قلل عدد من الاقتصاديين في مصر من جدية العرض الذي أعلنه نزلاء سجن طرة، من رموز النظام السابق بقيادة رجل الأعمال وأمين التنظيم بالحزب الوطني المنحل، أحمد عز، بشأن رد الأموال مقابل التصالح مع الحكومة وإغلاق ملف محاكمات رموز النظام، المفتوح منذ قيام الثورة المصرية. وفقًا للتقرير الذى أورده موقع "العربية نت" فقد كان الدكتور ممتاز السعيد، وزير المالية، قد كشف عن تلقي السلطات المصرية عروضا من بعض نزلاء طرة للتصالح مقابل التنازل عن بعض القضايا المتعلقة بالفساد المالي، أبرزها العرض المقدم من أحمد عز وحسين سالم، المعروف بمهندس صفقات تصدير الغاز المصري لإسرائيل، وأكد السعيد أن الحكومة ما زالت تدرس هذه العروض، التي تتضمن التنازل عن بعض الممتلكات مقابل التصالح والتنازل عن كل القضايا. وقال طارق عامر، رئيس اتحاد البنوك المصرية، ورئيس مجلس إدارة "البنك الأهلي"، إن ما حققه البعض من مليارات ضخمة في عهد النظام السابق إنما يرتبط بشكل مباشر بعدم وجود الرقابة العلمية المستنيرة، مشيراً إلى أنه ليس من المنطقي أن يكون في مصر هذا الكم من الفقراء، وقلة قليلة تستحوذ على مليارات، وهذا لا يعني ألا نشجع القطاع الخاص الوطني، لأن القطاع الخاص هو درع التنمية لمصر حالياً ومستقبلاً. وطالب عامر بالضغط على من سرقوا أموال مصر حتى يعيدوا هذه الأموال، وأضاف: طالبت قبل ذلك بضرورة تطبيق قاعدة "من أين لك هذا؟" على الجميع، ويتم سحب أي مبالغ لا يذكر مصدرها، وأنا أول المتطوعين لأن تتعامل معي الأجهزة بهذه القاعدة، ولكن دون جدوى. وبحسب الدكتور محمد محسوب، عميد كلية الحقوق جامعة المنوفية، أمين عام المجموعة المصرية لاسترداد الأموال المنهوبة، فإن حجم المبالغ التي تبحث عنها مصر تتراوح بين 350 و700 مليار دولار، مشيراً إلى أنه لا يمكن تأكيد أي أرقام لأنه يوجد أموال منهوبة بالخارج وبالداخل. وأضاف أن جزءاً من هذه الأموال التي تم تهريبها من مصر ذهبت إلي الدول الحديثة في الاتحاد الأوروبي، مثل المجر ورومانيا واليونان، ومن الممكن أن يكون جزء من هذه الأموال قد دخل في مشروعات محصنة. وقال خبير الطاقة، ورئيس حزب التحرير المصري، الدكتور إبراهيم زهران، إن هذا العرض المقدم من سجناء طرة له شقان، مشاكل اقتصادية مالية بحتة ومكاسب غير مشروعة واختلاسات، والأكبر من ذلك أن كل هذه الاختلاسات بتعاملات مؤسسات قطاع خاص مع الحكومة. وأضاف، وفقاً لذلك فإن حجم التعاملات الخاصة بهذه الشركات غير معروف وليس من السهل أن نحصل على الأرقام الحقيقية التي تم اختلاسها، كما أننا لا نملك بياناً بثروة كل رجال من رموز النظام السابق، وبالتالي سيكون من السهل إخفاء أو تجنيب جزء كبير من هذه الأموال حال التصالح مع مساجين طرة والتنازل عن القضايا. وأوضح زهران أن الإشكالية الثانية التي تتعلق بهذا الموضوع خاصة بالشهداء الذين راحوا ضحية الثورة المصرية، وهؤلاء لا يمكن مقايضة دمائهم بحفنة دولارات تمت سرقتها من أموال الدولة، مؤكداً أن الثوار في ميدان التحرير لن يقبلوا بهذا العرض طلما أنه لن يتم القصاص لدماء الشهداء، خاصة أن الحكومة لم تستجب حتى الآن لمطالب أسرهم التي تطالب بالقصاص لدمائهم، أو حتى يحصلوا على تعويضات مناسبة، كما أنه لم يصدر حتى الآن حكم قضائي يدين من قتلوا الثوار. وكانت الحكومة المصرية قد تقدمت بطلبات للعديد من الدول للاستعلام عن الأموال المهربة، خاصة أنه لا توجد إحصاءات أو تقديرات رسمية لحجم هذه الأموال، وقد شكلت الحكومة إدارة متخصصة في وزارة العدل، مهمتها متابعة هذه الأموال وكيفية استردادها.