعطيل عمليات تسلم القمح. وقال الدكتور حلمي قنديل، الخبير الاقتصادي، إن عمليات الحصاد لا تتجاوز 5% من المحصول وبالتالي لا يمكن الحكم الآن على قدرة الحكومة على تحقيق مستدفها الخاص باستلام 3 ملايين طن من الفلاحين، مطالبًا بالانتظار حتى فترة الذروة للحصاد والتي تبدأ بعد أسبوع. وأشار إلى أن الحكومة اعتمدت مليارًا و140 مليون جنيه لتسلم القمح بأسعار أعلى من السوق العالمية، إلا أن الفلاح لايقارن السعر المحلي بالعالمي ولكن بالأعوام السابقة، ففي وجهة نظره أن ثمن الإردب تراجع حيث بلغ 450 إردبًا في الموصم الماضي، وبالتالي يريد أسعار أعلي من هذا المعدل. ولفت إلى أن مستلزمات الإنتاج تزايدت أيضًا بصورة كبيرة خاصة أسعار الأسمدة الأمر الذي يتطلب زيادة التوجيه من قبل المهندسين الزراعيين لتوعية الفلاح بالأسعار العالمية، وخلق حلقة وصل بينهم وبين الحكومة مما يساعد الأخيرة على تحقيق مستهدفاتها.