تشهد تكنولوجيا السيارات المتصلة بالإنترنت عمليات تطور كبير، في ظل التوقعات بوصول عددها إلى 250 مليون سيارة بحلول العام 2020. وأصح الطموح التقني للارتقاء بشبكات الطرق التي نستخدمها أمرًا واقعًا، لاسيما مع طرح نماذج وتصاميم السيارات الطائرة فائقة الأداء التي بدأت بالظهور أخيراً. وشهدت اندفاع شركات تصنيع السيارات للمشاركة بها بكل قوتها، ومنها شركة "فورد، وبيجو، وجاكوار، وسيات" التي طرحت جميعها نماذجها ورؤاها الخاصة حول المركبات ذاتية القيادة خلال فعاليات المؤتمر العالمي للهواتف المحمولة لهذا العام، ما أظهر القدرات العالية والمتفوقة المتاحة حاليًا لجعل السفر والترحال أكثر كفاءةً وأماناً. وأقر الخبراء بوجود الكثير من العقبات التي تحتاج إلى معالجة، ففي ظل تنامي الأعداد الكبيرة للشركات التي تتبنى توجهات مختلفة لقيادة ثورة السيارة ذاتية القيادة (بدون سائق)، سنجد أنفسنا نقف أمام عدة مستويات من معايير السوق، الأمر الذي من شأنه إبطاء معدل التنمية المرحلية. في المقابل هناك العديد من الاستفسارات على صعيد اللوائح التنظيمية والقانونية، التي يتوجب على الكثير من الشركات المصنعة الإجابة عليها من أجل البقاء على توافق مع هذه القوانين في جميع أنحاء المملكة المتحدة وأوروبا. و قال "بول ديجنان": الخبير بإحدى الشركات العالمية المتخصصة فى هذا المجال، إن أبرز التحديات التي تواجه صناعة السيارات ذاتية القيادة (بدون سائق) هو الأمن الالكتروني. فالمخاطر المتنامية المرتبطة بالسيارات المتصلة بالإنترنت وبالشبكات المتنقلة أصبحت واضحة وحساسة، فقد يتسبب أحد قراصنة الإنترنت الذين يتمكنون من اختراق الشبكة، والوصول إلى السيارة بمخاطر جمة، ومنها التحكم عن بعد بخصائص الأمان المهمة. ورغم أننا لم نشهد حتى الآن هجومًا خطيرًا واسع النطاق في هذا المجال، إلا أن قراصنة "القبعات البيضاء" سيطروا على سيارة من نوع جيب شيروكي عن بعد، وقطعوا اتصالها بالشبكة في العام 2015. وكان هناك تركيز كبير على ضرورة ضمان أمن الركاب في هذه السيارات، وذلك من خلال إيلاء مسائل الأمان أولوية قصوى، بدءًا من مرحلة التصميم، وعلى امتداد مرحلة الإنتاج إلا أن معالجة المشكلة بهذه الطريقة يأتي من زاوية واحدة فقط، حيث يتوجب علينا أيضًا اتخاذ خطوات ملموسة من أجل حماية البنية التحتية الذكية، والمنظومة المتنامية من التطبيقات المتكاملة والمعقدة.
وأضاف الخبير أنه وبطبيعة الحال، سترتبط سيارات المستقبل بالمدن الذكية، إلا أن بنيتنا التحتية وبكل بساطة ليست قوية بما فيه الكفاية لإدارة وحماية البيانات المرتبطة بتقنيات إنترنت الأشياء في السيارة. وستصبح الابتكارات في مجال البنية التحتية أمرًا ضروريًا وملحًا من أجل تمكين الاتصال بين المركبات والأماكن التي يتنقلون فيها، حيث سيتم جمع وتحليل البيانات على نطاق واسع، ما سيتيح للحكومات الحد من انبعاثات الكربون، وتخفيف الاختناقات المرورية، وتوفير طرق أكثر أمانًا. ووفقاً لهذا التوجه، من الأرجح أن تصبح اتصالات الشبكة هدفًا للقراصنة الذين يتطلعون إلى التسبب بالإزعاج والضرر، لذا من المهم النظر إلى أمن البنية التحتية كأولوية عاجلة وفوريةً. وظهرت نقاط حدودية مهمة ما بين شركات تصنيع السيارات، وأنظمة البنية التحتية للمدينة، وشركات توريد خدمات الربط الشبكي التي تربط جميع هذه الأنظمة المختلفة معًا. وهنا تبرز الأهمية القصوى والملحة لضرورة وجود مستوى أمني قوي، حيث من المرجح أن تصبح هذه الجهات الأهداف الرئيسية للمهاجمين. وبالتزامن مع نمو المدن لتصبح أكثر ذكاءً، وتقدم تكنولوجيا السيارات بوتيرة متسارعةً، ستحتوي السيارات وعلى نحو متزايد على مجموعة من التطبيقات المتصلة بالمحيط من خلال البيانات الكبيرة وتقنيات إنترنت الأشياء. وبالفعل، تشير توقعات شركة "جي إس إم إيه"، إلى أن السيارة ستحتوي على أكثر التطبيقات ارتباطًا بالشبكة بحلول العام 2020، كما أن نتائج التقارير الصادرة عن مؤسسة جارتنر للدراسات والأبحاث تشير بدورها إلى أن عدد المركبات التي ستكون مرتبطة بالشبكة، ومجهزة بشكل كامل بتقنيات الاستشعار، سيبلغ 250 مليون مركبة. وستتمكن الشركات، التي تعمل على دمج تقنيات إنترنت الأشياء ضمن أنظمتها الخاصة بتقنية المعلومات، من أتمته العمليات التجارية، والارتقاء بمستوى الربط الشبكي لدرجة تمكنهم من تتبع السلع، ومراقبة درجات حرارة حفظ المواد الغذائية، وتحليل مستوى مهارات السائق. وسيتمكن السائقون بدورهم قريبًا من دفع رسوم العبور، أو رسوم القيادة ضمن أوقات الازدحام، عبر مركباتهم من خلال الإنترنت، ومشاركة معلوماتهم الشخصية بطريقة غير مسبوقة. كما أن هناك إمكانات واعدة وهائلة للشركات من شأنها تعزيز أداءها، وتحسين مستوى تجربة العملاء، رغم أن مزايا وخصائص الأمان ستكون مفتاح التميز في سلوك شراء المستهلكين للسيارات المرتبطة بالشبكة في المستقبل. وستكتسب شركات السيارات التي ستتبنى مفهوم المنصات المعتمدة والآمنة ثقة المستهلك، وذلك في ظل مسيرة تطور هذه الصناعة نحو تحقيق مبادئ القيادة ذاتية القيادة بشكل كامل. ومع انطلاقة تجارب السيارات بدون سائق على الطرق السريعة في المملكة المتحدة بحلول العام 2019، سنصبح على مقربة من تحقيق هذا المفهوم ليصبح حقيقة واقعة. كما أن هناك حجما هائلا من العمل الواجب تحقيقه من أجل ربط، وحماية، واستثمار الجيل القادم من السيارات المرتبطة بالشبكة. ولطالما شكل عنصر الأمان فكرة لاحقة عند تصميم حلول السيارات المرتبطة بالشبكة. وبالتالي كي تصبح السيارات ذاتية التحكم حجر الزاوية في عالمنا الكبير المتصل بالشبكات، ينبغي على الشركات المصنعة إدراج الحلول الأمنية القوية على امتداد دورة الإنتاج، وذلك من أجل ضمان تحقيق الهدف الذي نسعى إليه، والمتمثل بإيجاد مجتمع أكثر سرعةً، وذكاءً، وأمانًا.