ينتظرونها بفارغ الصبر كل 5 سنوات، فبالنسبة إليهم تعد "الانتخابات" موسم أكل عيش، ولحسن حظهم، جاءت انتخابات مجلس الشعب بعد عام واحد من إجرائها قبل الثورة في نوفمبر 2010.. هم أصحاب محلات الأقمشة والخطاطين ، الذين ينتظرون فترة الدعاية الانتخابية للبيع والعمل وكسب المال. قالوا إن ما يحدث من إجراء مبكر للانتخابات، على غير العادة، نظرا للظروف التي مرت بها البلاد ، إنما هو "كرم من الله" ، موضحين أنهم عانوا في الأشهر الماضية من بطالة "ووقف حال " ، كما عانت بضاعتهم من الركود ، فكانت الانتخابات هي "الخلاص" بالنسبة إليهم. ورغم تحديد اللجنة العليا للإنتخابات 500 ألف جنيه لكل مرشح ، كحد أقصى ، لضمان المساواة في الدعاية الانتخابية التي يقوم بها كل مرشح ، إلا أن صانعي تلك الدعاية ، أكدوا أن أحدا لا يلتزم بالمبلغ المحدد ، كما حدث في الإنتخابات السابقة ، خاصة الأغنياء من المرشحين ، كأعضاء الحزب الوطني السابق ، أو مرشحي جماعة الإخوان المسلمين ، أو أعضاء أحزاب "قادرة" كالوفد وبعض المستقلين . في إحدى المناطق المهمشة بعين شمس ، تجد لافتة على محل صغير تحمل اسم "جمال منصور ..خطاط" ، وداخل المحل تجده واقفا بين أكوام من الأوراق والأقمشة البيضاء وأخرى مكتوب عليها بعض عبارات الدعاية لبعض المرشحين. أكد "منصور" أنه يعمل في تلك المهنة منذ أكثر من 20 عاما ، بجانبه عمله الأساسي كمدرس خط في إحدى المدارس الخاصة بالمنطقة ، مضيفا "لكن فعليا أعتمد على تلك المهنة أكثر من التدريس ، فأنا أتقاضى من المدرسة 300 جنيه شهريا ، وأعمل طول العمل في المحل في كتابة لوحات للتلاميذ ، أو لوحات إعلانية لافتتاح مكاتب ومطاعم ومحلات أخرى" ، متابعا "لكن موسم العمل الحقيقي في الانتخابات " ، وأكمل منصور "ورغم أن فترة الدعاية الإنتخابية تم تقليصها من 3 أشهر إلى شهر واحد فقط ، نتيجة الظروف الحالية ، إلا أن الإقبال كبير على عمل الدعاية وبدأت قبل موعدها الرسمي ، وأعتقد أن الثورة خدمتنا كثيرا لأنها عجلت بإجراء انتخابات مجلس الشعب ، التى تتم بعد عام واحد من إجرائها السنة الماضية ، وكنا ننتظرها كل 5 سنوات ، فما حدث هو كرم من عند الله" . وأشار "منصور" إلى أن المرشحين يفضلون الكتابة على "القماش" بدلا من "البانر" ، موضحا "لأن الدعاية على القماش معروفة لدى الشارع المصري منذ القدم ، كما أن فكه وتركيبه أسهل بكثير من البلاستيك والبانر ، بالإضافة إلى أنهم يطلبون كميات كبيرة للدعاية ، فمتر القماش بمصنعيته يصل إلى 10 أو 12 جنيها حسب النوع ، بينما البلاستيك المطبوع يتراوح ما بين 20 إلى 23 جنيها ، فهناك فرق كبير في المبلغ الإجمالي" ، مضيفا "أتعامل مع الدعاية الانتخابية على أنها بيزنس كأي عمل آخر ، ولذلك لا أمانع في عمل دعاية لأي مرشح سواء إخواني أو مستقل أو فلول ، طالما سيدفع ، خاصة وأن ظروف الحياة صعبة ومتطلباتها كثيرة ، والعمل بمواسم". ومن جانبه ، أكد أسامة فتحي ،صاحب مطبعة بالمطرية، أن الانتخابات جاءت نجدة للجميع ، موضحا "أنعشت سوق العمل بعد أن كنا نعاني من بطالة في الفترة السابقة ، وأصبح مكن المطبعة يدور أخيرا بعد أن صدأ من الركنة" ، مضيفا "ورغم أن الموسم ما زال في بدايته ، إلا أن المرشحين أقبلوا على عمل الدعاية نظرا لقصر مدة الدعاية مقارنة بالانتخابات السابقة ، والمرشح الواحد يطلب كمية كبيرة على غير العادة ، لحساسية الانتخابات هذه المرة التى لم تحسم نتيجتها مسبقا لأعضاء الحزب الوطني ،كما كان يحدث في السابق ". وتابع "فتحي" : "المرشح يطلب عمل دعاية له على البلاستيك وعلى القماش ، والقماش هو الوسيلة التقليدية ، أما البانر أو البلاستيك ، ظهر مع الدعاية الإنتخابية الماضية ، وزاد الإقبال عليه هذا الموسم ، لأنه يستخدم ألوانا كثيرة ولافتة لأعين المارة في الشارع ، وبه حرفية أعلى من القماش ، كما أن فرق السعر بين القماش والبلاستيك ليس كبيرا جدا ، فمتر القماش يصل إلى حوالي 15 جنيها ، والبلاستيك يصل إلى 20 جنيها" ، مضيفا "الشغل رزق من عند الله ، وهناك مطابع وخطاطون كثر في المنطقة وبيتوزع الرزق حسب ما يريد ربنا ، ورزق الدعاية ممكن يبقى مساوي لرزق شغل السنة كله" ، متابعا "الانتخابات أكيد موسم شغل لنا بننتظرها كل 5 سنين ، ونتمنى أنها تجرى كل سنة" . ومن ناحيته ، أكد محمد خليل ،صاحب محل أقمشة في العتبة، أن الانتخابات حركت الركود الذي كانت تعاني منه سوق القماش منذ فترة ، قائلا "الانتخابات باب رزق بالنسبة لنا وبالنسبة لمصانع الورق أيضا ، فيكون هناك إقبال على شراء أتواب الأقمشة لعمل الدعاية وهو موسم جيد بالنسبة لنا ، وهناك المرشحين العتاولة يشتروا مباشرة من المصانع بكميات هائلة " ، مشيرا إلى أن "البفتة" هي نوع القماش المستخدم في الدعاية الإنتخابية منذ القديم ، مضيفا "هو نوع قماش جيد ورخيص لأن المرشحين يشترون كميات كبيرة جدا منه ، وسعر المتر فيه يتراوح ما بين 4 إلى 5 جنيهات ، وعادة بيستخدمها المرشحون بلونها الأصلي الأبيض ، والبعض الآخر يقوم بصبغها بألوان أخرى لجذب الناس ، وهذا النوع من القماش يقبل الصبغة بسهولة" ، متابعا "لكن منذ الانتخابات السابقة واللوحات البلاستيكية دخلت المنافسة مع القماش ، وبدأ المرشحون يلجأون لها لأنها أسهل ، لكن كثيرين مازالوا يتمسكون بالقماش باعتباره الوسيلة التقليدية للدعاية " ، مضيفا "منذ حوالي شهر بدأ الإقبال على شراء أقمشة الدعاية ، ولا نتوقع من موسم الانتخابات مكسبا محددا كل مرة ، لكننا نتوقع حدا أدنى والحمد لله نتخطاه ، فالانتخابات هذا العام أحدثت فرقا وعملت رواجا في حركة البيع والشراء التى كانت متوقفة منذ فترة" .