من أكثر الأشياء التي يجب أن نحاربها داخل مجتمعاتنا العربية هي اختراقنا لخصوصية الآخرين وتدخلنا في حياتهم الشخصية، هذة الظاهرة موجودة في مجتمعاتنا العربية أكثر بكثير من المجتمعات الغربية التي تحترم خصوصية كل إنسان، وللأسف الشديد نحن لا نكتفي بالتدخل في حياة الآخرين فحسب وإنما نتخطى حدود الأدب وننتقد بشدة أي تصرف صادر من غيرنا لو لم يعجبنا، وكأننا نتلذذ في تشويه صور غيرنا.. المشاهير هم أكثر من يعانون من هذا الأمر لأن حياتهم الشخصية تكون عرضة للقيل والقال، وكأن الشخص المشهور يدفع ثمن شهرته باختراق خصوصيته. لا يخلو المجتمع من بعض الأشخاص المرضى والحاقدين الذين يحبون الفضول ويعشقون التطفل على حياة الآخرين فيدفعهم فضولهم وتطفلهم إلى اختراق خصوصية الناس وبذكاء معين يبررون تدخلهم واختراقهم هذا بالنصيحة وحب الخير لغيرهم وهذا المبرر يعطيهم الحق في انتقاد تصرفات غيرهم بشدة وقسوة دون أن يفكروا قليلا في الدوافع التي أجبرت غيرهم للتصرف بهذا الشكل.. هؤلاء يعتبرون أنفسهم أوصياء على الناس وللأسف الشديد لو درسنا تفاصيل حياتهم سنجدها مليئة بالسلبيات. المجتمع لا يرحم ويصدر أحكاماً قاسية على غيره من البشر، فعلى سبيل المثال لو حاول أحد المشاهير مصارحة جمهوره بفعل فعله وندم عليه ينقلب عليه الجمهور ويشوه صورته.. ولو حاول إخفاء تصرف معين له عن عيون الناس لاعتزازه بخصوصيته سيقول الجمهور عنه إنه منافق بوجهين.. ولا ينطبق هذا الحال على المشاهير فحسب بل على الناس العاديين أيضاً فنجد على سبيل المثال إنسان ينفر من إنسان آخر لأنه علم أنه قطع علاقته بزوجته متهماً إياه بظلمه لها دون أن يعرف الأسباب الحقيقية لتصرفه ولو حاول هذا الذي ترك زوجته تبرير موقفه ربما لا يستطيع البوح ببعض التفاصيل الخاصة لأنها تعتبر خصوصية له. فعلينا أن نحترم خصوصية بعضنا البعض ولا نحاول أن نتطفل على حياة غيرنا، علينا أن نعرف حدودنا جيداً مع كل إنسان وندرك أننا لا يحق لنا تخطي حد معين وضعه لنا إنسان، فمثل ما لكل إنسان حياة خاصة نحن لنا أيضاً ولا نحب أن ينتهك أحد خصوصيتنا.