بدأ الاستخدام السياسي للإنترنت فى مصر مع ظهور وانتشار "المدونات" أواخر عام 2004 ثم انتقل منها إلى الشبكات الاجتماعية خاصة الفيس بوك وتويتر ويوتيوب،وبعدها تزايدت الحملات الإلكترونية والمجموعات الخاصة بمختلف القوى السياسية الناشطة فى المجتمع المصري، والتى أسهمت فى حدوث حالة "جديدة "من الحراك السياسي والاجتماعي ولعل أهم القوى التي وجدت فى الإنترنت أدوات مهمة ، تمكنها من التواصل مع الجمهور،هى الأحزاب السياسية لكن السؤال الذي يطرح نفسه ونحن على أعقاب انتخابات تشريعية هامة هل نجحت الأحزاب فى توظيف الإنترنت،وما تتيحه من أدوات غير محدودة للدعاية السياسية والحزبية الإلكترونية؟ وهل يمكن أن تغير من واقعها أولا ومن الواقع حولها ثانيا لمجرد استخدامها فضاءات الشبكة العنكوبتية التى لا تحتاج إلى أكثر من " clik" .. بعد أن فشلت فى أن يكون لها تأثير حقيقى فى الشارع المصرى؟؟؟ عن تقييم تجربة الأحزاب المصرية فى توظيف الانترنت يرى عادل عبد الصادق الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام والمتخصص فى الإعلام الجديد أن مواقع الأحزاب على الإنترنت تعد تعبيرا عن الواقع الفعلى لها من ناحية طبيعة الحراك السياسي الذي تشهدة البلاد ونحن على أعقاب انتخابات تشريعية في 28 نوفمبر القادم وكذلك الإنتخابات الرئاسية العام القادم وهو ما أدى إلى إستنفار سياسي للأحزاب السياسية لدعم مرشحيها وحشد الناخبين عن طريق الإنترنت سواء أكان ذلك عبر رسائل المحمول أو المواقع الخاصة بها على الإنترنت و شبكاته الاجتماعية . ويعد الحزب الوطني من أكثر الأحزاب السياسية استخداما للإنترنت مقارنة بغيره من الأحزاب وذلك يرجع إلى امكانيات الحزب المادية والبشرية باعتباره الحزب الحاكم في المقام الأول ، حيث شهد مؤخرا تغييرا فكريا فى استخدام الإنترنت في نشاطه مثل إطلاقه لحملات إلكترونية تستهدف الشباب جاءت مواكبة لنشاط حزبي داخل الجامعات لجذب الشباب لأفكار الحزب كما شهد موقعه الإلكترونى تطويرا في القسم الفنى و التحريرى والإداري وتم إضافة أبواب جديدة وإجراء مقابلات لبعض قيادات الحزب على موقع الفيس بوك فضلا عن التحول إلى الربط بين أمانات الحزب الوطنى فى المحافظات مما أدى إلى سهولة عملية التنسيق والمتابعة لنشاط الحزب بينها أما بالنسبة لكتاب موقع الوطني فقد تميز بالإنغلاق على مجموعة محددة أقرب ما تكون إلى فريق العمل وحتى على الرغم من وجود خدمة التعليقات فانها تحظي بمشاركة تكاد تكون معدومة ويكون أغلبها مؤيدا لسياسة الحزب وهو ما يعكس إنغلاق الحزب على ذاته . ومن ثم فإنه على الرغم من إيلاء الحزب الوطني اهتماما متأخرا للإنترنت كأداه فإن عليه أيضا أن يهتم بالرسالة نفسها "فكر جديد" التي يحملها والتي يجب أن تكون على قدر من التجديد والابتكار . وأشار إلي أن مواقع أحزاب المعارضة ضعيفة فى المحتوى والكثير منها يفتقد لخدمة التعليق على المحتوى و تعد مجرد نقل لصحيفة الحزب وما ينشر فيها، مثل مواقع حزب التجمع ،كذلك لم تعط أهمية أكبر للحديث عن الحزب و أهدافه ونشاطه الفكرى مثل العربي الناصرى مقارنة بالوفد الذى يفرد موقعا خاصا يضع رابطا له فى موقع الجريدة .كذلك الحال مع موقع الغد الذى جاء أقل تطورا فضلا عن سيطرة أخبار ومقالات أيمن نور على المادة الإعلامية للموقع وتظل تجربة حزب الجبهة الديمقراطية مميزة بسبب اعتماده على الإنترنت فى تأسيسه وتغطية نشاطه بديلا عن إصدار جريدة . وكشف عن أن موقع الوطني كغيره من الأحزاب لا يهتم بالتوعية الانتخابية ولا بالخدمات التى تسهم فى نشرها مثل مراحل استخراج البطاقة الانتخابية وكيفيه الإنتخاب .... وطالب بالاهتمام بمساعدة الحملات الإلكترونية الأخرى التى تهدف إلى إحداث تغيير ثقافي و اجتماعي بالمجتمع والتى تنطلق من حس وطنى يحتاجه الحزب فى الفترة القادمة ، و مد جسور التواصل مع المصريين فى الخارج للتعرف على المشاكل التى تواجههم والاستفادة بخبراتهم فى خطط وعمليات التنمية المختلفة. مؤكدا على أن عدد المشاركين على مواقع الشبكات الاجتماعية مثل الفيس بوك لا يعبر عن تأييد حزبي يمكن ترجمته إلى مشاركة فى العملية الانتخابية ولا يعنى التواجد بين الناس بل يجب ترجمته من خلال تواجد القيادات الحزبية بين المواطنين لمناقشة قضاياهم ومساعدتهم فى حل مشكلاتهم. ويتفق معه د.سعيد صادق أستاذ الاجتماع السياسى بالجامعة الأميركية فى أن الإنترنت وغيرها من وسائل الإعلام لايمكن لها أن تخفى سياسات فاشلة أو تخلق مصداقية لساسة أو أحزاب عاجزة عن التواجد على أرض الواقع فتبحث عنه فى الفضاء التخيلى للإنترنت. وقال إن أغلب التواجد الاعلامى الحزبي على الإنترنت ضعيف وغير مؤثر حيث ظلت الأحزاب المصرية أسيرة وسائل الإعلام التقليدية خاصة الصحيفة الورقية. وإنشاء مواقع لها على شبكة الانترنت لم يؤدى إلى تحول مؤثر فى شعبيتها لدخولها هذا المجال متأخرة وإتباعها أساليب تقليدية على الانترنت لاتجذب الشباب . لكن الدكتور محمود خليل أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة يوضح أن مفهوم الديمقراطية الإلكترونية ظهر كرؤية جديدة تسمح للأحزاب والحركات السياسية والقوى الفاعلة داخل المجتمع بعرض برامجها وأفكارها والتواصل مع الأفراد العاديين عبر الانترنت إلي جانب إتاحة حق التصويت الإلكتروني. هذا المفهوم ساعد كل القوى السياسية علي الوجود الإعلامي المتعادل على الإنترنت وهو ما يصعب تحقيقه فى وسائل الإعلام التقليدية والتجربة الأمريكية أبرز مثال على ذلك عندما نجح الرئيس الأمريكي فى توظيف خدمة تويتر فى نشر شعار حملته الانتخابية وقد ظهرت أصداء مبكرة لتلك التجربة فى الحياة السياسية المصرية حيث بادرت بعض الأحزاب إلى إنشاء محطات إذاعية لها على الإنترنت مثل " راديو الغد " لحزب الغد و " راديو المصريين" للحزب الوطنى ثم بدأت الأمور فى التزايد بعد انتعاش موقع يوتيوب . والواقع أن التوظيف السياسي للإنترنت ظاهرة واعدة ترتبط بجيل جديد من النشطاء الذين يحاولون ممارسة السياسة بأدوات العصر التى تمنحهم الفرصة والقدرة على التواصل مع أبناء جيلهم ممن يتحدثون بلغة الإنترنت . ويشير الدكتور حسن أبو طالب المستشار بمركز الدراسات السياسية و الاستراتيجية بالأهرام إلى أن الأحزاب السياسية أدركت أن آلياتها التقليدية لم تعد تكفى للتواصل مع الجماهير وخاصة الشباب المنجذبين لتلك الآليات الجديدة للتواصل مثل الشبكات الاجتماعية بأنواعها فبعد ظهور حركة 6 ابريل بدأ الحزب الوطنى و غيره من الأحزاب فى تكثيف استخدام وتوظيف تلك الآليات للوصول إلى قطاعات أخرى لم يكن من السهل الوصول إليها قبل ذلك . لكن ليس من السهلر التيقن من حجم التأثير الفعلى لهذه الشبكات الاجتماعية على قوة و شعبية الأحزاب على أرض الواقع أو الالتفاف حول القيود وخلق انتماءً حزبي مزيف بسبب غياب الإحصاءات و الدراسات الدقيقة و لأن ليس كل ما تقدمه الأحزاب عبر الإنترنت يتأثر به الجميع بنفس القدر، فمثلا عندما تطلق الأحزاب دعوات عبر مواقعها لدعوة مناصريها للمشاركة فى الانتخابات واختيار مرشحيها بالتأكيد قد يتأثر البعض و لكن يصعب تقدير النسبة و بالتالى يصعب تقدير فعالية و تأثير الشبكات الاجتماعية وغيرها من آليات الإنترنت على المشاركة السياسية لأن الحراك الحقيقي فى أى مجتمع هو الذى يتطلب وقت وجهد على أرض الواقع الفعلى فى الشارع و ليس الواقع الافتراضي بالرغم من أن وجود مثل هذا الحراك على الإنترنت قد ساهم إلى حد ما فى رفع الوعى السياسي لدى الشباب نتيجة لنجاحها فى استقطابهم و ربما بعد 5 أو 10 سنوات نستطيع اكتشاف حجم تأثير الإنترنت و آلياته على المشاركة السياسية .