قال المؤرخ المصري محمد عفيفي رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة إن الطريق إلي الربيع العربي بدأ بانهيار سور برلين عام 1989، فالتداعيات التي نتجت عنه علي جنوب المتوسط، إضافة إلى بزوغ قوة ديمقراطية كبري إلى جوار إقليم الشرق الأوسط كتركيا التي تعرضت لتغيير جذري أشرت بوضوح علي أن المرشح التالي لتطبيق الديمقراطية هو العالم العربي. إلا أن عوامل كثيرة منها غزو صدام للكويت وأحداث 11 سبتمبر أدت إلي إدخال العالم العربي إلي حالة من الجمود وصفها عفيفي في الندوة التي عقدت علي هامش مؤتمر الثورة والثقافة" اليوم بالمسرح الصغير بدار الأوبرا ب"الثلاجة"، وقال عفيفي أن بعضاً من تلك العوامل أدي إلي تعزيز الأنظمة الديكتاتورية والاستبدادية في العالم العربي جنباً إلي جنب مع تعزيز الانقسام. وقال عفيفي إنه مع حرب تحرير العراق التي اشتركت فيها مصر جرى إسقاط الديون عنها ودعمها بملايين الدولارات من دول الخليج الأمر الذي عزز حكم مبارك، وإضافة إلي ذلك عطلت موجة الإرهاب الذي ضرب مصر والعالم العربي في التسعينيات ووصول حماس في فلسطين إلي السلطة بالانتخابات تطبيق الديمقراطية. وساعد علي استقرار الأمر لتلك الأنظمة الاستبدادية توجيه الغضب العربي تجاه السياسات الإسرائيلية بدلاً من توجيهه لتلك الأنظمة، وساعدت أحداث 11 سبتمبر وحرب أمريكا علي الإرهاب وغزوها لأفغانستان والحملة ضد الإسلام والعرب علي شعور المواطن العربي بأنه في معركة مع الخارج وليس مع الداخل بحسب عفيفي. وأكد عفيفي أن الربيع العربي، لم يأت من فراغ إذ أن عوامل أخري بدأت في التمهيد للربيع العربي وظهرت بودارها حوالي العام 2003 – 2004 مع تشكل مجتمع جديد من خلال التغيرات الديمغرافية الهائلة في طبيعة التكوين السكاني للدول العربية بزيادة نسبة الشباب بين السكان وسقوط وهم الإستقرار والخطاب السياسي القديم الذي جري الترويج له دائماً من قبل وسائل الإعلام الرسمية تحت مسمي "الإصلاح" الذي لم يكن سوي طريقة للإلتفاف علي الديمقراطية، ولكن أحداً لم يلتفت لتلك التغيرات حتي الأنظمة الاستبدادية. وقال عفيفي إن ثورة الاتصالات الحديثة، أدت لتغيرات أيضاً في البنية التقليدية للعالم العربي، ساهمت في إسقاط النظام الأبوي، فكلمة ارحل التي انطلقت مع ثورتي تونس ومصر لم تكن موجهة فقط ل بن علي ومبارك ولكن للنظام الأبوي الاستبدادي ككل. ولخص عفيفي أطروحته عن التغيرات المجتمعية في العالم العربي في العقد الأخير والتي أدت إلي الربيع العربي مستشهداً بمقولة وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبية بعد الربيع العربي والتي قال فيها "ظهرت الشرارات الأولي للربيع العربي علي الموجات والشبكة العنكبوتية وعززها شباب ديناميكي لم يفتأ تعليمه أن يتحسن". وأضاف عفيفي أن حلم الربيع العربي كان مؤجلاً منذ انهيار سور برلين وتأخر بشكل كبير، إلا أنه لم يأت من فراغ أو بشكل مفاجئ.