أثار رفع الحكومة المصرية أسعار الفائدة على أذون وسندات الخزانة إلى مستوى 17%، ردود أفعال متباينة بين الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين، ففي حين اعتبره البعض وضعًا طبيعيًا متوقعين استمرار ارتفاعه ليقارب مستوى ال 20%، حذر البعض الآخر من تأثيره الضار على سوق المال ومناخ الاستثمار بالبلاد. ويقول محمود نجم، مدير عام الاستثمار بالبنك المصري لتنمية الصادرات، إن وصول الفائدة على أذون وسندات الخزانة إلى ذلك المعدل متوقع حتى قبل الثورة، ومن الطبيعي أن يتجاوز معدل 17% مستقبلاً، موضحًا أن الجنيه انخفض بنسبة طفيفة أمام الدولار لا تتناسب مع الأزمة التي تمر بها البلاد حاليًا والتي لو استمرت بالتزامن مع نقص الموارد الدولارية سيزيد الأمر تعقيدًا، وستواصل العملة الأمريكية الارتفاع بما ينعكس على سعر الفائدة. وأضاف أن ارتفاع معدلات الفائدة على أذون وسندات الخزانة طبيعي وصحي ولا يمثل خطورة ويتناسب مع الأحداث التي نمر بها وضعف الموارد، متوقعًا مع الاستقرار ومعرفة اتجاه الدولة أن تبدأ أسعار الفائدة فى الانخفاض، لافتًا إلى أن طرح سندات خزانة تُستحق بعد فترات طويلة موجود بالعالم كله، وسبق أن طرحت مصر منذ 6 سنوات سندات مستحقة بعام 2020، إلا أنه لابد من التزامن بين الاستحقاقات والمشروعات طويلة الأجل، وبين الديون واستخداماتها. أما الدكتور حمدي عبد العظيم، الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية السابق، فيؤكد أن رفع الفائدة إلى 17% يمثل عبئًا على موزانة الدولة خلال السنوات القادمة، كما يجعل البنوك تتسابق على الاستثمار بالأذون والسندات على حساب القروض الممنوحة بغرض الاستثمار، مما يؤدي إلى ضعف القطاع الخاص، وقد يؤدي لهروب الاستثمارات خارج البورصة وتوجهها للاستثمار بأدوات الدين الحكومية. وأضاف أن فوائد الديون الحكومية تصل قيمتها حالياً إلى 105 مليارات، بينما تجاوز الدين الداخلي الحدود الآمنة بعدما بلغ 1.3 تريليون جنيه، موضحا أن الفوئد والأقساط تصبح عبئا على الموازنة العامة للدولة، وتجعلنا ندور بحلقة مفرغة تتمثل في إعادة الاقتراض لسداد خدمة الديون، وأوضح أن ارتفاع فائدة أذون الخزانة والسندات مرتبط بالعجز، فكلما تراجع الأخير يقل الطلب على أدوات الدين وبالتالي ينخفض الفائدة، موضحا ً أنه لو حدث تخفيض بعجز الموازنة عبر إقرار الحد الأقصى للأجور وزيادة الضرائب والموارد، فمن الممكن أن ينخفض سعر الفائدة على أذون الخزانة المصرية، لافتا إلى أن صندوق النقد الدولي يصر في مفاوضاته مع مصر حاليًا بشأن قرض ال 3.2 مليار دولار، على تخفيض عجز الموزانة. وحذر الدكتور شريف قاسم، أستاذ الاقتصاد وأمين عام نقابة التجاريين بالقاهرة، من خطورة العجز المتزايد بالموازنة العامة للدولة، إلا أنه أكد بذات الوقت صعوبة طرح أذون وسندات خزانة بفائدة منخفضة، موضحًا أن التضخم يصيب أموال المدخرين بالتناقص، وبالتالي لابد أن يكون سعر الفائدة موجب بمعنى أن تكون أعلى من التضخم، وحتى تلقى رواجًا من المتعاملين. وأضاف أن البديل لطرح أذون الخزانة والسندات يتمثل في مشروعات اقتصادية تدر عوائد يمكن الاعتماد عليها في تمويل عجز الموازنة وزيادة الادخار، موضحًا أنه إذا لم يتحقق ذلك، فالباب الأكثر أمانًا هو السندات وأذون الخزانة لأن اللجوء لبديل كطباعة "البنكنوت" سيؤدي لتآكل ثروات المجتمع، بجانب انخفاض سعر الجنيه أمام العملات الأخرى، وارتفاع الأسعار، موضحًا أن كلما زادت فترات الاستحقاق بسندات الخزانة، كان أفضل.