رحل الكاتب والمؤلف البارز محفوظ عبدالرحمن، اليوم السبت، عن عمر يناهز ال76 عامًا، بعد صراع مع المرض، وهو يُعد أحد أهم أبرز الكُتّاب الذين أضافوا إلى الدراما المصرية والعربية والحركة المسرحية، بأعمال مخلدة في ذاكرة المصريين والعرب. تميز الكاتب محفوظ عبدالرحمن، كما يقول الناقد والقاص ربيع مفتاح، بأنه كتب معظم الأجناس الأدبية فقد كتب القصة والرواية والمسرحية والمقالة والدراما التليفزيونية والسينمائية .إلا أنه تميز وتفرد فى مزج الدراما بالتاريخ القديم والمعاصر بداية من عنارة والمتنبى مرورا ببوابة الحلوانى عن عصر الخديو اسماعيل وانتهاء بناصر 56 وأم كلثوم حتى مسلسل حليم، هذا بالإضافة لإبداعه المسرحي؛ "حفلة على الخازوق"، و"الحامى والحرامي"، و"كوكب الفيران"، و"الفخ"، و"الدفاع"، و"محاكمة السيدة م"، وغيرها من المسرحيات. ورأى "مفتاح" خلال حديثه ل"بوابة الأهرام"، أن العلاقة الجدلية بين الدراما والتاريخ والتى ازدهرت على يد كتاب المسرح الأوائل من أمثال شكسبير ومارلو وشو وفى مصر توفيق الحكيم وخاصة رائعته أهل الكهف، كل ذلك تمثله وتشربه المسرحى الكبير محفوظ عبدالرحمن، ومن ثم جاء إبداعه الدرامي مشبعًا للمتلقي، ومناسبًا لمستواه الثقافى وفي نفس الوقت. كما أنه لم يتخل عن عمقه المعرفى كما أن هناك سمة أخرى مهمة وهى ارتباط أعماله بقضايا الناس والتعبير عن الامهم وأمالهم، كما أدى الكاتب الكبير دوره الأدبى والثقافى وأيضا النقابى على أكمل وجه، كما أنه شارك فى تأسيس مجلتى المسرح والسينما ومن ثم سعت الجوائز إليه تتويجا لمشواره الإبداعي والثقافي والنقابي، وحظى بحب واحترام الأدباء والمثقفين والشباب والشيوخ. وكتب الروائي ناصر عراق، كلمات نعى بها محفوظ عبدالرحمن، عبر صفحته الشخصية بموقع الفيس بوك، وقال: "برحيل الأستاذ محفوظ عبدالرحمن اليوم تكون الحركة المسرحية والدراما التليفزيونية فقدت واحدًا من فرسانها المتفردين ومبدعيها الأفذاذ، وقد التقيته أول مرة عقب عرض مسرحيته المدهشة (احذروا) عام 1989 على ما أذكر.. وتحدثت معه طويلا حتى شرفني بالتواصل معه في أي وقت... وكان كريما معي بالفعل، فلما كنت أتصل به لأستفيد برأيه في تحقيق صحفي أجري العمل عليه، كان يطلب مني أن أغلق التليفون ليتصل هو حتى لا يكلفني! وأضاف "ولما جاء دبي أجريت معه حوار طويلا عن (بوابة الحلواني) وحكى لي كيف تعذبوا بسبب آلام عبد الله غيث في أيامه الأخيرة وإصراره على مواصلة العمل. حقا، كان محفوظ عبد الرحمن مبدعًا أصيلاً ومثقفًا نادر المثال، وسيبقى له فيلم (ناصر 56)، ومسلسله الباذخ (أم كلثوم) وهي أعمال فاتنة ستظل خالدة من قرن إلى آخر". فيما كتب الروائي والسياسي الدكتور عمار علي حسن، "كان محفوظ عبد الرحمن كاتبا وفنانا من طراز رفيع، إذ حرص طيلة حياته على أن تجمع أعماله الفنية بين العمق والجاذبية، وهما قيمتان لا تجتمعان بسهولة في زماننا، إذ إن هناك من يعتقد أن لفت انتباه الجمهور، ومن ثم تحقيق الانتشار، لا يكون إلا بالسطحية والابتذال، وهناك على النقيض من يتصور أن العمق لا يحقق نجاحا جماهيريا. لقد كان محفوظ عبد الرحمن على المستوى الإنساني رجلا طيبا وديعا، يقع حبه في قلبك من أول وهلة، ويحرص على أن يحتفظ بعلاقة دافئة عامرة بالتقدير وحسن الظن مع الجميع. هكذا لمست خلال المرات التي قابلته فيها، واقتربت منه. ولم يكن هذا الرجل الرائع منعزلا في برج عاجي إنما كان دائم الاشتباك والتفاعل الخلاق مع قضايا بلده، سواء في ريعان شبابه أم في شيخوخته". واعتبر الناقد الدكتور أحمد مجاهد أنه بوفاة محفوظ عبد الرحمن، سقطت قطعة أخرى من كتف الوطن، الذى يحمل همومه وأحلامه. وودعه الإعلامي والروائي محمد الوروارى، وقال "قال لي الأستاذ محفوظ عبدالرحمن سافر إلى عملك وبلغ شعب الجزائر محبتي وفي غيبتي رحل، وترك الدنيا وغادر رغم أنني كنت بجواره طوال مرضه رحم الله أستاذي ومعلمي".