يبدو أن الدجاج والألبان واللحوم ستنضم إلى قائمة المحظورات على مائدة المصريين، خلال الفترة القادمة، بعد ارتفاع أسعار الأعلاف الحيوانية، التى تجاوز فيها الفارق، تقريبا نحو 1000 جنيه عن العام الماضي، وأرجع الخبراء ارتفاع أسعار العلف ومنها "البرسيم والذرة الصفراء، وفول الصويا" إلى ارتفاع الأسعار العالمية، وزيادة الاستهلاك عن الإنتاج، إضافة إلى "الفترة الحرجة" ما بين انتهاء موسم وبداية موسم جديد. أرجع الدكتور محمد النحراوي، مدير البرنامج القومي لمحاصيل العلف، مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية الأسبق، ارتفاع أسعار العلف، خاصة البرسيم، إلى "الفترة الحرجة"، وهي الفترة ما بين انتهاء موسم وبداية موسم آخر، موضحا "يعني الفترة ما بين انتهاء المحاصيل الشتوية وبداية زراعة المحاصيل الصيفية أو العكس، تعتبر فترة حرجة يقل فيها المعروض عن الطلب"، مشيرًا إلى أن الأعلاف الخضراء الخشنة سواء برسيم مصري أو حجازي، وهي محاصيل شتوية، تكفي للاستهلاك خلال فترة تواجدها فقط ، نتيجة المنافسة الشديدة بين زراعة البرسيم والقمح فى نفس الموسم، موضحًا "خاصة بعد اهتمام الدولة بزراعة القمح وتشجيع المزارعين لزراعته". وقال "نحن نزرع ما بين 2,5 و 3 ملايين فدان من البرسيم المستديم والتحريش، وننتج ما بين 50 و 60 مليون طن برسيم أخضر مصري سنويا والاستهلاك أكثر من الإنتاج، لأن مساحة الأرض المزروعة تقل طبقا لمساحة القمح المستهدفة" ؛ أضاف "النحراوي" :"وهناك أعلاف أخرى مركزة ومعظمها تأتي من الخارج كالذرة والصويا"، مؤكدا أن مصر تستورد أكثر من 90% من استهلاكها لتلك الأعلاف، وبالتالي فإنها تخضع فى أسعارها للأسعار العالمية، وهو ما جعل سعر الطن من الذرة يرتفع إلى نحو 2300 جنيه مقابل 1300 جنيه العام الماضي بفارق 1000 جنيه، ووصل سعر طن الصويا إلى 2850 جنيهًا مقابل 2300 جنيه العام الماضي ، موضحا " نستورد ما بين 4 و 5 ملايين طن ذرة سنويا ، ونستوردها من دول محددة هي أمريكا والأرجنتين والبرازيل، وتلك الدول تستخدم الذرة والصويا كوقود حيوي إضافة إلى قلة إنتاجها، كل ذلك يؤدي إلى ارتفاع هائل فى أسعارها". أشار "النحراوي" إلى أن الحيوانات "المجترة" كالأغنام والبقر والجاموس والحمير والخيول والأرانب والديوك الرومي، تعتمد بشكل أساسي على البرسيم كغذاء لها، بالإضافة إلى بعض الأعلاف الأخرى كالسيلاج والذرة، أما الدواجن فتعتمد بشكل رئيسي على الأعلاف المركزة كالذرة بنسبة 70% ، وكثب الكتان والصويا بنسبة 20%، مضيفا "مزارع الألبان والتسمين تعتمد أساسًا على الأعلاف المركزة والتى نستودها من الخارج ونتيجة لارتفاع الأسعار عالميا وقلة المعروض ، وتراجع الجنيه أمام الدولار، فإن ارتفاع أسعار الأعلاف يؤثر طرديًا على أسعار الألبان والدواجن وبنسبة مضاعفة، فإذا كانت الزيادة فى الأعلاف مثلا ما بين 60 و 70% فإن أسعار المنتجات تزداد بنسبة 120%".. من جانبه، أرجع الدكتور حسين منصور ،عميد كلية الزراعة، رئيس جهاز سلامة الغذاء، ارتفاع أسعار الأعلاف إلى قلة الإنتاج والتصدير إلى الخارج، موضحا "تراجع إنتاج القطن أدى إلى قلة كسب القطن، الذي يستخدم كعلف للحيوانات، علاوة على تصدير البرسيم على هيئة "دريس" ناشف لدول الخليج هذا أدى إلى أزمة كبيرة"، مضيفا "المشكلة فى البرسيم أنه يحتاج إلى مياه كثيرة، فالفدان مثلا يروى ب1000 متر مكعب ماء، وإذا كان الناتج 27 طن برسيم أخضر يتم تجفيفه ليصبح دريس ويصل إلى 4 أو 5 أطنان فقط ، أي أننا فى النهاية نصدر مياه وبرسيم للخارج، وبالنسبة للسوق المصري تقل كمية المعروض عن الاستهلاك من البرسيم ، وكثيرون يلجأون للتصدير لأنه فى حالة تصدير الدريس يرتفع المقابل المادي أكثر بالنسبة للمزارع والتاجر والمصدر". أكد "منصور" أن زيادة أسعار العلف تؤدي بالضرورة إلى زيادة أسعار الألبان والدواجن واللحوم ومن ثم زيادة أسعار الخضراوات والفاكهة وكل السلع الأخرى لأنها جميعًا مرتبطين ببعضهم فى حلقة واحدة ،على حد قوله. أشار مصدر بحثي، طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن مساحة محاصيل الأعلاف بلغت 2.3 مليون فدان تمثل 15.7% من المساحة المحصولية على مستوى الجمهورية البالغة نحو 14.67 مليون فدان كمتوسط سنوى للفترة (2002/2003) وحتى (2005/2006). كما بلغت قيمة الأعلاف نحو 20 مليار جنيه تمثل 90 % من قيمة مستلزمات الإنتاج الحيوانى البالغة نحو 21.97 مليار جنيه عام 2007، و 63 % من جملة قيمة مستلزمات الإنتاج الزراعى البالغة نحو 35.05 مليار جنيه لنفس العام، مضيفا أن مصر تعتمد على الاستيراد من الخارج فى توفير الشطر الاكبر من احتياجاتها من مكونات الأعلاف. تعتبر الذرة الصفراء وفول الصويا أهم واردات مصر من مكونات الأعلاف حيث بلغت واردات مصر من الذرة الصفراء نحو 4.35 مليون طن قيمتها نحو 4.03 مليار جنيه بالاضافة إلى نحو 760 ألف طن فول صويا قيمتها نحو 1.490 مليار جنيه. أضاف المصدر، أن مصر تعتمد فى الحصول على وارداتها من الأعلاف على عدد محدود من الدول، هي "الولاياتالمتحدةالامريكية، والارجنتين، والبرازيل" واتجاه تلك الدول الى استخدام كل من الذرة الصفراء وفول الصويا فى إنتاج الوقود الحيوى أدى الى ارتفاع اسعارها وزيادة العبء على الميزان التجارى الزراعى من ناحية وصعوبة الحصول عليها من ناحية أخرى، على حد قوله. أشار "المصدر إلى أن جملة احتياجات الثروة الحيوانية في مصر من الأعلاف تقدر بنحو 41.6 مليون طن من الأعلاف الخضراء ونحو 10 ملايين طن "تبن"، ونحو 16.6 مليون طن من الأعلاف مركزة عام 2008، ولفت إلي أن المتاح للاستهلاك من الأعلاف في مصر يقدر بنحو 64.20 مليون طن من الأعلاف الخضراء ،و5.92 مليون طن من الأعلاف المركزة. وأوضح أن واردات مصر من الذرة والصويا أخذت اتجاهًا عامًا متزايدًا، إذ وصل حجم استيراد الذرة الصفراء عام 2008 إلى 4.96 مليون طن وبلغ ثمنه حينها 1174.9 جنيه، أما الصويا فقد وصلت كمية استيرادها، نفس العام إلى 1.14 مليون طن ووصل ثمنه حينها إلى نحو 2120.7 جنيه.