تصدر ملف الصحة أجندة الرئيس السيسى فى ولايته الثانية، فقد أعلن خلال خطابه التاريخي أمام نواب الشعب أن هذه القضية فى مقدمة أولوياته خلال المرحلة المقبلة ضمن منظومة بناء الإنسان المصرى. ولا شك أن قضية الصحة تعد أحد أهم القضايا الجماهيرية التى تؤرق المصريين، إذ أن الحصول على علاج بات من المشكلات الكبرى التى تواجه المواطنين، خاصة بعد أن تدهورت الخدمة بالمستشفيات الحكومية، ولكن من المؤكد أن اهتمام الرئيس بقضية الصحة سوف يضعها على أعتاب مرحلة جديدة للتطوير الخدمة العلاجية خاصة مع بدء تطبيق نظام التأمين الصحى. "بوابة الأهرام" تحاول الوقوف على أهم مشكلات المنظومة الصحية لمعالجتها وتطوير هذا القطاع الحيوي. الراتب لا يكفي قال الدكتور خالد سمير أستاذ جراحة القلب بكلية الطب جامعة عين شمس، ل"بوابة الأهرام" إن عدم الانفاق علي قطاع الصحة في مصر أدي إلي تدهور كبير في المنظومة الصحية. وعن النتائج المترتبة علي ذلك قال إن أخطرها هو نقص الإمكانات والآليات الخاصة بعلاج المريض وسرعة إنقاذ حياته ما يسبب كوارث صحية ويهدد حياة الكثير. وأشار إلي أن مرتبات العاملين في القطاع الصحي تعد الأدني مقارنة بغيرها من المهن في المجتمع، وينتج عن ذلك مخالفة الضمير المهني وتبادل المصالح من خلال العمل علي استقطاب المرضي من القطاع العام إلي القطاع الخاص من أجل التربح والحصول علي مصدر رزق يعين هذا الطبيب علي الحياة وتلبية حاجاته ومتطلبات أسرته . وأضاف أستاذ جراحة القلب في تصريحاته أن انخفاض العائد المادي الخاص بالطبيب يترتب عليه أيضا الإقبال علي تخصصات أكثر من غيرها إذ أن الطبيب ينصرف عن التخصصات التي فيها جهد وخطورة مثل الطوارئ والرعايات المركزة والجراحات الدقيقة كجراحة القلب وجراحة المخ والأعصاب وجراحة الأوعية الدموية ويتوجه إلي التخصصات الأكثر سهوله وبساطة مثل الجلدية والمعامل والأشعة ومكافحة العدوي والتخصصات الإدارية وذلك لعدم اكتفائه ماديا أثناء ممارسة التخصصات الكبيرة فينصرف نحو التخصصات الأقل جهدا . تدريب القوة البشرية وقال الدكتور خالد سمير إن عملية التعليم والتدريب للعاملين في القطاع الصحي تعاني من إهمالها ماديا ما يؤثر علي مستوي الآداء المهني للقوة البشرية وتدهوره لافتا إلي أن هذه القوة لا تتمثل فقط في الأطباء وإنما أيضا الفريق الطبي وكافة العاملين في القطاع ما يؤثر بالسب علي صحة المريض قائلا: "عدم الصرف علي التعليم والتدريب أدي إلي تدهور مستوي الأطباء وجميع العاملين في القطاع الطبي"مشددا علي الاهتمام بالعنصر البشري لأنه أساس الخدمة الطبية المقدمة وعدم جعله اخر الأشياء اهتمام . التأمين الصحي إن قانون التأمين الصحي الشامل الجديد يهدف إلي إصلاح نظام الرعاية الصحية بالكامل وليس قطاع التأمين الصحي فحسب حيث سيتم تشكيل ثلاث هيئات جديدة وهي هيئة التأمين الصحي الاجتماعي الشامل وهيئة الرعاية الصحية والثالة هيئة للاعتماد والرقابة الصحية بخلاف الدور التنظيمي لوزارة الصحة والسكان وذلك بهدف ايجاد منظومة جديدة أكثر فاعلية وجودة في تقديم خدمات الرعاية الصحية لجميع فئات المجتمع المصري بما يحقق التكافل الاجتماعي بين أفراده . وكان الدكتور محمد محيط نائب وزير المالية لشئون الخزانة العامة قد أشار إلي أن الجديد في نظام التأمين الصحي الشامل أنه يقدم خدمة صحية جيدة تغطي جميع الأمراض إلي جانب إتاحة لحرية اختيار مقدم الخدمة أية مستشفي أو عيادة أو مركز طبي لذلك تم مراعاة أن نسب الاشتراكات المقررة بالقانون يكون هدفها الأساسي هو تحقيق جودة تقديم الخدمات الصحية إلي جانب الحفاظ علي الاستدامة المالية للنظام حتي يستمر في تقديم خدماته مؤكدا أن هذا القانون سيسهم في رفع تصنيف مصر عالميا في المجال الاقتصادي حيث يتم تحديد التصنيف الاقتصادي للدول بناء علي الخدمة الصحية المقدمة لمواطنيها . وفي هذا السياق قال الدكتور خالد سمير إننا بحاجة لتفعيل حقيقي لهذا القانون مؤكدا أن جوهره توفير التمويل الحقيقي لتقديم خدمة صحية حقيقية. قوائم الانتظار و"أزمة سرير" بلغ عدد سكان مصر 96.6 مليون نسمة وتستمر الزياده السكانية سنويا ما يتطلب زياده مالية في المخصصات التي تحددها الدولة لكافة القطاعات ما يشكل عبئا ماديا علي الدولة ويصبح بذلك تدهور البنية التحتية لهذه القطاعات نتيجة طبيعية للتضخم السكاني في ظل ثبات الموارد المادية المخصصة لها. وإن كان تدهور البنية التحتية لقطاع الصحة نتيجة طبيعية لنقص الإمكانات المادية التي من شأنها توفير هذه البنيه فمن الطبيعي أيضا ووفقا لهذا النقص أن نجد تضخما في قوائم انتظار المرضي داخل المستشفيات بسبب نقص في "السراير" وغرف العناية المركزة وعن ذلك ق الدكتور خالد سمير أن التعداد السكاني يزداد دون تقديم خدمات صحية تكفي حاجة هذه الزيادة :" المشكلة في الحالات الطارئة والحرجة .. عندنا نقص في الرعايات المركزة يصل إلي 70% لعدم وجود خطة لمواكبة النمو السكاني والعمراني". وحدات الغسيل الكلوي حول البنية التحتية لقطاع الصحة قال دكتور محمود أبوالخير أمين سر لجنة الشئون الصحية بالبرلمان ل"بوابة الاهرام" أن قطاع الصحة من أهم القطاعات التي تحتاج الي اهتمام مادي وتوفير ميزانية كافية لوجود بنية تحتيه لائقه بالمريض وتوفير آليات معالجته وضمان مستوي خدمة صحي جيد . ولفت الي أبرز المشكلات التي تواجه المريض في ذلك فقال أننا نعاني عجز في كل من غرف الرعاية المركزة وحضّانات الأطفال ووحدات الغسيل الكلوي وذلك علي مستوي محافظات الجمهورية بشكل عام وعلي مستوي الصعيد بشكل خاص. نقص المستلزمات الطبية قال دكتور محمد أمين مدرس مساعد الجراحة العامة والمناظير كلية طب القصر العيني إن أغلب المستشفيات تعاني نقص في المستلزمات الطبية مشيرا إلي القصر العيني قائلا إن أبسط أدوات ممارسة المهنة غير متوفراة وهي القفازات فكيف لطبيب أن يستغني عن ارتدائها داخل غرفة العمليات إلا أنه من خلال التبرعات القادمة الي القصر العيني استطاع الأطباء التغلب علي هذا النقص لكن تبقي أزمة غرف الرعاية المركزة وهذه خارجة عن إمكاناتهم وتحتاج إلى تدخل حكومي سريع . أطباء مُحبطون "القطاع الطبي متدمر من الطبيب إلي أقل عامل موجود فيه " بهذه الكلمات عبر أحد الأطباء الشباب - لايرغب في ذكر اسمه- عن إحباط شديد لديه وزملائه بسبب عدة معوقات أولها الجانب المادي إذ أن مرتبات الأطباء لا تتعدي 2500 جنيه بعد الحافز والبدل، وثانيها يتعلق بحياته حيث يحصل الطبيب علي 19 جنيها بدل عدوي قائلا: "بنعرض حياتنا للخطر أثناء التعامل مع المرضي وبناخد 19 جنيها بدل عدوي"، إضافة إلي السلامة المهنية حيث يتعرض الطبيب إلي الاعتداء الجسدي أثناء عمله بسبب غضب أهالي المرضي لعدم توافر غرف رعاية مركزة ولا يجد الأهالي أمامهم سوي الطبيب ليفرغوا فيه طاقة الغضب بداخلهم وفي هذه الحالة لا يجد الطبيب إنصافا قانونيا لعدم وجود قانون يُجرم الاعتداء علي الطبيب أثناء أداء مهام عمله. وأشار إلي سفر الكثير من الأطباء الي الخارج فقال إن هذا ليس سفرا وإنما هجرة من عدم التقدير المادي والمعنوي للأطباء في مصر ما يجعلهم يشعرون بالتهميش مقابل ما يقومون به من مهنة سامية .