تصاعد ملحوظ يشهده الصراع بين تجار وصناع مواد البناء وبالتحديد الحديد والاسمنت, حيث هدد التجار ممثلين في شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية بتقديم بلاغ للنائب العام ضد كل من وزير الصناعة والتجارة الخارجية والاجهزة الرقابية المسئولة فضلا عن منتجي الحديد بتهمة تيسير الاحتكار واصدار القرارات المشجعة عليه علي رأسها قرار وزير الصناعة سبب الازمة كما يرون بفرض رسوم وقائية ضد الحديد المستورد للحد من دخوله البلاد لاتاحة الفرصة لهيمنة المنتجين المحليين علي السوق الذي تسبب في اشتعال اسعار الحديد لتتجاوز سقف ال5 آلاف جنيه بزيادة قيمتها الف جنيه في الطن خلال شهرين فقط منذ صدور القرار.. في المقابل تنفي غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات ممثلة عن شركات انتاج الحديد مسئولية رسم الوقاية في زيادة اسعار الحديد, مرجعة السبب الي ارتفاع سعر الدولار, كما طالبت- في خطوة تصعيد من قبلها- بزيادة قيمة رسم الوقاية المقدرة ب6.8% الي ما يتراوح بين10 و15%, وذلك لتعويض الخسارة التي تتكبدها الشركات نتيجة ارتفاع تكاليف الانتاج وزيادة سعر الدولار.. وذلك حسمبا اكد ممثلو التجار والصناع في تصريحات خاصة لالأهرام الاقتصادي في مواجهة اجرتها بينهما. من جانبه قال المهندس محمد سيد حنفي مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات ان الغرفة تصر علي مطلبها الذي نادت به أول مرة بأن تقدر نسبة رسم الوقاية ما بين10 و15% وليس6.8% كما اقرته وزارة الصناعة, موضحا ان النسبة المطلوبة هدفها تغطية الفرق في تكلفة الانتاج نتيجة ارتفاع تكاليف الانتاج محليا بما يعوض الخسارة كذلك يضيف هامشا من المكسب للصناع. واضاف ان قيمة الرسم الحالية لم تف بغرضها بعد, فلم يستفد الصناع منها حتي الان, حيث انها تقدر بحوالي300 جنيه في الطن وذلك بسبب ارتفاع سعر الدولار الذي انعكس سلبا علي تكلفة الانتاج وادي الي ارتفاعها, بما يجعل قيمة الرسم علي المستورد غير مؤثرة للدرجة المطلوبة لزيادة تنافسية المنتج المحلي. وفسر حنفي سبب ارتفاع سعر الحديد المحلي خلال الشهرين الماضيين فقد وصلت الزيادة به الي حوالي الف جنيه في الطن, حيث كان يقدر بنحو4085 خلال شهر نوفمبر2011 في حين يقدر حاليا ب5085 تقريبا, موضحا ان سبب زيادة الاسعار ليس فرض رسم الوقاية علي واردات الحديد وسيطرة المنتجين علي الاسواق كما يدعي التجار وانما سببه ارتفاع سعر الدولار, موضحا ان سعر الدولار في نوفمبر- اي قبل فرض رسم الوقاية- كان يبلغ5.95 جنيه, في حين يقدر سعره حاليا ب7 جنيهات بالبنوك, بما انعكس سلبا علي تكلفة استيراد طن البليت- خامة الانتاج الاساسية لصناعة الحديد- من الخارج وذلك علي الرغم من الثبات النسبي لسعر البليت عالميا خلال الشهرين الماضيين حيث لم يرتفع سوي ما يتراوح بين5 و10 دولارات للطن. ونفي حنفي ادعاءات عدم وجود مبرر لفرض رسم الوقاية نتيجة انخفاض الواردات السنوات الاخيرة بما لا يدع هناك حاجة للحد منها, مؤكدا عدم صحة هذه الاقاويل, مستندا الي بيانات موثقة من الجهاز المركزة للتعبئة والاحصاء تفيد بان واردات الحديد العام الماضي ارتفعت بشكل يقارب ما كانت عليه قبل الثورة, حيث قدرت بنحو386 مليون دولار, موضحا ان العام الوحيد الذي شهد انخفاضا للواردات كان عام الثورة2011, حيث لم تتجاوز قيمتها276 مليون دولار وذلك نتيجة الاضطرابات الشديدة التي شهدها الاقتصاد المحلي علي رأسها اغلاق المواني والانفلات الامني, مؤكدا ان تدفق واردات الحديد للسوق المحلي خاصة من تركيا واوكرانيا كان لا يزال مؤرقا للمنتج المحلي, وذلك في ظل الارتفاعات المتوالية في تكاليف الانتاج محليا مقابل الدعم الذي يحصل عليه المنتج المستورد بما كان يتيح للمستورد الفرصة لخفض سعره لدرجة تنافسية امام المنتج المحلي محتميا بدعم بلاده, بما كان يضمن للمستورد نسبة مرضية من المكسب بالسوق المصري وذلك بشكل دائم, الامر الذي كان يستوجب فرض رسوم وقائية علي المستورد للحد من دخوله. ولفت حنفي الي ان ارتفاع سعر الدولار حاليا يقلل من تنافسية المنتجين المحلي والمستورد علي السواء وذلك لارتفاع السعر, مشيرا الي انه حتي اذا ألغي رسم الوقاية فان المنتج المستورد لن يكون اقل سعرا بل سيقارب نفس السعر المحلي للسبب نفسه. ونفي حنفي كذلك مسئولية شركة حديد المصريين لصاحبها احمد ابو هشمية وراء فرض رسم الوقاية كما يتردد حاليا, مؤكدا ان طلب فرض رسم الوقاية تقدمت به12 شركة من اعضاء الغرفة, ذلك الي جانب ان هذا الطلب طالبنا به عدة مرات علي مدار السنوات الماضية منذ عهد المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة الاسبق, غير انه كان يقابل بالرفض بسبب عدم قناعة الوزارة بوجود خسارة حقيقية للشركات تستدعي التعويض برسم الوقاية, وبالتالي فانه عندما قوبل حاليا جري فرضه بنسبة6.8% فقط لرؤية الوزارة انها تغطي قدر الخسارة المحققة فعليا. في المقابل, اعترض احمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية علي تبريرات الصناع- حسبما وصف- حول زيادة سعر الحديد خلال الشهرين الماضيين, مؤكدا ان زيادة سعر الحديد غير مرتبطة بزيادة سعر الدولار, وذلك لان اول زيادة في سعر الحديد حدثت في اول شهر ديسمبر2011 وكان قدرها350 جنيها دفعة واحدة, وذلك بمجرد صدور قرار فرض رسم الوقاية علي الواردات بتاريخ2 ديسمبر, وذلك كان قبل زيادة سعر الدولار حيث كان يقدر سعره انذاك ب6.10 جنيه. وتابع: ان توقيت فرض رسم الوقاية الذي يعد المسئول الرئيسي عما يعانيه السوق المحلي حاليا من سيطرة المنتجين واحتكارهم للسوق يثير كثيرا من علامات الاستفهام, حيث ان توقيته جاء في اول الشهر, بما يثير شكوكا في وجود ترتيب مسبقا لصدور القرار فيما بين وزير الصناعة والمنتجين ليصدر القرار مطلع الشهر حتي يتمكنوا من تحريك اسعارهم استفادة منه. واضاف الزيني ان ما يثير الشكوك ايضا ما كان يروجه الصناع من احتمالية قدوم الحديد الصيني لمصر وخطورته علي الصناعة المحلية لاستحالة منافسته, مشيرا الي ان ذلك كان مجرد شائعات اطلقتها الغرفة والصناع للضغط علي الوزير وتهيئة الاجواء المهتمة لفرض رسم وقاية علي المستورد, مؤكدا ان ذلك ما حدث فعلا حيث لم يظهر حديد صيني في السوق ولم يتم استيراده او التعاقد عليه من الاساس. وقال ان قيمة الف جنيه التي زادت علي سعر طن الحديد لم تكن بفعل ارتفاع اسعار الدولار حيث انها بدأت تتخذ مسارها فعليا منذ فرض رسم الصادر, بحيث ترتفع تدريجيا كل شهر حتي وصلت حاليا الي هذه القيمة, كاشفا عن عدم صحة ادعاءات الصناع بتحملهم تكاليف كبيرة نتيجة ارتفاع تكلفة استيراد البليت وذلك لاعتماد المصانع الثلاثة الكبري' عز وبشاي والسويس' علي تصنيع البليت محليا من خلال مصانع التوسعات التي انشأتها مؤخرا, وبالتالي فان استيراد هذه المصانع يقتصر علي الخردة فقط التي لا يزيد سعرها علي400 دولار, بما يعني ان زيادة سعر الدولار لن ترفع سعر المنتج النهائي سوي250 جنيها فقط في الطن وليس الف جنيه. واضاف الزيني انه لم يكن هناك مبرر اساسا لفرض رسم الوقاية وذلك لانخفاض حجم الوادرات حيث لم يتعد حجم الحديد التركي المستورد300 الف طن خلال2012 وذلك مقابل8 ملايين طن حجم الانتاج المحلي من الحديد, بما يؤكد عدم وجود الداعي لفرض الرسم لانخفاض المعروض من المستورد بما لا يشكل تهديدا للمنتج المحلي, مجددا مطلبه بحتمية إلغاء الرسم للحد من ارتفاع المنتج المحلي. وتطرق الزيني في سياق متصل الي ازمة اسواق الاسمنت والممارسات الاحتكارية التي يقوم بها منتجوه ايضا- كما وصف- مشيرا الي ان سعر الاسمنت ارتفع بقيمة150 جنيها في الطن دون مبرر او سبب, حيث ان جميع مدخلات انتاجه محلية ولا تستورد من الخارج, حتي ان زيادة اسعار المازوت التي فرضتها الحكومة مؤخرا بنسبة50% لم يتم تطبيقها بعد. واضاف ان ما يؤكد احتكار شركات الاسمنت اتفاق الشركات جميعها علي خفض الانتاجية ورفع السعر الي هذا المستوي في توقيت واحد, بما يمثل اتفاقا احتكاريا صريحا يجرمه القانون. واشار الي ان تمادي شركات الاسمنت في طغيانها في السيطرة علي السوق يرجع سببه الي اهمال الاجهزة الرقابية القيام بدورها علي الوجه المطلوب خاصة في ظل امتداد ممارسات منتجي الاسمنت لسنوات عديدة ماضية, كذلك شركات الحديد التي عادت للاحتكار ثانية بعد احتكار عز, وذلك دون اي تحرك من الجهات الرقابية الامر الذي شجع المنتجين علي التغول والهيمنة علي الاسواق. وطالب رئيس شعبة تجارة مواد البناء بالقاهرة بتحويل قطاعي الحديد والاسمنت الي جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لوضع حا للممارساتها الفاسدة بالسوق المحلي, كما هدد بالتقدم ببلاغ للنائب العام ضد كل من المهندس حاتم صالح وزير الصناعة والاجهزة الرقابية المختصة' جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحكتارية وجهاز حماية المستهلك' اذا لم يتم اتخاذ الاجراءات اللازمة لردع شركات الحديد والاسمنت عن الممارسات الاحتكارية ومعاقبتها عما اتته من ممارسات اضرت بالسوق المحلي وعلي رأس هذه الاجراءات إلغاء رسم الوقاية المفروض علي الواردات, كما طالب بفرض تسعيرة جبرية علي منتجي الحديد والاسمنت اذا لم تلتزم الشركات بالاسعار الحقيقية, وذلك وفقا لاحكام قانون الاحتكار حيث تتيح المادة10 منه فرض تسعيرة جبرية علي الشركات التي تقوم بممارسات احتكارية بالسوق بما يؤدي الي طرح المنتج بسعره الحقيقي مع اضافة هامش ربح معقول ومتفق عليه للشركات وذلك لمدة زمنية محددة لا تزيد علي6 اشهر بهدف بث الاستقرار بالسوق المحلي والحد من ممارسات الشركات, خاصة بعد استغلالها للفوضي الاقتصادية وضعف الدولة خلال العامين الماضيين*