ناشد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أعضاء مجلس الشعب من كل الأحزاب والتيارات، والأطياف الوطنية المصرية. تناسي انتماءاتهم الحزبية والفكرية والفئوية والمحلية وجنب الفرقة وعدم التنازع، وأن يجعلوا التوافق الوطني نصب أعينهم تحت قبة برلمان الثورة. كما ناشد نواب البرلمان الجدد تناسي الذات والمصالح الشخصية، ومواريث الماضي ومعاناته إلا ليغيروها، ويصلحوا فسادها. ووجه شيخ الأزهر بيانًا اليوم تحت عنوان: "كلمة الأزهر لبرلمان الثورة"، نبه فيه نواب الشعب إلى الحمل الوطني الثقيل والمرحلة التاريخية الفارقة الدقيقة والحساسة التي لا تحتمل إلا البذل والتضحية والتجرد والإخلاص، وطهارة اليد وعفة اللسان، مشيرا إلى أن الشعب المصري بعد ثورته المباركة ينتظر من النواب الجدد أداءً برلمانيًا رفيع المستوى، نزاهة وكفاءة، ووطنية، وحرصًا على مصالح الأمة كلِّها. وتوجه شيخ الازهر في بيانه الذي القاه خلال مؤتمر صحفي عقد بمشيخة الأزهر فبالتهنئة للنواب الجدد على ثقة الشعب المصري الأبيّ، الذي اختارهم بحريته أعضاءً ممثلين له في أول مجلس نيابي، بعد ثورته المباركة، بل أعضاءً لأول مجلس نيابي نابع من إرادته الشعبية، منذ نصفِ قرن أو يزيد من تاريخنا المعاصر. وأوصى الأزهر الشريف النواب أن يذكروا أن كلاً منكم يمثل الآن الشعب المصري كله ومصر بأسرها وليس الدائرةَ التي جاء منها فحسب، وأن تذكروا الشهداء من شبابنا الذين ضَحَّوا بحياتهم، فكنتم أنتم في هذا المكان، لتحملوا عنهم أمانات الثورة وتحققوا أهدافها التي لابد أن تُستكمل، وتضيئوا شعلتها التي لا تنطفئ بعد اليوم بإذن الله. كما ناشدهم أن يذكروا مواطنيهم من الفقراء والمهمشين والمحرومين والمظلومين، وسكان المقابر والعشوائيات، من رجال مصر ونسائها وأطفالها، الذين يتطلعون للعدل والإنصاف والكرامة الإنسانية ، وأن يتذكروا سماحة المصريين المعتدلين بفطرتهم، وتتمسكوا بالإخاء الوطني، وطهارة الذمة وعلوّ الهمة، وتجرُّد المجاهدين، واستقامة الصادقين ، وشرف هذا الوطن الذي أكده القرآن الكريم والكتب السماوية، وتذكروا انتماءه للأمة العربية انتماء الدم والثقافة واللسان، والتاريخِ والمصير والمصالح والكيان. كما طالب النواب الجدد مراعاة الانتماء المصري إلى الشعوب الإفريقية والآسيوية التي نحن منها وهي منا، وإليها تتطلع أنظار العالم كله، وهي تأخذ بيدها مقاليدَ أمورها، وتقرر بإرادتها قرار مصيرها، وفي القلب منها العالم الإسلامي الذي يموج بالتوجه الديموقراطي، عائدًا إلى جوهره الحضاري، واعيًا بمسئوليته نحو الإنسانية، نابذًا للعنصرية والطائفية، ورافضًا للخضوع والتبعية. ووجه شيخ الازهر نداء لنواب برلمان الثورة بتذكر قضية الشعب المظلوم المحاصر، على حدودنا الشرقية، شعبَ فلسطين، الأمينَ على مقدساتنا جميعًا مسلمين ومسيحيين. وحول القضايا الداخلية ناشد الأزهر الشريف النواب الجدد بالاهتمام بقضايا التعليم المتدهور والذي يعد نافذتنا الوحيدة إلى المستقبل المنشود، وأن الاقتصاد المتين هو عصب الحياة، ومرتكز القوة السياسية والعسكرية في كل نهضة شاملة، وأننا - بعد تخلف طويل وأداء هزيل - مضطرون فورًا إلى إعلان الحرب على المرض والفقر، والجهل والأُمية، مع السهر على التخطيط لتنميةٍ شاملة، طموح تضع مصر، في المكان اللائق بها وبمواردها وثرواتها الطبيعية والبشرية. ووضع الخطط التنموية العاجلة لسيناء وأسوان والوادي الجديد. واذكروا - قبل ذلك وبعده - أن الشعب الثائر هو - بعد الله سبحانه وتعالى - الرقيب والمحاسب، ولن يملك أحد خداعه أو تزييف وعيه بعد اليوم. وقال شيخ الأزهر أن الفقر أخطر الآفات التي تصيب المجتمعات، ومبعث الرذائل والأمراض الاجتماعية، استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون. ورحم الله أبا الحسن الذي قال :( لو تمثل لي الفقر رجل لقتلته ) فطاردوه بموارد مصر الغنية، وتنميتها الذاتية وبمحاربة الفساد، والمحسوبية، وتحقيق العدالة الاجتماعية. وكلكم - بفضل الله تعالى - متدينون - مسلمين كنتم أو مسيحيين - وفضائل الدين وشرائعه لا تزدهر ولا تنمو إلَّا في وسط من الكفاية والحرية والكرامة، وأن هذه مصر وهذا تاريخها. المصريين وطاقاتهم وإبداعاتهم، ولا يحملنكم ذلك على بغض أحدٍا أو معاداته أو التنكر له، فمصرُ مُفتحة الأبواب على الجميع شرقًا وغربًا..