"بعضهم فقد أعضاءه".. والبعض الآخر دفع حياته ثمنًا للقمة العيش ببلاد الغربة.. وحتى بعد عودتهم للوطن عانوا الأمرين في الحصول على مكتساباتهم دون جدوى لمدة تصل إلى 22 عامًا.. إنهم أصحاب المعاشات التقاعدية بالعراق الذين توقفت المستحقات المالية التي منحتها لهم بغداد، منذ غزو العراق للكويت وحتى الآن، دون أن تحرك الحكومات المصرية، سواء قبل ثورة 25 يناير أو بعدها ساكنًا لنجدتهم.. يرجع تاريخ المعاشات التقاعدية إلى السبعينيات بعد صدور قرار من اللجنة الطبية بالعراق وهيئة الضمان الاجتماعي بصرف رواتب تقاعدية شهرية للعمالة المصرية بالهيئات أو الشركات الحكومية التي تتعرض لإصابات أو لذوى حالات الوفاة الناتجة عن العمل، حسب الاتفاقية رقم 118 لعام 1971 الخاصة بالمساواة في المعاملة بين العمال العرب بجميع الأقطار العربية، والحكومة المصرية موقعة عليها، كما تتضمن الاتفاقية منح رواتب شهرية تترواح بين 130 و600 دولار شهرياً ويتم تحويلها لبنك الرافدين بالدقي.. إلا أنها توقفت منذ غزو العراق بسبب قرارات مجلس الأمن الصادرة ضد بغداد. "بوابة الأهرام" ترصد مآسي أصحاب المعاشات التقاعدية بالسطور التالية، يقول فوزى زهران، محاسب، إنه قضى بالعراق 16 عامًا وأحيل للتقاعد عام 1994 ويحمل بطاقة معاش إلا أنه لم يستطيع صرف معاشه منذ 30 سبتمبر من عام 1994، وكذلك حال سعيد هلال، مهندس، الذي يشير إلى بتر ساقه وخلع بكتفه الأيسر لتصل نسبة العجز 80%، ولم يستطع صرف معاش إلا شهر واحد فقط. ولم تكن أحوال أحمد عفت عبد الحليم، عامل سابق بمصلحة استثمارية بالعراق، بأسعد حالٍ خلال سنوات البحث عن لقمة العيش، حيث أصُيب إصابات تصل نسبة العجز بها إلى 35%، وبالفعل قام بعمل إجراءات المعاش، وصرفه لمدة 6 سنوات إلا أنه توقف بعدها، بينما كانت أحوال خميس إسماعيل أصعب حالاً بكثير حيث عاد من سنوات الغربة، حاملاً معه نسبة عجز تصل إلى 100% واكتملت مصيبته بتوقف معاشه منذ عام 1994. أما محمد السيد أحمد الزمزمى، واجهنا بعشرات الشكاوى التي قدمها للحكومات المصرية المتتالية التي يحكي فيها مأساته، حيث سافر للعراق لعامين فقط 1979 و1980 عمل خلالها بمعمل "الوركاء للسخانات والمبردات"، إلا أنه أصيب بإصابة بالغة أدت لبتر الساق اليمنى مما أقعده عن العمل وعاد إلى الوطن بعدما قررت الحكومة العراقية صرف معاش له إلا أنه توقف منذ 1990 وحتى الآن. ويؤكد الزمزمى، الذى يمتلك أسرة مكونة من زوجة وثلاثة أبناء بالإضافة إلى إعالة والده ووالدته، أنه لايريد سوى حقه في صرف معاشه المتوقف منذ 22 عامًا والبالغ 132 دولاراً ، مشيرًا إلى أن إصابته أدت إلى نسبة عجز تبلغ 75%. ولم تكن أحوال عائلتى "سامى أبو الحسن" و"سيد عبد العال" بأسعد حال، حيث لم يستطع أبناء الأول الحصول على مستحقات والدهم المتوفي بحادث كهرباء منذ عام 1990، وكذلك حال عائلة سيد عبد العال الذي توفى بحادث عام 1889، ولم تتمكن عائلته إلا من صرف شهرين فقط من معاشه. ويقول رامى شفيق، منسق حملة تهدف إلى تجميع أصحاب المعاشات التقاعدية، إن مساعد وزير الخارجية للشئون القنصيلة وعد بتشكيل لجنة من وزارة الخارجية وجميع الوزارات المعنية، للسفر إلى بغداد والتفاوض مع المالية العراقية للتفاوض حول الديون والتى من بينها المعاشات التقاعدية، إلا أنه لم يتم تحديد موعد للسفر، مشيرًا إلى أن الخارجية أكدت أن التفاوض سيكون وديًا ولن يتم اللجوء للجانب القضائي. وأضاف أن الخارجية لا تمتلك حصرًا بأعداد أصحاب المعاشات التقاعدية ووعدت بالقيام بحصرها، لافتاً إلى أن أصحاب المعاشات سينظمون تظاهرة أمام الوزارة يوم 16 مايو المقبل، كما يلتقى ممثلون عنهم بلجنة القوى العاملة بمجلس الشعب لبحث الأزمة خاصًة أن أصحاب المعاشات يمتلكون المستندات التي تثبت حقهم الكامل. وأوضح أن آلاف العمال المصريين الذين كانوا يعملون بوظائف حكومية بالعراق وبعضهم توفى أو أصيب أثناء العمل كانوا يحصلون على معاش بالدولار ترسله وزارة المالية العراقية لهم عبر مصرف الرافدين حسب الاتفاقية رقم 118 بشأن المساواة بالمعاملة بين العمال العرب لسنة 1971 التي تحكم التأمينات والضمان الاجتماعى بالدول العربية. ولفت إلى أن الأغلبية العظمى لتلك المعاشات توقفت منذ 1990 مع غزو العراق للكويت وما تلاه من قرارت من جانب الأممالمتحدة بفرض حصار على بغداد، وناشد وزارة الخارجية المصرية والقوى العاملة المصرية والأممالمتحدة بصرف تلك المعاشات. وأضاف بعد عام 2006، توجهنا إلى السفارة العراقية التي وضعت أمامنا خيارين تعجيزيين بين توكيل أحد الأفراد الموثوق بهم بالعراق للقيام بعمليات الصرف أو سفر أحد أفراد الأسرة المستفيدة للصرف من العراق، كما طالب بأن يكون الصرف بدءًا من تاريخ تقديم الطلب وليس على الفترات السابقة.