قبل 142 عامًا بالتمام، صدر العدد الأول من جريدة الأهرام يوم السبت 5 أغسطس 1876؛ ليصل إجمالي الأعداد التي أصدرتها الصحيفة 47724، وهو رقم لم تصل إليه أي صحيفة في مصر وإفريقيا والشرق الأوسط، باعتبار الأهرام أول جريدة صدرت في المنطقة برمتها. ومعروف أن إجمالي أعداد الجريدة لا يساوي عدد أيام سنوات عمرها؛ لأنها صدرت في بدايتها بشكل أسبوعي قبل أن تصدر يوميًا في مطلع عام 1881، كما توقفت عن الصدور بعض الوقت إبان ثورة عرابي وحرق مطابعها عام 1882. وكان الصدور الأسبوعي للأهرام، صبيحة كل سبت، وبعد شهرين من تأسيسها، حولها الأخوان سليم وبشارة تكلا إلى صحيفة يومية، وكانت توزع في مصر وبلاد الشام، وفي نوفمبر عام 1899، تم نقل مقر الأهرام من المنشية بالإسكندرية للقاهرة. اعتادت الأهرام منذ خروجها إلى النور، أن تواكب وتستوعب كل التطورات التكنولوجية المتعلقة بجميع أبعاد العمل الصحفي، حيث كانت أول صحيفة تنشر صورة فوتوغرافية على صدر صفحتها الأولى في عام 1881، ثم كانت أولى الصحف المصرية التي تنشئ موقعًا على الإنترنت في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وهو الأمر الذي جعل منها مدرسة صحفية تناطح كبريات المدارس الصحفية عالميًا، وتخرج فى تلك المدرسة عمالقة الصحافة المصرية. إضافة إلى ذلك، لم تتخل "الأهرام" يومًا عن دورها التنويري والثقافي مهما كلفها ذلك من أعباء خاصة في ظل ما تتعرض له الصحافة من تحديات تفرضها الضغوط الاقتصادية، وتغير المزاج العام للقراء في ظل انتشار وسائل الاتصال الحديثة. وكانت الأهرام منذ صدورها الأسبوعي تهتم بالأخبار الرصينة، وتمتنع عن التوافه، وكان سليم تقلا يرى في الصحافة رسالة ووظيفة تأبى على حاملها أن يزل في لفظ أو يخطئ في تعبير، لذلك كان يأنف الطعن في الأشخاص والهيئات، ويتحرى الدقة فيما ينشر. وكان أسلوب "الأهرام" نفسه، وما زال، أكثر سلاسة ووضوحا من الصحف المعاصرة لها، إذ استطاع سليم وبشارة -وكانا من ذوي الثقافة الفرنسية، ويمتلكان حظا وافرا من الثقافة والبيان العربي- استطاعا أن يشقا ل"الأهرام" وللصحافة المصرية والعربية أسلوبًا جديدًا في الكتابة الصحفية، يبتعد عن السجع وأساليب الكتابة الإنشائية التقليدية، واعتمدا على اللغة الرصينة السهلة التي تلائم طبيعة الصحافة التي تخاطب القراء على اختلاف ثقافاتهم. وصف طه حسين "الأهرام" بأنها "ديوان الحياة المعاصرة"، فالأهرام ليست صحيفة امتد بها العمر حتى شاخت ووصلت من الحياة إلى أرذل العمر، ولكن مرور الزمن كان يزيدها أصالة، ومن ثم فهي صحيفة تحمل على ظهرها تاريخًا سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا، محليًا ودوليًا، فشمولها للأحداث جعلها ديوانًا للأحداث بلغة عصرها وانفعالاته واهتماماته. وخلال المائة واثنين وأربعين عامًا، اجتازت "الأهرام" الكثير من التحديات، وحققت الكثير من الإنجازات؛ حتى وصلت للشكل الراهن اليوم، حافظت خلالها على موقع الريادة مصريًا وعربيًا والتزمت بأن تقدم لقرائها في مصر والوطن العربي صحافة تتسم بالمصداقية والموضوعية، وكلما تقّدم بها العمر، تزداد رصانة وأصالة وقوة.