أعد الفقيه المستشار، الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، أحدث دراسة موسوعية بعنوان "النهر المقدس والمسألة المائية" عن الحقوق المائية والبيئية بين دول حوض النيل، لتحقيق الأمن المائى بمفهومه الواسع، ووضع إستراتيجية فقهية، ومواجهة أى طوارئ لشح المياه أو الندرة أو الانتقاص من الحصص العادلة، وتحقيق خطة لمشروعات تنموية تستهدف رفع كفاءة هذا المجرى النهرى، وتأكيد شراكة مستدامة، وتحالف مؤسسى تنموى بين دول الحوض له خصوصيته، يؤكد الحقوق التاريخية لتلك الدول في إطار قانونى ينبع من الفكر الإفريقى الحديث، ويتفق مع حركة علم القانون الدولى، وتكون بداية لتأسيس مدرسة فكرية فقهية إفريقية جديدة، فضلاً عن تناوله لنقاط مستجدة عن المستحدثات في الفن الفقهى الحديث برؤية مستقبلية إفريقية تضمن تنمية شاملة للاستثمار المائى بكل نواحيه، من خلال معايير موضوعية. فرقت الدراسة بين وداى النيل مصر والسودان، وبين حوض النيل الذى يشمل تسع دول هى بوروندى، رواندا، أوغندا، زائير، تنزانيا، كينيا، إثيوبيا، السودان، مصر وأهميته المشتركة بين تلك الدول دون استئثار دولة به، ثم عرض الدكتور خفاجى لتحول توحيد السودان إلى انقسامه لدولتين، وتأثير ذلك على مياه النيل، وقد احتوت الدراسة على العديد من الوثائق التاريخية النادرة، والتى يرجع بعضها إلى عهد محمد على باشا في اعتمادها على الزراعة والرى، وعلاقة تعلية خزان أسوان به. وتناول الدكتور خفاجى، المشاريع الهيدرولويكية التى أثيرت بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، بعد انزواء العصر الملكى، والمقسمة بين النيل الأبيض والنيل الأزرق والنيل شمال الخرطوم، والخزانات التى يحتويها كل منها، ثم عرض لمشروع السد العالى وتقاسم مياه النيل، شارحاً العديد من الاتفاقات الدولية، ومنها اتفاق عام 1929، ثم اتفاقية 1959، والأثر المنتج لاتفاق عنتيبى فى مايو 2010، على التوزيع المتكافئ للمياه للدول الشاطئية لحوض النيل، سواء الدول المنبع أو دول المصب، بما يحقق العدالة المائية لتلك الدول. وعرضت الدراسة، إلى ما إذا كان نهر النيل يعد نهراً دوليا، باعتباره صالحاً للملاحة في عدة أجزاء من مجراه، أم أنه لا يمكن اعتباره نهراً دوليا، استناداً إلى كونه غير صالح للملاحة في كل مجراه ؟ ودراسة هذا الملف من ناحية قواعد القانون الدولى وبالأسانيد في قضاء مماثل في فكر محكمة العدل الدولى ثم محكمة العدل الدولية. وفى ختام بحث الدكتور محمد خفاجى، عرض للحلول والموارد المائية التى يمكن الاعتماد عليها داخليا، والموارد المائية الخارجية، والوضع التاريخى والسياسى والقانونى لقناة جونجلى إثيوبيا، وما يتفرع عنها من القضايا المرتبطة بالحقوق المتنازع عليها حول مياه النيل، ويرى الدكتور محمد خفاجى، أن إدارة مياه نهر النيل لن تحل عن طريق الفكر الوظيفى، أى التمثيل التقليدى النمطى بين الدول، وإنما عن طريق الفكر القيادى المنبثق من علم القانون، أى فكر القادة المدعم بالفكر القانونى الرصين.