أعلن شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، اليوم الثلاثاء، استقالته بشكل مفاجىء قبل سبعة أشهر من موعد أول انتخابات بلدية بعد الثورة التي أطاحت مطلع 2011 بنظام الديكتاتور زين العابدين بن علي. وألمح صرصار في خطاب أعلن فيه استقالته، الى استحالة إجراء الاستحقاق الانتخابي المنتظر ب"استقلالية" و"حياد". وتم استحداث الهيئة العليا للانتخابات سنة 2011، بعد بضعة أشهر على الإطاحة بنظام بن علي، ونظمت في 2014 أول انتخابات تشريعية ورئاسية حرة وديمقراطية في تاريخ تونس، أشاد بها المجتمع الدولي. وينتخب مجلس نواب الشعب (البرلمان) أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وفي مؤتمر صحفي، قال شفيق صرصار بتأثّر "صوْنًا للهيئة (..) والتزامًا بالقسم الذي أديناه عندما تولينا مسئوليتنا بأن نقوم بمهامنا بكل تفان وصدق وإخلاص، وأن نعمل على ضمان انتخابات حرة ونزيهة، وأن نؤدي واجباتنا باستقلالية وحياد، وأن نحترم الدستور والقانون، فقد قررنا نحن (..) شفيق صرصار رئيس الهيئة، القاضي مراد المولي نائب الرئيس، القاضية لمياء الزرقوني عضو مجلس الهيئة، الاستقالة من مهامنا". وأضاف "لقد اضطررنا الى هذا القرار الذي أؤكد بأنه قرار مسئول، بعدما تأكدنا أن الخلاف داخل المجلس (مجلس الهيئة) لم يعد مجرد خلاف في طرق العمل، بل أصبح يمس القيم والمبادئ التي تتأسس عليها الديمقراطية". وأفاد شفيق صرصار "منذ يوم 10 فبراير 2017، وهو يوم التسلّم والتسليم بين الأعضاء المغادرين والأعضاء الجدد (في الهيئة)، تبيّن تعمق هذا الخلاف الحاد الذي سريعًا ما أدى إلى توتر الاجواء وإلى مطالبة جزء من المجلس بإنهاء إلحاق (توظيف) عدد من كوادر الهيئة الذين عملوا بكل تفان وكفاءة سواء (في انتخابات) سنة 2011 أو سنة 2014". وقال "ندعو مجلس نواب الشعب (البرلمان) الى أخذ كل التدابير لتعويضنا (استبدالنا) قبل الدخول في عطلة برلمانية". وأضاف "في الاثناء، سنواصل العمل من أجل استكمال الاستعدادات للمسار الانتخابي الذي ما زال يفصلنا عنه سبعة أشهر". وعقب المؤتمر الصحفي، غادر صرصار المكان، ولم يتسن الاتصال به لاحقًا. وعبّر مسئولون حكوميون وأحزاب سياسية وحتى أعضاء داخل الهيئة الانتخابية نفسها، عن "مفاجأتهم" بالاستقالة التي تأتي في مناخ سياسي واجتماعي متوتر، وعشية خطاب سيتوجه به الرئيس الباجي قائد السبسي إلى الشعب. وقالت سعيدة قراش مستشارة الرئيس التونسي لإذاعة "شمس إف إم" الخاصة "إنها مفاجأة للجميع. نحن نأسف لهذا القرار (..). لا نعرف ماذا حصل". وصرح مهدي بن غربية وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان في حكومة يوسف الشاهد لإذاعة "موزاييك إف إم" الخاصة "تلقينا بأسف نبأ استقالة شفيق صرصار (..). الهيئة المستقلة للانتخابات ضرورة للمسار الانتقالي في البلاد، خصوصًا أن لنا انتخابات بلدية في 17 ديسمبر 2017". وأضاف "هذه الاستقالة ممكن الحديث حولها (..) رغم أن الهيئة مستقلة"، في إشارة على الأرجح إلى مساع حكومية لإقناع صرصار بالعدول عن استقالته. من ناحيته، قال نبيل بافون عضو هيئة الانتخابات لإذاعة "موزاييك إف إم" الخاصة إنه "تفاجأ" باستقالة رئيس الهيئة. وأوضح أن "أغلبية" أعضاء مجلس الهيئة صوّتت يوم 12 إبريل الماضي لإنهاء إلحاق (توظيف) "خمسة أو ستة" من كوادر الهيئة وأن "القرار استاء منه شفيق صرصار". ودعا نبيل بافون، رئيسَ الهيئة المستقيل الى "العدول عن هذه الاستقالة" معلنًا استعداد مجلس الهيئة ل "التراجع" عن قرار إنهاء توظيف الكوادر المذكورة. وقال "كل القرارات يمكن تعديلها في سبيل الحفاظ على وحدة المجلس (..). الوقت غير مناسب (للاستقالة) والمهمة صعبة (..) ويجب أن لا نترك مجالاً لتأويلات في غير محلها". لكن عضوًا آخر في الهيئة، طلب عدم نشر اسمه، قال لفرانس برس إن استقالة شفيق صرصار سببها وجود أعضاء داخل الهيئة الانتخابية "يريدون توجيه عمل الهيئة لتحقيق أهداف معينة". إلى ذلك، قال موظف بالهيئة، طلب عدم نشر اسمه، فور خروجه من اجتماع مع شفيق صرصار عقب المؤتمر الصحافي، إن الأخير يرفض أن يكون "شاهد زور". وخلال الأشهر الأخيرة مارس شفيق صرصار ضغطًا على الأحزاب السياسية حتى تسرّع إجراء أول انتخابات بلدية منذ الاطاحة ببن علي. واتفقت الهيئة مع أبرز الأحزاب السياسية على إجراء الانتخابات في 17 ديسمبر القادم.