يُقام في متحف تيت البريطاني من 15 فبراير إلى 15 يوليو المقبل معرض بعنوان "بيكاسو والفن البريطاني الحديث" يستطلع إرث بيكاسو وتأثيره في الفن البريطاني الحديث ودوره في القبول الذي ناله الفن الحديث من الجمهور البريطاني المحافظ، إلى جانب القصة الآسرة لعلاقة بيكاسو المديدة في بريطانيا وحبه لها. يقول الناقد الفني ريتشارد دورمنت إن المعرض أخذ موضوعا ثانويا مثل تأثير بيكاسو الذي اقتصر على حفنة من الفنانين البريطانيين وحوّله إلى إدانة للثقافة البريطانية في النصف الأول من القرن العشرين. وأعاد دورمنت التذكير بأن الجمهور البريطاني حتى العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر كان يخلط بين التجديد في الفنون التشكيلية والبصرية والفوضى السياسية. وفي مطلع القرن العشرين، عندما أُقيم معرض في لندن لأعمال مونيه وديغا ومانيه ورينوار بيع منها أقل من عشرة أعمال. ولاقت المصير نفسه معارض لفناني ما بعد الانطباعية أُقيمت في 1910 و1912. ومن المؤشرات الأخرى على اعتلال الثقافة البريطانية وقتذاك أن شيوخ النقد الفني التقدمي في بريطانيا مثل روجر فراي وكلايف بيل لم يفهموا عمل بيكاسو في أي فترة من فترات حياته الفنية. وفي مثل هذه الأجواء لم يكن مستغربا أن تُصاب الثقافة البصرية البريطانية بالركود. ولم يكن بمقدور الجمهور البريطاني أن يتذوق الفن الجديد ويقدره إذا كانت الصالونات والمتاحف العامة نفسها لا تعرضه. والمفارقة أنه عندما أقدم متحف تيت أخيرا على تنظيم معرضه الأول لأعمال بيكاسو في عام 1960 استقطب أكثر من 460 ألف زائر في غضون شهرين. وفي هذا السياق ينظر معرض "بيكاسو والفن البريطاني الحديث" إلى طريقة الفنانين البريطانيين في فهم عمل بيكاسو. وما استعاروه منه كان من المحتم أن يتأثر بالأسلوب الذي كان بيكاسو يستخدمه وقت اكتشافهم له فجاءت لوحة دنكان غرانت التي سماها "بيكاسو" تكعيبية فيما جاءت لوحة فرانسيس بيكون سوريالية. يضم المعرض ما يربو على 150 عملا بينها أكثر من 60 لوحة لبيكاسو نفسه بضمنها أعمال من أهم المحطات في حياته الفنية مثل "المرأة التي تبكي" التي أنجزها عام 1937 و"الراقصات الثلاث" التي أنجزها عام 1925. ويتيح المعرض فرصة نادرة لرؤية هذه الأعمال الشهيرة بجانب أعمال سبعة فنانين كانوا أشد الفنانين البريطانيين تأثرا وإعجابا ببيكاسو وهم دنكان غرانت وويندهام لويس وبين نكلسون وهنري مور وفرانسيس بيكون وغراهام سذرلاند وديفيد هوكني. يعتبر "بيكاسو والفن البريطاني الحديث" أول معرض يقتفي صعود بيكاسو في بريطانيا بوصفه فنانا صاحب رؤية مثيرة للجدل، وتشكل الأعمال الفنية الرائعة التي يضمها المعرض دليلا يبين كيف أصبح الفن البريطاني فنا حديثا.