عندما يكون خرق السفينة هو قمة المعروف، وقتل الغلام هو قمة الرحمة، وحبس كنز اليتيمين هو قمة الوفاء، فاصبر على ما لم تحط به خبرًا. ولكننا وجدنا هنا من يتحمس لمظاهرات تونس والمطالبة بمساواة الرجل بالمرأة في الميراث، وراح بعضهم يطالب بتعطيل آيات المواريث في قياس فاسد على ما فعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" في عام الرمادة، وبلغت بهم الجرأة على القرآن الكريم بأن نسخوا بالأحاديث آياته. ورأينا من يتحايلون على المفهوم العام للمواريث، وراحوا يشرعون القسمة بين بناتهم وأولاد عمومتهن وخيلانهن وخالاتهن والذين يعنون بأمورهن أشد العناية إما لتئول ثرواتهم حصرا لبناتهن أو لإعادة شرع الله وفقا لأهوائهم، وكانت أن كتبت فتاة على صفحتها على الفيس بوك تقول: (توفي والدي من 22 سنة ولم يكن لي إخوة ذكور لذا ورث معنا أعمامي وعماتي مع إنهم أغنياء وكان والدي أقلهم ثراء لأنه لم يسافر السعودية مثلهم، ولكنهم ورثوا وأخذوا فلوس بناته، ولم تكن أمي تعمل، وليس لدينا أي دخل لنواصل تعليمنا، ووزعوا الميراث وفقًا للشرع بعد أن حذفوا "من بعد وصية يوصي بها أو دين" وطبعا كان على أمي أن تسدد تلك الديون، وورثت أنا وأختي، ولكن الفلوس المودعة بالبنك دخلت المحكمة بحكم أننا أطفال قصر، وأصبحت أمي الوصية، وكانت تذهب للمحكمة لصرف أي مبلغ حتى لو كان مائة جنيه، والخطير في الأمر أن كل أعمامي وعماتي السبعة ابتعدوا عنا ولم يصرف علينا منهم مليم واحد، ولم يعد أحد يتذكرنا، عرفونا وقت قسمة الميراث ونسونا بعدها، وهذا هو الشرع، ظلم البنات لأن والدي لم ينجب ولدا). ووجدت الفتاه من يؤيدها وينكر الشرع، ونسي الجميع الذين تعاطفوا معها أن العيب ليس في الشرع؛ ولكن في الأعمام الذين أخذوا مالهم بالشرع وتركوا ما عليهم بنفس الشرع؛ أي أن المشكلة ليست في الشرع؛ ولكن فيمن يطبق الشرع، فلماذا لم يخرجوا الديون قبل تطبيق الشرع، ولماذا سكتت الأم ولم تستعن بمحام لتحصل على حقها وحق بناتها. أما من لم يخف الله في حق اليتامى - وتلك حالة من أناس لم يتقوا الله - فلا تنسحب على الشرع ولا تستوجب التشكيك في الشرع، لأن الخطأ في التطبيق لا يوجب إلغاء القاعدة لأنها من السماء وليست من البشر، وهناك ملايين الحالات التي فعلت عكس ذلك وظلت تساهم في النفقات وزوجت البنات؛ لأن الشرع الذي فرض لهم نصيبا في الميراث أوصاهم برعايتهم، ولكن أن يكون الأعمام بهذه الخسة فإنهم يأكلون في بطونهم نارا ستكون عليهم حسرات، ومع هذا هناك سبع حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل، وهي ميراث الأم مع الأب مع وجود ولد أو بنتين، وكذلك الإخوة للأم مع أخوات الأم، أو زوج وأم وأخوة لأم وأخ شقيق فأكثر، وعند انفراد الرجل أو المرأة بالتركة، وكذلك الأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق، أو الأخت للأم مع الأخ الشقيق دون تشريك، وأخيرا ميراث ذوي الأرحام في حالة عدم وجود أحد من العصبة ولا أحد من ذوي الفروض. وهناك 28 حالة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، وهي إذا مات الرجل وترك أما وبنتين وأخا، أو إذا مات الأب وترك ابنة وأما وأبا، أو إذا ترك ابنتين وأبا وأما فلكل ابنة الثلث وللأم والأب معا الثلث، أو إذا ماتت امرأة وتركت زوجًا وأمًا وجدًا وأخوين للأم وأخوين للأب، أو إذا مات إنسان وترك بنتين وبنت الابن وابن الابن فللبنتين الثلثان وبنت الابن سهم واحد وابن الابن سهمان، أو إذا ماتت امرأة وتركت زوجا وأختا شقيقة وأختا لأب وأختا لأم فللزوج النصف والأخت الشقيقة النصف ولا شيء للآخرين، أو إذا مات رجل وترك ابنتين وأخا لأب وأختا لأب وأختا لأم ، أو إذا مات رجل وترك زوجة وابنتين وأبا وأما فلكل ابنة الثلث والزوجة الثمن والأب السدس، أو إذا ماتت امرأة ولها ابنتان وزوج وأب وأم ولديها 48 فدانا فسيكون نصيب البنت 16 فدانا، في حين أنها لو تركت أخوين بدلا من البنتين لورث كل منهما على 12.5 فدان ولو تركت أختين لأب فإنهما يرثان أكثر من الأخوين لأب. ولو مات رجل وترك زوجة وأما وأختين وأخوين شقيقين فترث البنتان أكثر من الأخوين الشقيقين ، وتلك بعض الأمثلة التي يتجاهلها المرجفون بغير علم، وهم لا يعلمون أن القرآن فصل المواريث بمنطق تفصيل ما لا يتغير وإجمال ما يتغير، وبالتالي فليس هناك اجتهاد مع تلك الآيات المحكمات، وليس هناك مجال للتعاطف مع بعض الحالات الشاذة التي تؤول النص وتأخذ نصفه وتترك بقية النص.