قال الكاتب الكبير، محمد حسنين هيكل، إنه سمع خلال سنوات طويلة، آراء كثيرين عن الرئيس السابق حسنى مبارك، ممن عرفوه خلال مراحل عمره المختلفة، سواء من أسرته، أوزملائه فى الكلية الحربية، وفى كلية الطيران، اختلفت فيما بينها حول طاعته الشديدة لرؤسائه، وتكريسه جهده الدائم لإرضائهم، مهما كانت المهام التى يطلبونها منه. وبين من رأى أن مبارك نال الحظوة لدى من عمل معهم من قادة الطيران، ثم دار من حولهم عندما كان يجد منفذًا إلى وزراء الدفاع، خصوصًا الفريق محمد فوزى، والفريق محمد صادق، وهو يحقق أهدافه إذا اطمأن إلى أن قادته المباشرين لا يعلمون، أو يعلمون ولا يقولون شيئاً. ونقل هيكل فى الحلقة الرابعة عشرة من كتابه،"مبارك وزمانه"التى تنشرها جريدة الشروق صباح اليوم الثلاثاء، ما ذكره أحد معاونى مبارك، الذين خالطوه عن قرب، فى بعض مراحل عمره-دون أن يذكر اسمه- أن انبهار مبارك الأكبر كان بالغنى وبالأغنياء، والثروة والأثرياء، وعندما يعرف أن أحد زملائه ينتمى إلى أسرة غنية، فإن سؤاله باستمرار كان طلب ترجمة الأوصاف إلى أرقام بسؤال"يعنى يطلع عنده كام؟"، ثم توقف الكاتب الكبيرعند ما قاله هذا الشخص القريب من مبارك:"يا هنا ذلك الذى يحتاج مبارك إليه، وياويل من يحتاج هو إلى مبارك"، فهو رجل-يقصد مبارك- لاينسى إساءة مهما طال الزمن، أو ما يعتبره إساءة من أحد، ولا يذكر مهما قصر الزمن فضلًا. لكن أكثر ما استرعى انتباه الكاتب الكبير فيما سمعه عن مبارك واعتبره طريفًا فى الوقت نفسه، هو ما رواه له خالد جمال عبد الناصر، ابن الزعيم الرحل جمال عبد الناصر، بعد لقاء مع مبارك عقب عودة خالد من غيبة طويلة خارج مصر، بسبب اتهامه فى قضية شباب مصر الأحرار، والتى قيل عنها أنها دبرت اعتداءات على رعايا إسرائيل عند مجيئهم إلى مصر بعد اتفاقية السلام، وكان مبارك للإنصاف -يقول هيكل- قد اتخذ فى هذه القضية موقفا ً كريماً، يحسب له بعد شيوع الاتهام لخالد عبد الناصر، وأنه تركه يسافر من مصر سنوات، وعندما عجز عن خالد تحمل الغيبة وعاد، ورأى مبارك وقتها أن يلتقيه لقاء ابن بابنه، وكانت رواية خالد التى رواها لهيكل ،عن نصيحة مبارك له قرب نهاية اللقاء قوله"اسمع يا ابنى عايز تبسبس"من البيزنس" آه، تهلس أه، لكن تسيس"من السياسة" لأ!!. ثم تطرق هيكل فى حلقة اليوم من كتابه إلى علاقة مبارك مع السيدة جيهان السادات، واصفًا إياها بالظاهرة التى تستحق الدراسة، ويضيف هيكل، ومع أن جيهان السادات كانت ذكية وشديدة الحرص فى حديثها عن تلك العلاقة، فقد كانت بعض العبارات والروايات تفلت منها أحيانا. وحكى الكاتب ما دار بينه وبين جيهان السادات على مائدة العشاء فى بيت قرينة الوزير الراحل أمين شاكر، بصحبة الدكتور مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق، حيث أبدت ضيقها من بعض ما تتعرض له قائلة "إنه مبارك لم يغفر لها ما بلغه من ملاحظاتها على أدائه أثناء عمله نائبًا للرئيس "، ثم توجهت للكاتب الكبير بالقول "أنت كنت بتنتقد أنور وسياساته، وسوف تعرف أنها "نار أنور السادات ولا جنة حسنى مبارك" ثم تتابع معبرة عن ضيقها " لا أعرف لماذا تمسك به أنور إلى النهاية، وأنها أثارت أكثر من مرة مع زوجها موضوع مدى صلاحية مبارك لأن يكون نائبًا للرئيس، ولكن أنور -والكلام لجيهان السادات- كان يقاطعها كل مرة على حد روايتها قائلًا "جى..هل تريدين أن تكون علاقتك سيئة برئيس الدولة المقبل؟ ويذكر الكاتب الكبير أنه توقف أكثر من مرة أمام كلمات أنور السادات لزوجته، لأن القطع فى الأمر، أن مبارك هو رئيس الدولة القادم بهذه الصيغة، له أغلب الظن سبب. ويختتم الكاتب الكبير ما سمعه عن مبارك ما قاله الدكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق والذى التقط بدوره خيط الحديث من جيهان السادات وراح يحكى أنه لا يذكر اجتماعًا حضره مع الرئيس السابق ثم جرى بحث أمر من الأمور على نحو جدى من البداية إلى النهاية.