أكد الدكتور عمرو حسنين رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى وخدمة المستثمرين «ميريس» أن الاقتصاد المصرى آمن حتى الآن على الرغم من تراجع التصنيف الائتمانى له لنحو 4 مرات متتالية فى عام 2011. وقال في حوار مع "بوابة الأهرام" إن القروض التى يمنحها البنك الدولى أو مؤسساته للمشروعات الاستثمارية المختلفة، تؤكد هذا الاتجاه، فضلا عن استعداده لزيادة حجم القروض وفق التصريحات الرسمية للبنك. وأوضخ أنه على الرغم من الصورة القاتمة التى رسمها صندوق النقد الدولى على لسان مدير العلاقات الخارجية جيرى رايس الخميس الماضى فى واشنطن بأن "الوضع الاقتصادى فى مصر صعب، بسبب توقف النمو توقف، وتدهور الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية"، إلا أن عمليات الاقتراض التى تتفاوض الحكومة بشأنها ما هى إلا خطوات استباقية لتعزيز النشاط الاقتصادى والحد من تآكل الاحتياطى النقدى، قبل أن نصل إلى مرحلة تصعب فيها عمليات الاقتراض. وحذر من زيادة حجم الدين الداخلى بمصر، مشيراً أنه تجاوز المؤشرات الحمراء ووصل إلى درجة المخاطرة التى وصلت إليها اليونان، أما الدين الخارجى فلا يزال فى وضع آمن. وأوضح أن التناغم بين المؤسسات الحاكمة لمصر والمتمثلة فى المجلس العسكرى ومجلس الشعب ومؤسسة الرئاسة المقبلة ومدى رضاء الشعب عليها هى التى ستحدد تصنيف مصر الائتمانى المقبل. - كيف ترى التصنيف الائتمانى لمصر بعد مرور أكثر من عام على الثورة؟ يضع التصنيف الائتمانى فى اعتباره البناء المؤسسى للدولة وقدرتها على البناء وتلبية مطالب مواطنيها، لأنها فى النهاية تتحول إلى أرقام واستثمارات، فمثلاً عدم تحقيق المطلب الأمني، والبنية التحتية، وكذلك البنية التشريعية يؤدى فى النهاية إلى نقص فى الموارد، وبالتالى عدم القدرة على سداد المديونيات، ثم تخفيض التصنيف الإئتمانى. وإشكالية مصر فى هذا الإطار كبيرة جداً، لا أعرف، لأن أمامها تحديات ومشكلات كبرى، خاصة وأن وكالة "موديز" للتصنيف الإئتمانى قامت بتخفيض تصنيف مصر 4 مرات متتالية فى عام 2011. وفى الحالة المصرية فهناك 4 أطراف رئيسية هى التى ستحدد مستقبل التصنيف الائتمانى مصر وتضع روشتة علاجها، الطرف الأول هو المجلس العسكرى والثانى مجلس الشعب والثالث مؤسسة الرئاسة والطرف الرابع هو الشعب ومدى رضائة عن أداء الأطراف الثلاثة السابقة. والمجلس العسكرى ينبغى أن يتناغم دوره وإدارته للمرحلة الحالية مع كافة الأطراف، لأن القوات المسلحة سيكون لها دور قوى خلال فى المرحلة المقبلة، لآنها أول فترة رئاسية فى تاريخ مصر الحديث سيكون رئيس الجمهورية حتى الآن ووفق المرشحين المحتملين من خارج هذه المؤسسة القوية ولن تكتمل رؤية هذا الطرف إلا بعد اكتمال الطرف الثالث وهى مؤسسة الرئاسة. أما مجلس الشعب فحتى الآن تؤكد المؤسسات الدولية أنه يحتاج إلى المزيد من الجهود لتفعيل دورة بكفاءة، وبالتالى فلابد أن يتحرك المجلس بنفسه ويبادر بتغير التشريعات الخاصة بالإستثمار دون الإنتظار لما تحيلة الحكومة إلية من تشريعات، وحتى الآن يفتقد المجلس للمبادرة والمبادأة، أما رضاء الطرف الأخير وهو الشعب فيعد حجر الزاوية بالنسبة لمؤسسات التقيم، ومن هنا فمستقبل التصنيف الإئتمانى لمصر يتحدد بناء على تناغم الأطراف الأربع السابقة مع بعضها البعض. أما عن الشأن الخارجي، فلا يمكن أن يتجاهل الخارج ما يحدث فى مصر، ولا يمكن أن نتجاهل أيضا مدى مشاركتة فى تشكيل مستقبل مصر، وإلا فإننا نلغى المخاطر الجيوسياسية من القاموس، وهذا هو وضع الشأنين الداخلى والخارجى والذى يترجم إلى أموال وأرقام من ناحية وبالتالى قدرتها على توليد الإيرادات. - هل التراجع الكبير فى الإحتياطى النقدى من العملات الصعبة سيؤدى الى حالة تخفيض جديد لتصنيف مصر؟ تآكل الأحتياطى النقدى يؤكد على أن هناك خلل فى الأوضاع الإقتصادية لأنه يوحى بأن الاستهلاك أكبر من الإنتاج، وبالتالى لا يمكن تغطية الإحتياطى، لذلك لجأ النظام السابق فى بعض الأحيان الاقتراض من الخارج لضخها فى الإحتياطي، وهذا لا يعد مشكلة طالما أن الدولة كانت قادرة على توليد إيرادات تغطى تلك القروض. أما الحديث عن الاقتراض فى الوقت الحالى، فالدولة تتخذها خطوة استباقية قبل أن يتآكل الإحتياطى، ونصل لمرحلة يصعب معها الإقتراض، ومن ثم فالخطوات الحالية هى خطوات استباقية قبل أن يكون الإقتراض مستحيلاَ. وحالة مصر آمنة فى الوقت الحالى، لاسيما وأن البنك الدولى على استعداد لمنح قروض لمصر، ولكن الدولة ترفض، لأن هناك قدرة استيعابية للصرف، وحتى يتم صرف القروض فى مشروعات استثمارية. - ما تعليقك على آخر تقرير لمؤسسة ستاندرد آند بورز؟ يعد آخر تقرير صدر عن مؤسسة ستاندرد آند بورز" s&p" حول تخفيض التصنيف الإئتمانى لمصر، هو أول تقرير لها منذ ثورة 25 يناير لم يتطرق إلى دور المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهذه نقطة إيجابية، حيث إن أنها لا ترى أن المجلس لدية أطماع فى السلطة، على الرغم من أن التقرير أوضح أن المرحلة الإنتقالية لا تبشر بوجود مؤسسات قوية قادرة على دفع الاقتصاد للخروج من عثرته. أما مؤسسة موديز فهى تمنح دائما تقييم أقل من تقييم s&p بدرجة، ومعنى أن ستاندرد قامت بتخفيض التصنيف، ولم تعلن موديز عن تقيمها حتى الآن فهذا يعنى أنهم عند نفس درجة المخاطرة بالنسبة لمصر. وتصنيف مصر طبقاً لموديز منذ مارس عام 1999 كان +BB ثم قامت بالتخفيض فى يناير 2011 ، ثم تخفيضة ثانية فى مارس من نفس العام تبعها هبوط فى أكتوبر الماضى ثم فى ديسمبر 2011، وبالتالى خفضت موديز تصنيف مصر أربعة مرات منذ يناير 2011 وحتى الآن، أما ستاندرد آند بورز فخفضت تصنيف مصر خمسة مرات حتى الآن، لأنه عادة تقييم S&P يتبعه تقييم موديز. - ما أسباب تخفيض تصنيف مصر الأخير، رغم انتخابات مجلس الشعب؟ دفعت أحداث شارعى محمد محمود والقصر العينى مؤخراً، وكذلك أحداث الفتنة الطائفية تصنيف مصر الإئتمانى إلى التراجع، لان هذه التداعيات تؤكد أن الأمن غير منضبط، وهو ما يوحى بعدم استقرار الإقتصاد، مما يسبب هشاشة موقف البلد فى تلك النقطة، وهو ما يؤثر على التصنيف الإئتماني، أما عن العقد الإجتماعى ينبغى أن يكون عادلاً، لأن وجود مجموعة تعانى من الفقر المدقع، يترجم إلى زيادة معدلات الجريمة وتصاعد المطالب الفئوية وقطع الطرق وكل هذا من شأنه التأثير على الوضع الإقتصادى وبالتالى التصنيف الإئتمانى. - هل ستؤثر تداعيات أحداث بورسعيد، والإشتباكات التى ترتبت عليها حول محيط وزارة الداخلية تصنيف مصر للتراجع مرة خامسة من جانب مؤسسة موديز؟ أخشى أن تؤدى هذه الأحداث والتى شهدت عمليات عنف كبيرة تصنيف مصر المقبل من مؤسسة موديز، لأنها تنم عن خلل واضح فى المنظومة الأمنية، ولا تبشر بإستقرار الأوضاع، وعلى الرغم من عدم الإنتهاء من التحقيقات فيها إلا أننى أشعر بحالة من الخوف من تكرار مثل هذه الأحداث، لآن بيننا وبين مرحلة التصنيف السيئ للغاية very poor درجتين وهى المرحلة التى تقع فيها اليونان حالياً. وعلى الرغم من وجود مصر فى مراحلى التصنيف الردئ إلا أن موقف مصر قابل للتحسن بشرط تناغم السلطات التى تتولى مقاليد الحكم مع بعضها البعض. - ماذ عن الرئيس المقبل وتأثيره على تصنيف مصر؟ لا تنظر مؤسسات التصنيف إلى رئيس الجمهورية أو التيار الذى ينتمى إلية، ولكن تنظر للأداء الإقتصادي، وجميع العوامل المؤثرة علية، وما يحدد التصنيف الإئتمانى لمصر مستقبلاً هم الأربعة أطراف سالف الذكر، فضلاً عن أن المؤسسات الدولية تنظر إلى الجيش ووضعه، لآن كافة المؤشرات تشير إلى أن الرئيس المقبل فى الغالب سيكون من خارج هذه المؤسسة القوية. - ما هى مخاطر تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر؟ النتيجة الطبيعية المباشرة لتخفيض التصنيف الإئتمانى لمصر أمرين الأول هو تراجع تدفق الأموال الداخلة لمصر،والثانى هو ارتفاع درجة المخاطرة، والتى يصحبها مباشرة تراجع الإستثمار وارتفاع تكلفة الإقتراض. - هل يؤثر التخفيض الأخير لتصنيف مصرالا ئتمانى على الإقتراض من صندوق النقد، وتكلفتة؟ لا ينبغى أن يؤثر على تكلفة الإقتراض، لأن الحديث عن الإقتراض سواء من صندوق النقد أو البنك الدولى تم التفاوض علية قبل تخفيض تصنيف مصر، وبالتالى لم يكن هناك أخبار جديدة لدى الجهتين، حيث أخذوا فى الإعتبار كافة الأحداث عند وضع التسعيرة خلال فترة التفاوض معهم على منح مصر لهذه القروض. - ما تأثير تراجع التصنيف على سوق المال؟ تسبب التخفيض المتتالى للتصنيف الإئتمانى لمصر، فى خروج الأجانب بصورة واضحة من سوق المال، لأنه يعنى ارتفاع المخاطر، وبالتالى يقل تدفق الأموال، سواء تمثلت فى رؤوس أموال أو قروض. - ما وضع سندات الشركات بشكل عام حالياً؟ فى التصنيف المحلى نعتبر تصنيف الدولة AAA وهى من أعلى درجات التصنيف من حيث درجات الاستثمار، أما السندات التى تطرحها الدولة فى الخارج، فتخضع للمؤسسات الدولية وكلما تراجع تصنيف البلد هبط تقييم سنداتها، وبالتالى يرتفع العائد عليها لتدنى سعرها. - ما هو مستقبل الجنيه خلال الفترة الراهنة؟ يؤدى انخفاض الاحتياطى النقدى عن حد معين نظرياً مع زيادة التضخم إلى تراجع سعر العملة المحلية، ولازال البنك المركزى حتى الآن الحفاظ على سياسته النقدية، مما يدعم موقفه حتى تتم عمليات الإقتراض من الخارج. - هل يؤثر الإقتراض من الخارج على قدرة الدولة على سداد الديون؟ نعم، وفى الأصل كان الدين الخارجى آمناً، ولازال لدينا فرصة للإقتراض، أما عن الدين الداخلى فهو يقترب من نسب اليونان، وازداد الدين الداخلى بقوة فى أخر سنوات العهد السابق، وهو مؤشر تأخذه مؤسسات التصنيف فى الحسبان، ولكن المشكلة كلما زاد معدل الاقتراض الداخلى كلما قلت السيولة المحلية، مما يؤدى إلى انكماش الدورة الاقتصادية، وتوقف حركة التنمية. وهذا ما نواجهه حالياً، حيث ارتفع العجز فى الموازنة العامة للدولة بقوة، والسيولة المتاحة لدى البنوك تكفى لتمويل نصف هذا العجز، وبالتالى لابد من الإقتراض من الخارج. - كيف ترى تصنيف موديز المقبل لمصر؟ إذا قامت موديز بتخفيض تصنيف مصر فى تقريرها المقبل سيكون أمراَ مقلقاً، وستدخل الدولة ضمن تصنيف الدول الأكثر فقراً، وتأمل ألا تخفض موديز تقييم مصر المقبل.