قال الشيخ محمد أحمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية رئيس مجلس الإفتاء الأعلى خطيب المسجد الأقصى المبارك إن هناك قضايا مستجدة طرأت على الناس في هذا العصر ، لم تكن معروفة في العصور السابقة، وكان ظهورها نتيجة التطور العلمي الذي أحدثته البشرية، وتطورت هذه الحياة أشكالها جميعها تطورًا سريعًا مذهلًا، لم يمر مثله من قبل، فكانت النوازل تنزل، وغلب على معظمها طابع العصر المتميز بالتعقيد والتشابك. وأضاف المفتي العام للقدس : مما جعل الحاجة ماسة إلى بحث هذه القضايا والنوازل، وبيان أحكامها الشرعية من قبل أهل العلم والاجتهاد والاختصاص، حيث معرفة أحكام هذه القضايا والنوازل المعاصرة ضرورة شرعية، تستلزم بحثًا علميا منهجيا؛ لأن أفعال المكلفين تختلف باختلاف الزمان والمكان والعرف المَتبع، وتدور عليها الأحكام الشرعية من حِل وحُرمة، وندب وكراهة واستحباب. وأشار المفتي العام للقدس إلى أن تعريف بعض المصطلحات كمفهوم الفتوى وكمفهوم المستجدات الطبية. وقال إنها تعنى كمصطلح مر كب؛ "الوقائع الطبية الجديدة التي لم يسبق فيها نصٌ أو اجتهاد، وقيل إنها العلم بالحكم الشرعي للأمور الخاصة بالإنسان، من حيث العلاج وأنواعه جميعها؛ من الأدوية والعمليات الجراحية، والعلاج الجيني، ونحوها، ومن حيث التصرف في أعضائه، ومن حيث الممارسات الطبية من قبل الأطباء. تابع : وأما عن حكم الاجتهاد في المستجدات الطبية قال المفتى العام للقدس ذهب جمهور الأئمة إلى جواز الاجتهاد والنظر في النوازل الحادثة، أي أنه إذا وقعت نازلة لم يسبق أن بحثها العلماء، أو أفتوا فيها بقول ما، فيجوز الإفتاء فيها بعد البحث والاجتهاد من أهل الاختصاص. ولفت محمد أحمد حسين النظر إلي أن الوقائع في الوجود لا تنحصر؛ فلا يصح دخولها تحت الأدلة المنحصرة، ولذلك احتاج إلى فتح باب الاجتهاد من القياس وغيره، فلا بد من حدوث وقائع لا تكون منصوصًا على حكمها، ولا يوجد للأولين فيها اجتهاد، وهذا القول يؤيده واقع الحياة المتجدد المتغير، ففي كل يوم اكتشاف جديد، أو مشكلة جديدة، أو اختراع مبتكر، أو ظرف حادث لم يسبق أن مر على الناس مثله، وهذا كله يستلزم النظر والبحث وإصدار الأحكام والفتاوى؛ حتى لا توصف الشريعة الكاملة بالقصور وعدم الاستيعاب. وأكد المفتي العام للقدس أنه لابد قبل الإفتاء في القضايا المعاصرة - ومنها الطبية – وضع منهجية محددة للبحث عن حكم هذه القضايا المستجدة، والتي لم يعثر على نصوص خاصة بها، ولا أقوال للفقهاء القدامى، وحتى نصل إلى حكم موافق للصواب مقارب للحق، كان لا بد للناظر في هذه النوازل والمستجدات من التقيد بمجموعة من الضوابط قبل الحكم على النازلة وخلال بحثها، ومن أهم تلك الضوابط تحديد النازلة أو المستجدة، والتأكد من وقوعها، وتصور النازلة وفهمها فهما صادقا، والنظر بكل ما ورد بشأنها، واستشارة أهل الاختصاص ومراجعتهم في اختصاصهم، والعناية بالتكييف الفقهي للنازلة الطبية، وأخيرًا مراعاة مقاصد الشريعة. وعن دور الاجتهاد الجماعي في معالجة فقه النوازل الطبية، قال المفتي العام للقدس للاجتهاد الجماعي دور كبير في بحث المستجدات الطبية، والوصول إلى الحكم الأقرب للصواب، الموافق لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها؛ وذلك لأن الاجتهاد الجماعي يتميز عن الاجتهاد الفردي بكونه أكثر استيعابًا وإلمامًا بالموضوع المطروح للاجتهاد، وأكثر شمولًا في الفهم لكل جوانب القضية وملابساتها. وفى ختام كلمته عرض المفتى العام للقدس عدة نتائج منها المستجدات الطبية: هي الوقائع الطبية الجديدة الخاصة بالإنسان، والتي لم يعثر بشأنها على نص أو اجتهاد سابق.، وكذلك حاجة الناس توجب الاجتهاد والنظر في النوازل الحادثة، لمعرفة الحكم الشرعي، وكذا لا بد للناظر في القضايا المعاصرة والمستجدات الطبية من ضوابط عدة للوصول إلى الحكم الشرعي الأقرب للصواب، والتي من أهمها: تحديد النازلة والتأكد من وقوعها، واستشارة أهل الاختصاص فيها لتصورها وفهمها فهمًا دقيقًا، ولا بد من تكييفها فقهيا، لمعرفة الأصل الذي تنتمي إليه، وكذلك يجب على الناظر في النوازل والمستجدات أن يراعي تحقيق المصالح في حكمه وفتواه، حتى لا يخرج عن كليات الشريعة ومقاصدها العليا، وأخيرًا الاجتهاد الجماعي له الدور الأكبر والأبرز في معالجة القضايا الطبية المعاصرة. جاء ذلك خلال كلمته بفعاليات الجلسة الثانية من اليوم الثاني من المؤتمر العالمي للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والتي ترأسها دار الإفتاء المصرية، حيث ناقشت قضية "ضوابط الإفتاء في قضايا حقوق الإنسان". مؤتمر الإفتاء العالمي