أستطيع أن أعتبر نفسي من المدافعين جدًا عن خصوصية الأشخاص، وأنادي بتلك الخصوصية في أي منفذ يسمح لي بذلك، فالخصوصية حق دفين للجميع، ويجب مراعاتها في شتي العلاقات حتى الحميمة والقريبة جدًا، فأنصح دومًا بالحفاظ عليها بين الأزواج، الأبناء والآباء وغيرها من العلاقات. وبرغم إن للشهرة ضريبة يدفعها المشاهير إلا أني أشعر بضيق واشمئزاز من التعدي على خصوصية أي شخص لمجرد كونه شخصية عامة؛ حتى وإن كان هذا التعدي صورة لفرح فنانة، أو ابن رجل أعمال، أو حتى طبيبًا مشهورًا، أولائك تحولت حياتهم لجحيم وضغط؛ بسبب تطفل الكثيرين، وربما من أقرب الناس إليهم من أصدقاء ومعارف؛ وذلك بسبب التطور التكنولوجي الذي يسمح بالتصوير والتسجيل والإرسال في ثوان، كذلك المراقبة الدقيقة وبأعلى تقنيات، والتي يعاني منها أيضًا أشخاص عاديون، وكأننا نعيش حياتنا اليومية تحت كاميرات المراقبة. من حق أي إنسان أن ينعم بحرية مطلقة؛ سواء أصاب أو أخطأ، وكون شخص أصبح تحت الأضواء بسبب مهنة أو موهبة، أو أي ظروف كانت، لا يعني هذا إن حياته أصبحت مستباحة، وأن تصرفاته أصبحت محل النقد أو التقييم طوال الوقت، فيصبح مركزًا للنميمة. فعليًا هو حر يتزوج أو يطلق، يقيم علاقة أو ينهيها، يؤمن أو يكفر، يضحك أو يصرخ أو يبكي مادام كل ذلك لا يتعلق بأصل كونه مشهورًا، بمعنى إن كان سبب شهرته فيه تعارض مع تصرفاته تطرح علامة استفسار كبيرة. فبرغم تلك الحرية المطلقة، فإن هناك حدودًا لا يقبلها المنطق، على سبيل المثال، من غير المألوف أو المستصاغ أن أجد طبيب الرجيم بعد نصائح هائلة بعدم تناول المشروبات الغازية المحلاة صناعيًا لأضرارها الكثيرة من وجهة نظره، أن يتناولها بكثرة وكأنه شخص آخر، أو مستشارة علاقات زوجية تنصح الزوجة بالاهتمام بالزوج وعدم الانشغال عنه بتربية الأبناء؛ بينما هي فجأة تسافر للعمل في بلد آخر لتراه في الإجازات. مثال آخر من يرتدي عباءة الدين، وينصح بغض النظر؛ بينما هو يجلس على المقهى يراقب السيدات في الشارع. الأصل هنا ليس الشهرة والتشهير، إنما الاتساق بين ما يدعو له البعض ويتخذه وسيلة للرزق، وما يقدم عليه فعليًا فيفقد مصداقيته، بين ما يكسب به حب الناس أو اهتمامهم وما يفعله عكس ذلك. فليصب وليخطئ كما يشاء، الشخصيات العامة ليست أنبياء أو ملائكة، والجماهير ليسوا آلهة.. فليمارسوا حياتهم كما يشاءون، لكن من لا يقدر على شيء أو ليس مقتنعًا به لا ينصح الآخرين به، وتلك حدود يجب مراعاتها.