كانت هجرة الرسول "صلي الله عليه وسلم" في ليلة الجمعة يوم 28 صفر الموافق 13 سبتمبر عام 622م, ثم مكث في غار ثور ثلاثة أيام وبعدها استكمل المسير إلي يثرب. في كل عام تأتي ذكرى الهجرة النبوية نلتمس منها الدروس والعِبر, لنتذكر معًا دور الشباب في استكمال مسير الدعوة الإسلامية وبناء الدولة والمتمثل في دور علي ابن أبي طالب، وعبدالله ابن أبي بكر، وعبدالله ابن الأريقط كالدليل؛ برغم أنه غير مسلم، ولكنه ماهر في علم الطرق ودروب الصحراء، ويتجلى دور أسماء بنت أبي بكر، وعائشة بنت أبي بكر في مساندة الرسول ونصرته. بدأت دعوة النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" سرًا؛ حيث دعا أهله وأقرب الناس إليه لدخول الإسلام وتوحيد الله وعبادته, وبعد بضع سنين دعا النبي الناس إلي الإسلام جهرًا؛ فستشاط الكفار والمشركون غضبًا بعد أن دعاهم لدين الله، وترك عبادة الأصنام، ثم رفضوا، فكذبوه واتهموه بالجنون والسحر، وأنكروا عليه دعوته ونصبوا له العداء، فأذوه وأصحابه ومن آمن برسالته. وعلي الرغم من ذلك كان النبي "صلى الله عليه وسلم" رحيمًا عطوفًا حنونًا بقومه وهم كانوا يكيدون به المكائد، ويدبرون له كل شر وسوء, ولما اشتد أذى المشركين بالرسول "صلى الله عليه وسلم" وأصحابه ومن دخل في دين الإسلام, وبعد أن تعرض للقتل أكثر من مرة, تم وضع خطة لقتله بأن يأخذوا من كل قبيلة رجلًا؛ حتى يتفرق دمه بين القبائل، فيصعب على أهله أن يأخذوا بدمه, وكان النبي قد أمر أصحابه من قبل ذلك بالهجرة إلى يثرب، بعد أن بايعه أهل يثرب على الطاعة في السراء والضراء ينصره، وأن يمنعوا عنه ما يمنعون عن أنفسهم من القتل والسوء والأذى, كل هذه الأسباب دعت النبي "صلى الله عليه وسلم" للهجرة إلي يثرب؛ بعد أن أذنَ له المولى عز وجل بذلك، وبعد أن أخذ النبي "صلى الله عليه وسلم" قرار الهجرة أخبر علي ابن أبي طالب بذلك. وهنا يأتي دور الشباب في نصرة الحق, فكان لعلي دور بطولي سيذكره التاريخ إلي يوم القيامة؛ حيث نام على فراش النبي "صلى الله عليه وسلم"؛ فداءً له، ومن ناحية أخرى يؤدي الأمانات إلى أهلها, ثم ذهب إلى أبي بكر ابن أبي قحافة يخبره بذلك؛ فهلل وكبر, وأيضًا يأتي دور عبدالله بن أبي بكر بن أبي قحافه المتمثل بإمداد النبي "صلي الله عليه وسلم" بالمعلومات التي يحصل عليها من سادة قريش، ودور عبد الله ابن الأريقط؛ وهو على غير دين الإسلام؛ لما له من خبرة كالدليل لمعرفة الطريق و دروب الصحراء. ثم يأتي دور النساء المتمثل في دور أسماء بنت أبي بكر في إخفاء أثر أقدام الرسول "صلي الله عليه وسلم" وأبيها أبي بكر، وإمدادهما بالطعام والماء, ويتجلى دور عائشة بنت أبي بكر في مساندة ونصرة الرسول "صلى الله عليه وسلم" في مسيرة الدعوة إلى الله تعالى.